عودة بدر

8.5K 600 157
                                    

لحن القيثارة يتسلل عبر النافذة ليلامس أذني ، لحن القيثارة كخرير النهر يجري عبر جسدي ليلامس قلبي، لحن القيثارة ادندنه و اقشعر بدني، لحن القيثارة يلتف حولي ليدفئني كبطانة صوفية في ليلة شتاء باردة.

فتحت عيناي لاجد نفسي وحيدة في غرفة باردة، لا لحن فيها ولا لون.
"هل هذا حلم؟" سألت نفسي وانا اقف لاذهب نحو النافذة، لا يوجد احد ولا توجد قيثارة.

كم أردت أن اسمع ذلك اللحن مجدداً، كيف لي ان احلم بلحن لم اسمعه من قبل؟ ولماذا القيثارة؟ هل يريد عقلي ان يخبرني بشيء؟.
كم هي حياتي في احلامي اجمل من حياتي في الواقع، كم اتمنى لو استطيع ان اعيش في واقع احلامي ولا ان اعيش في واقعي هذا.

--------------------------------------------------------------------

"قيثارة؟" سأل قيس الذي جلس أمامي مرتدياً بدلته العسكرية التي اكرهها، ويشرب من كوب القهوة التي اعددتها له، اصبح قيس يتناول الافطار معي ويبقى لنصف ساعة في منزلي قبل ان يذهب للعمل، رغم حبي الكبير له، وسعادتي برؤيته كل يوم الا انني لا زلت اشعر بالاشتياق اليه، ولم استطع الاعتياد على بدلته العسكرية هذه.

"نعم قيثارة" قلتها وانا اتنهد متذكرة لحن القيثارة.

"ريتني استطيع ان احلم" قالها قيس متنهداً، وابتسمت ونظرت نحوه.

"الا تخاف من العفن؟ ترتدي بدلتك هذه كل يوم" قلت بسخرية. "ان حلمت...ستحلم بانك تحرق هذه البدلة".

"تخلصت من اللحية...يكفي اتركِ البدلة في حالها وانا امتلك ثلاثة بدلات لا ارتدي نفس البدلة كل يوم" قالها بنبرة غاضبة وكأنني جرحته حقاً وضحكت بصوت عال.

"اسفة اسفة" رفعت يداي لاعلن اعتذاري وتراجعي.

"الفتيات عادة يعجبهن الرجل ذا بدلة...من المفترض ان تعجبي بي وانا هكذا" قالها قيس دون ان يفكر، وتفاجأت مما قاله، هل يريدني ان اعجب به؟ الا يدرك بانني واقعة في حبه؟.

قطبت حاجباي "انت تعرف مشاعري نحوك".

"تقصدين نحو قيس الذي في رأسك" قالها ونظرة الحزن اعتلت وجهه، وتفاجأت من هذه النظرة.

"أليس الحب في عالمكم ممنوع؟" سألت.

"كم انتي مصرة في تصويرك الاجرامي لعالمنا...لا...الحب ليس بممنوع...العشق هو الذي لا يُسمح به...لا بأس ان اعجب بك وان تعجبي بي....ان احبك وان تحبينني...ولكن ان تصبحي انتِ هوائي وروحي...وحياتي وهويتي...هنا دخلنا في المرحلة المرضية" قالها قيس وهو يشرب القهوة مشيحاً نظره عني.

"تظن انك تستطيع ان تعجب بي دون ان تعشقني؟" سألتُ بتحد، نظر الي قيس مبتسماً ولم يشح نظره عني، تبادلنا النظرات في صمت، وكأننا نتواصل بلغة اسمى من الكلمات، قبل قيس بهذا التحدي، وسخرت انا منه. أشاح قيس نظره لاربح انا في سباق التحديق هذا وشرب من قهوته مجدداً.

عندما شهدتُ مقتل أبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن