معاملات البنوك والتحريم المتوهم

6 0 0
                                    

منذ أكثر من عشر سنوات وفى طريقى المعتاد إلى بيتى وجدت شابا يقف بعربته الصغيرة المفتوحة من الجانبين والمجهزة لتكون محلا متنقلا, وجدته يبيع أشياء قد لا تكون ذات قيمة أو أهمية, ويوما بعد آخر عرفت مع مرور الوقت أنه اشترى تلك العربة من خلال قرض مالى أخ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

منذ أكثر من عشر سنوات وفى طريقى المعتاد إلى بيتى وجدت شابا يقف بعربته الصغيرة المفتوحة من الجانبين والمجهزة لتكون محلا متنقلا, وجدته يبيع أشياء قد لا تكون ذات قيمة أو أهمية, ويوما بعد آخر عرفت مع مرور الوقت أنه اشترى تلك العربة من خلال قرض مالى أخذه من الصندوق الاجتماعى, وأنه يعول أمه وأختين له فى سن الزواج بعد وفاة أبيه, وبعد فترة ليست طويلة أصبحت لا أجد هذا الشاب المكافح ولا المحل المتنقل الذى كان مشروعه الصغير, وحاولت بعدها مرارا أن أعرف مصيره ولكننى فشلت, وبعد حوالى عام فوجئت به واقفا عند ذات المكان الذى كان يبيع فيه, فسألته بشغف عن سبب اختفائه واختفاء مشروعه, فأجاب إنه قد تنازل عن العربة بما لها وما عليها لأحد الأصدقاء, فسألته عن السبب فأجاب إن بعض المشايخ قد أقروا له بعد سؤاله لهم بأن قرض الصندوق الاجتماعى الذى حصل عليه ليعول به نفسه وأسرته التى بلا عائل هو الربا المحرم, وأنه «يُؤكِّل» أسرته مالا حراما سحتا, فسألته وماذا تفعل منذ عام مضى فقال أى شىء, فقلت له وما الذى جاء بك إلى هنا ففاجأنى بقوله إن أصحاب المحال التجارية يقدمون له بعض المساعدة المالية لتعينه.

ومن ذلك الحين تولدت لدى أفكار وأسئلة لا حصر لها, فسألت نفسى هل جاء الدين ليعذب الإنسان؟ ولماذا كان يراعى التنزيل الحكيم أحوال المسلمين ودقائق تفاصيل حياتهم, وتوقف عن ذلك الدور لثلاثة عشر قرنا فى صورة فقهاء أحلوا نفسهم محل التشريع الإلهى, وتساءلت لو افترضنا أن هذه القروض هى الربا المحرم فما هو مفهوم الضرورة الذى طبقه الشيخ أو الفقيه الذى أجاب ذلك الشاب عن سؤاله وببضع كلمات من فمه حوله من شاب يشعر أنه اقترب من تحقيق حلمه البسيط جدا تجاه نفسه وأسرته إلى شاب يسأل الناس ويتكففهم وينتظر الإحسان المهين ليعول أسرته, وظلت الأسئلة تطاردنى, من فعل بالمسلمين ذلك؟ ومن الذى ضيق عليهم حياتهم لهذه الدرجة المخيفة؟ ومن الذى جعلنا أسرى لفقه الموتى وعبادا له؟ ولماذا أصبح المسلم يصدق الشيوخ الذين يفتونه ويكذب نفسه وحاله وأنينه الذى لا يشعر به إلا الله؟ لماذا أصبح المسلم يعتقد أن المفتى أو الفقيه هو صوت الله فى الأرض رغم أن غاية الأمر أن هذه الفتاوى ما هى إلا آراء لأصحابها لا تتعدى كونها مشورة فقط, ولماذا أصبح الإسلام فى صورة الفقهاء دينا يصم الأذن ويغلق العين عن آلام الناس ومتاعبهم وتعقيدات حياتهم التى تشابكت وتبدلت عن بساطة ورخاء الفقهاء الأقدمين؟.

الإسلام الآخر _ إسلام حرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن