السفهاء هم الذين استنبطوا أن آية الميراث تعنى إلحاق المرأة كنصف للرجل فى مماتها.. وبالتالى فإن ديتها نصف دية الرجل
لم ييأس الفقهاء القدامى من توالى تقديم عورات وسوءات آرائهم البغيضة، والتى لم نجن من ورائها إلا التشويه الكامل لنصوص الشرع، الظاهرة الصريحة، والتخريب الشامل لروحه الرحبة العادلة, وقد قلنا نصا فى مقالنا «تقديس الفقه»، والذى نشر فى «اليوم السابع» الإلكترونى، عن صنيع الفقه التراثى ما نصه: «فبَدءُ تكوُّن المذاهب الفقهية ،وإن اختلفت مرجعية أسبابه التاريخية، كان فى المجمل لوضع حلولٍ لنوازل مستجدة فى المجتمع الإسلامى حينها، حيث سعى ما اصطلح على تسميته الفقه، إلى محاولة ضبط الواقع الجديد بالشرع السابق عليه، ورغم وجاهة الفكرة تنظيرياً، إلا أن التطبيق كما أصاب حيناً، فقد جنح كثيرا عن الهدف الأكبر من نشوء فكرة المذاهب، فكما أهدى إلينا الفقهاء الأوائل مجموعة من التمارين العقلية، وطرق البحث والاستنباط والاستدلال، وتخريج الأحكام، أهدوا إلينا أيضا جنوحا فى التطبيق، وبُعدا عن استلهام روح وسمت هذا الدين السهل اليسير الخالى من التعقيدات، وكان لهذا الجنوح أكبر الأثر فى تشويه روح الشريعة، والابتعاد عن قيمها الكلية وقواعدها الكبرى».
وهذه هى الحقيقة المرة، فالفقهاء جنحوا بشدة عن ظواهر النص وروحه إلى أقوال ظالمة بغيضة, والأبغض أنهم عقدوا عليها الإجماع الذى يشهرونه كسلاح احترازى فى وجه المخالفين.
وتتمة واستتباعا لما فندناه فى المقالات السابقة، عن الفهم السقيم الذى ورثنا منه النصوص الشرعية الراقية، محملة بركام المفاهيم التراثية, نحاول استجلاء الطروحات التى اعتقد الغافلون أنها من أحكام المشرع الحكيم، حول القصاص فى الإسلام قتلا ودية.
فالقصاص فى الإسلام باب واسع، كانت مغازيه وأهدافه تفوق التطبيق الفعلى الجسمى، الذى اتسمت به اليهودية، آخذة به إلى نظرة راقية تؤسس للسلم الاجتماعى, وتحذر من حدوث جريمة القتل التى من غير المتصور حدوثها فى مجتمع راق، يدين بروح الشريعة العادلة, بل لم يشدد سبحانه فى آياته الحكيمة، قدر ما شدد فى جريمة القتل العمد فقال جل وعلا: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» النساء 93, ثم عمم رب العزة الخطاب القرآنى، لكى لا يعتقد جاهل أن الروح المصونة هى الروح المؤمنة فقط, فقال رب العزة: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» الأنعام 151, ومن هنا بينت الشريعة للعاقلين فقط، أن النفس الإنسانية فى القصاص واحدة، مؤمنة أوكافرة مذكرة أو مؤنثة, وأن إزهاقها محرم على كل أحد، وفى كل وقت، إلا بالحق.
أنت تقرأ
الإسلام الآخر _ إسلام حر
Historical Fictionإسلام حر _ يعني إسلام بعيد عن أي شئ علق به إلا نص الدين _ إسلام بحيري