جزء ثاني - خدعة قيس

11.1K 658 431
                                    

وضع قيس كتاب والدي أمامي على الطاولة، الكتاب الذي أخذه الرئيس ريك، وتفاجأت بفعلته هذه.

"هل أعطاك الكتاب؟" سألته وانا مترددة من لمس الكتاب، هز قيس رأسه نافياً، وشعرت بأنه مختلف اليوم، كان صامتاً، وابتسامته مجاملة، عيناه تخفي أمراً ما. لم يتناول الافطار ولم يشرب سوى رشفة من القهوة.

"اذاً كيف؟" سألت وانا اقطب حاجبي واحاول فهم ما يجري.

"سرقته" قالها قيس بصوت خافت. تراجعت وانا لا اصدق ما سمعته، ودفعت الكتاب.
"أعده يا مجنون"

"افتحيه واقرئيه...لا تقلقي...علينا ان نعرف فحوى الكتاب..اريد ان اعرف" أمسك قيس بالكتاب ووضعه بين يدي.

فتحت الكتاب وانا مرتبكة لأجد ان الصفحات مكتوبة بخط والدي. أخرج قيس جهازاً صغيراً وضعه بيننا.

"ليمنع المتنصتين" قالها بصوت خافض.

"ديسمبر...الشهر الذي ولدت فيه ابنتي جوهرة...والشهر الذي سننهي فيه أول عملية...يظن جماعة النور أننا نخطط ونستعين بالاسلحة واننا خطر على سلامة الكون...ولكن لا يعرفون اننا بكلماتنا فقط استطعنا ان نستقطب المئات من شبابهم...الشباب الذين يريدون ان يشعروا...ان يحلموا...وان يختاروا...عندما كنت شاباً ظننت بأن الموت هو مصيري...عندما لاحظت بأن قلبي يخفق مجرد ان ارى فتاة جميلة، وان عيني تدمع عندما ارى حيواناً قد فارق الحياة تحت شجرة مثمرة، ظننت بانني اعاني من خلل، وادركت ان هذا الخلل هو نعمة من الله، تلك الدمعة كانت تشعرني بأنني انسان وانني على قيد الحياة...انتم معنا لأنكم تريدون ان تكونوا على قيد الحياة...انتم هنا لأنكم تؤمنون...ولأنكم تشعرون..- خطاب استقطاب شباب ديسمبر"

نظرت نحو قيس الذي كان يستمع بتركيز.

"يبدو ان والدك كان من المستقطبين...وقد كتب خطاباته هنا.." قالها قيس وهو ينظر نحو الكتاب.

"ولكن لم افهم الخلل الذي كان يعاني منه...على العكس الكثير من الضوئيين..يبدو بأن والدي لم يختر ان يترك الحقن...وكأن شعوره هذا كان صدفة...هل فعل والده به كما فعل هو بي؟"

سألت قيس وانا اقلب الصفحات بحثاً عن شيء اخر غير الخطابات، فقرة اكثر عمقاً.

وجدت فقرة بعنوان "قيثارة" وشدني ذلك بسبب الحلم الذي يراودني عن معزوفة قيثارة.

"عزف شاب باسم ريك معزوفة قيثارة وهو جالس في زاوية من مبنى عسكري، كنت قد ذهبت لرؤية والده، تفاجأت بمعزوفته التي كانت آلية جداً ولكن بالوقت ذاته حملت بعض المشاعر والدفئ، توقفت ونظرت نحوه وهو يعزف، أكمل الشاب العزف ثم نظر الي وهو يعزف، وابتسم ورفع حاجباً واحداً وقال: آخر مرة توقف رجل ليسمع معزوفة لي ودمعت عيناه..انتهى به المطاف في المشنقة' ضحكت لما قاله ودخلت المبنى، ذلك الفتى حمل عينين من اغرب العيون التي رأيتها، وكأنه يستهزئ من هذا العالم بأكمله، من والده رئيس الاقطاعية ومن المضيئين ومن جماعة النور"

عندما شهدتُ مقتل أبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن