نقطة تحول

5.5K 394 39
                                    


ركضت نحو قيس وانا اصرخ غير مصدقة ما رأيته، لابد بأنه كابوس.

صوت كارمن كان كالصدى في عقلي.

- كارمن: أطلق النار على نفسه..لم افعل شيئاَ.

وقفت أسماء على بعد متفاجئة، وضربتُ قيس عدة مرات، ووضعت يدي على الحفرة التي كونتها الرصاصة في رأسه وكأنني أردت وقف النزيف، وكأنني أردت انقاذه، شعرت بيدين تحملانني، ولكنني قاومت. قاومت بكل ما أستطيع، أردتُ انقاذه، أردت انقاذه.

دماؤه تكسو يداي اللتان لا تتوقفان عن الرجف، أشعر بهمساته في أذني، دفء يداه حولي، أستطيع الشعور به، هو لم يمت، هو لم يمت، هو لم يمت، سيعود ويقابلني، سيعود.

أستطيع رؤية أسماء التي تجلس أمامي، وشفتاها تتحركان وهي تتحدث، عيناها الزرقاوتين، ذهب الغضب منهما، ليحل محلهما الدهشة، تحاول أسماء أن تتمالك نفسها، وأن تفهم ما حدث، ولكنها تنظر إلي بخوف، وقلق، ورهبة.

بقينا هكذا طوال الطريق، نحدق في بعضنا البعض، أرادت أسماء غسل الدماء ولم أدعها تفعل ذلك، وكأن هذه الدماء هي كل ما تبقى لي من قيس، ولم أرد غسله، ولم أرد تركه.

توقفت الحافلة، وترجلنا جميعاَ في الميناء، ولكن لم أستطع أن أتبعهم، قيس الذي أطلق الرصاص على نفسه لكي يحرر نفسه، أطلق الرصاص على روحي أنا أيضاَ، شعرتُ وكأن جزءاَ من جوهرة بقي في ذلك الجبل مع قيس، والجزء الآخر لم يرد سوى أن يضع رصاصة في رأس ريك، وبدر، وعدنان وكل من تسبب في تلك اللحظة، اللحظة التي فضّل فيها قيس الموت على العراك.

- أنا: اذهبوا...سأبقى أنا

انفعلت أسماء التي تتسع عيناها معترضة.

- أسماء: قيس مات...علينا فعل هذا من أجله..ومن أجل

- أنا: أبي أراد أن يجد مكة لأجلي انا ولأجل عائلته...اذهبي انتي وجدي مكة.. وسأساعدك في كل ما ترغبين به..وسألحق بكِ لاحقاَ اعدك ولكن علي قتلهم جميعاَ.

- أسماء : جننتي؟

- أنا : لا ...سأعود...وستعطيني مفاتيح الحافلة..عليكِ قتلي او السماح لي بالذهاب.

نظرت أسماء نحوي وتشعر بالاستسلام ثم أخذت مفاتيح الحافلة وقدمتها لي، وقدّمت أيضاَ خريطة ما.

- أسماء: ليست الخريطة إلى مكة...ولكن هذه الخريطة ستأخذك إلى مخبأ والدك ، وسيأخذكِ ذلك المخبأ إلى مخبأ آخر...بدأنا في اكتشاف الطريق إلى مكة منذ ثلاثة سنوات..وهذا المخبأ كان نقطة البداية...ستبحثين كما بحثنا نحن..ولن أقدم لكِ أية أجوبة..ان استطعتِ سنتظركِ هناك.

أومأت وأخذت المخطط والمفاتيح.

- كارمن : سأذهب معها

عندما شهدتُ مقتل أبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن