إحدى أهم العقبات التى تواجه مناهج الإصلاح فى الخطاب الإسلامى المعاصر، هى فوضى المصطلحات، التى خلَّفت قواعد راسخة سدت كل السبل الوسيعة، التى كان من المفترض أن تكون معبدة ويسيرة أمام إرساء هذه المناهج, والقصد بالتأكيد يتوجه لفوضى المصطلحات المتوارثة والمبنية على فهم بلا ضابط، وقواعد بلا أسس.
ولعلنا لا نجد عقبة كؤودا أكبر من مصطلح «فهم السلف الصالح»، أو «القرون الثلاثة المفضلة»، لتقف أمام أى محاولات فردية أو جمعية للتجديد أو الإصلاح, حيث خلَّفت هذه المصطلحات فى عقبها عدة قواعد عقلية خرقاء، مثل «لو كان خيرا لسبقنا إليه الأولون»، أو «ما ترك الأولون شيئا للآخرين»، ومن هذه التراكيب اللغوية وعلى شاكلتها، تبلورت وتأسست قواعد فى مجملها لا تخرج عن هذا النطاق، الذى يجعل من السلف سدنة وحراسا، ومن نتاج عقولهم فهما أزليا أبديا لنصوص الدين، مما رسخ عند عموم العقل المسلم بُغضه لأى تجديد، ورفضه لكل فكرة قد تؤدى إلى فهم مخالف لما سمع، أو فهم، أو اعتقد الأولون من السلف، ما يجعلنا نتساءل: هل الدين هو ميراث أم كسب؟ أو بمعنى مقارب هل الدين هكذا كما جاءنا محملا بشروحه ونقولاته وتفاسيره وحواشيه، هو ميراث لا يجب رده أو تقسيمه أو تعديله قياسا على الإرث المادى، أم الدين كما يفهم العقلاء، هو عملية كسبية متجددة، لا يمكن أن تحد بأُطر متخشبة ومتجمدة, بل هو عملية تفاعلية مستمرة بين النص والواقع قديما وبين الواقع والنص فى الوقت المعاصر.
وكما قلنا فإن هذه القاعدة قامت على فهم للنصوص، كان يجب ألا يتخطى مرحلته الزمنية إلى مئات القرون بعده، وقد ترسخت هذه القواعد فى الوعى المسلم ابتناء على فهم مضطرب لحديث نبوى أخرجه البخارى ومسلم, وقد يستحق هذا الفهم المراجعة والبيان، لما له من أثر فادح ضرب فى الأعماق روح التجدد والمعاصرة فى الإسلام.
الحديث برواية البخارى:
الرواية الأولى:«عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنى ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ». (2652). ومسلم (2533).
أنت تقرأ
الإسلام الآخر _ إسلام حر
Historical Fictionإسلام حر _ يعني إسلام بعيد عن أي شئ علق به إلا نص الدين _ إسلام بحيري