كتب التراث ليست مقدسة

8 0 0
                                    

التربية الفكرية الخاطئة التى نشأنا عليها فى أسرنا ومدارسنا ومجتمعاتنا فى التعامل المقدس مع التراث الديني, هى مقدمة سيئة لنتيجة أسوأ نقطف ثمار الحنظل منها الآن

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

التربية الفكرية الخاطئة التى نشأنا عليها فى أسرنا ومدارسنا ومجتمعاتنا فى التعامل المقدس مع التراث الديني, هى مقدمة سيئة لنتيجة أسوأ نقطف ثمار الحنظل منها الآن. فقد تربينا وشَببنا على قدسية هذه الكتب, والقدسية هنا بمعناها الحرفي, فبعد أن كان التقديس للنص الإلهى، ثم لِما ثبت صحته بنسبة تقترب إلى اليقين من سنن وأقوال النبى الكريم, انسحبت وتخطت هذه القدسية لتعم كل ما كتب ودوِّن إلهيا كان أم بشريا, وأصبحت كتب التراث مقدسات إسلامية محفوظة بحفظ الله... وعليه فإن أى باحث أو عالم أو مفكر ممنوع عليه الاقتراب أو التصوير من هذه الكتب وممنوع عليه الإيماء ولو بالإشارة إلى نقدها, وإذا ما فكر أن يقول للناس من خلال دراسات أكاديمية إن كتب التراث الدينى اكتتبها بشر أمثالنا يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق وإنها يجوز أن تنزل منزل النقد ككل عمل بشرى وإنها تحتمل القبول والرفض والصدق والكذب والصحة والخطأ والإصابة والزلل, فيا ويله ويا كحل سواد ليله, لذا فإننى عندما شرعت فى كتابة هذا المقال عن المقدسات التراثية المتوهمة ارتأيت أن أدلل عليه بشيء ملموس وواقعى من وحى ردود السادة القراء على المقالين السابقين.

فالسياقات العامة لأغلب الردود كانت تدور حول فكرتين أساس، يتقاطعان ويتداخلان كثيرا مع محور مقالنا عن المقدسات فى حياتنا الدينية, فالفكرة الأولى التى تكررت كثيرا فى ردود القراء كانت تتلخص فى أن هذه الروايات التى ذكرتها فى المقالين لا تؤثر فى أصل الإيمان, وأننا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام, أما الفكرة الثانية فسوف أتركها للمقال القادم إن شاء ربي, ونعود للفكرة الأولى، أن هذه الروايات لا تؤثر فى إيماننا, ولا فى صورة النبى الكريم, وأنا أتساءل وعلى فرض أن الروايتين اللتين ناقشتهما فى المقالين السابقين هما الروايتان الوحيدتان المسيئتان للنبى فى طول كتب التراث وعرضها, ومع أن هذا غير صحيح بالمرة إلا إننى سأفترضه معكم وأتساءل لماذا نترك هذه الروايات الفاسدة والمفسدة ثم نمر عليها مرور الكرام؟ لماذا أصبحنا نرتعد جبنا إن أتينا على سيرة الفقهاء والمحدثين وكتاب السير القدامى؟ لماذا لا نقول ونوضح وننقد ونرفض ونقبل ما يعِّن لنا وما يوافق ما أدركته عقولنا وما يتفق مع أفهامنا وزماننا, وقبل ذلك كله ما يتفق مع صحيح القرآن؟ لماذا هذا التقديس المبالغ لكل ما أتى من الأقدمين ؟ فقد صُوِّر لنا أن ما كتبوه ليس رأيهم واجتهادهم البشرى المتوافق مع قدر محاولاتهم وزمانهم.

الإسلام الآخر _ إسلام حرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن