◄لو دخل رجل بطفلة صغيرة قبل البلوغ لكانت تلك عملية اغتصاب مكتملة الأركان
كيف يمكن أن نتحدث عن التجديد فى الفكر الدينى, وعن إرساء مناهج الإصلاح فى الفقه الإسلامى, طالما كان شيوخ الفضائيات، ينشدون أسماع المسلمين، ويطربونهم بفتاوى، كالتى خرج علينا بها مفتى المملكة منذ أيام فى جريدة «الحياة» اللندنية، بأن تأخير سن زواج الفتيات إلى 12 سنة هو ظلم لهن وخطأ كبير, الرجل يقول إن سن الزواج الطبيعية للفتاة هى العاشرة, وإن التأخير لسن الثانية عشرة هو الخطأ وهو الظلم وليس العكس.
ولكن هذه الفتوى ليست بدعا من الفتاوى, بل هو حكم حاز إجماع علماء السلف من المتقدمين والمتأخرين, بجواز الزواج بالرضيعة والصغيرة وكذلك الدخول بها, هذا الإجماع العفن أقرته كل المذاهب بلا استثناء, والحقيقة أن المشكلة لا تكمن فى الإجماع ذاك، بل فى الأصل والدليل الذى استنبط منه أهل التراث هذا الحكم، بجواز تزويج الصغيرة والدخول بها, فقد اعتمد أهل التراث على أصلين-بزعمهم- فى ذلك الإجماع وهما:
الأول:
قول الله:«وَاللَّائِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا»، الطلاق 4. فقالوا إن معنى «لم يحضن» أن الصغيرة تتزوج ويدخل بها الزوج قبل بلوغ الحيض.
الثانى:
الآثار المروية عن زواج النبى بالسيدة عائشة، وهى فى عمر ست سنوات، والدخول بها وهى فى عمر تسع سنوات. والمؤسف أن الأصلين لا يصلح منهما شىء كدليل على تزويج الصغيرة والدخول بها قبل البلوغ, فقد أصاب العوار فهم أهل التراث فى تعاملهم مع الأصلين السابقين كما سنوضح:
أولا:
جاءت الآية القرآنية فى سورة الطلاق فى سياق يحدد فيه رب العزة أحكام الطلاق للأسرة المسلمة، عناية لها وتأكيدا على الوقاية من اختلاط الأنساب, وقد كان رب العزة قد سبق فى تحديد عدة المرأة المطلقة فى الوضع الشائع والغالب، بقوله تعالى: «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ»، البقرة 288, - ثلاث حيضات لتستبرئ رحمها- ثم جاءت الآية التى نحن بصددها فى سورة الطلاق، لتحدد عدة المطلقة فى الأحوال المختلفة على وجه الحصر، بقول الله فى مفتتح الآية: «وَاللَّائِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ» ثم تسترسل الآية فى بيان الحالات الثلاث معطوفة على كلمة «نسائكم» بلا استثناء, إذن فالضابط الأول لفهم الآية النظر فى معنى كلمة النساء, فنجد القرطبى يقول: «والنساء اسم ينطلق على الكبار كالرجال فى الذكور، واسم الرجل لا يتناول الصغير؛ فكذلك اسم النساء والمرأة لا يتناول الصغيرة» الجامع (5/13), وكذلك نجد فى لسان العرب وغيره, إذن فالآية يقينا تتحدث عن نساء, ناضجات كما هو مفهوم من إطلاق اسم النساء, كما لا يُتصور أيضا أن الآية تبين الحكم حول «اللائى لم يحضن»، بعطفه على كلمة «النساء»، ثم يقول المفسرون إن «اللائى لم يحضن»، هن البنات الصغار قبل البلوغ, ثم تختتم الآية الخطاب بحكم الحالة الأخيرة فى الطلاق وهى المرأة الحامل, لذا فإن الآية لغويا وسياقيا، توجه الخطاب لنساء ناضجات طلقكن بعد أن دخل بهن أزواجهن لتبين عدتهن, فكيف للفقهاء والمفسرين أن يزعموا أن قول الله: «وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ» موجه للبنات الصغيرات، وذلك إهدار كامل للمعنى اللغوى والسياقى كما بيَّن عموم الخطاب فى الآية بقوله تعالى: «مِنْ نِسَائِكُمْ», لنجد المفسرين بكل تساهل يفسرون الآية بخلاف معناها, فيقول الطبرى: «لم يحضن من الجوارى لصغر» (23/452), ويقول ابن كثير: «الصغار اللائى لم يبلغن سن الحيض» (8/149), وهذا فهم خاطئ وسقيم لا يتفق مع الآية لغة ولا سياقا, فالبنات الصغار لا تنادين بالنساء فى صحيح لسان العرب, والقرآن هو اللسان العربى المبين.
أنت تقرأ
الإسلام الآخر _ إسلام حر
Historical Fictionإسلام حر _ يعني إسلام بعيد عن أي شئ علق به إلا نص الدين _ إسلام بحيري