"الجنازه "

151 18 0
                                    


أشرقت شمس يوم جديد ليعطي نورها املاً جديدا في القلوب ولكي تمُد أشعتها الدفئ لأحلامنا الكثيره اللتي لا تنتهي

فتح بيرنارد عيناه بصعوبه حتى يسترجع ذكرى ماحدث معه بالامس ليتناول الحزن قلبه حالما عادت اليه صوره صديقه الخاليه من الروح ، استفاق اخيرا وهو يحرك يداه لكنه لم يستطع ليلتفت يمينه فيجد ازِلما جالسه بجانبه وقد مالت رأسها على ذراعه وهي مغمضه العينين ، ليبتسِم رغم بُكاء قلبه لمُجرد أنه تخيل قلقها عليه وانها سهرت كُل الليل بجواره فقط تنهد وهو يُزيح بعضاً مِن خُصلات شعرها خلفَ أذنها لتستفيق في خوف حتى تُقابِل عيناها خاصته التي ذبلت نتيجه للحزن
اعتدلت على الفور وقد اخذ وجها في الاحمرار فهي لم تكن تعلم انها ستغفو عندما كانت تراقبه ليله امس حتى تطمئن عليه
شعر بيرنارد بالخجل الذي اجتاحها كي يعتدل من على فراشه وهو يردف بكلمات متقطعه تخرج بمراره : يجب ان نجهز جنازه ايثان اليوم

لتعدل هي وهي تتنهد ، "نعم "
اومأ لها في هدوء وهو يهم في الخروج  لتلملم هي شتاتها
تنهدت في خيبة أمل وهي تشعر بالحزن المضاعف نتيجه لحزنه  لكن ما باليد حيله ...

ان رحيل شخص عزيز عليك ليس بالامر السهل فكأن الذكريات عندما تعلم بوفاه ذلك الشخص تاخذ أمرا بمهاجمتك حتى لا تستطيع النوم او حتى ممارسه حياتك الطبيعيه لتختلع جزءا من روحك وتلحق بروح ذلك الشخص الذي فارق الحياه وكأنك تفارق الحياه نصفياً ! ، كان بيرنارد يشعر انه السبب وراء كل هذا فماذا لو لم يتركهم ويذهب أكان ايثان سيكون حياً حتى الان ؟ 
خرج الى الخارج ليقف ويستقبل نسمات الهواء البارده التي تهب مع تشرين الاول  ليطرد كُل الذكريات والأفكار الذي خالته بعيداً ، نظر الى السماء والعبره قد تساقطت من عيناه كي يشهق الهواء الى رئتيه ويزفرهُ ببطأ حتى يتخلص من بعض الآمه المُتكدسه ، سمع وقع أقدام  من خلفه ليلتفت فيجدها ازلما لا تختلف حالا عنه
اشاح بوجهه بسُرعه وهو يمسح دموعه فهو لا يريد ان يريها ضعفه الان
-لا تخجل منها ، انها تدل على نقاء الروح
التفت لها من جديد لتقترب مِنه وهي تضع يدها أعلى كتفه لتربد عليه بِحنان " لا يُمكنك كِتمانها الى الأبد " قالت بصوت مهزوز نتيجه لاجتماع الدموع في عينيها ليقترب مِنها بيرنارد ويهم بإحتِضانها كي يجهش بالبكاء دون توقف وكانه طفل تائِه وجد امه للتو
ربتت على ظهره وهي تذرف الدموع  هي الأُخرى كانت تطمأنه لكنها لم تعلم أنها تستمد القوه منه هو ، لقد اصبح عائلتها وكل ما تملك لم تسال نفسها ابداً لما وثقت به في هذه الفتره القصيره كل هذه الثقه ! لما تشعر دائما بشعور غريب يختالها كلما نظرت في عينيه العسليه ! لم تعرف ابداً اجابات لتلك الاسئله لكن قلبها يخبرها بأنها ستكون على مايرام بجواره وهي دائِماً كانت مُستمع جيد لنبضاته......

شعاع الشمس يفرض نفسه ليعطي مظهرا خلاب مع تلك الطبيعه الخضراء لكن المشهد لم يكن مكتملا نظرا لوجود هذه المجموعه من شواهد القبور التي تعطي منظراً مقبض ولمسه حزينه على المكان وكأنها مقطوعه حزينه تُعزف بالكمان ليجتمع فيها الجمال والحزن معاً ، يقف بلباسه الاسود الذي يشبه ظلمه الليل هو وبعض من اصدقائه الذي حالفهم الحظ بالهروب من رجال شرطه لوييس  يلتفون حول تابوت خشبي يحمل جسد صديقهم الذي ودع روحه ليله امبارحه ، وخلفهم بقليل تقف أزِلما والسيده كريستن بثوبها الاسود الذي يصل ركبتيها وهي تضع وشاح يغطي رأسها يحمل ذات اللون لفستانها القاتم كانت تجهش بالبكاء لفقدانها احد الأعزاء على قلبها وبجانبها طفليها اللذان يجهلان مايحدث وما سبب بكاء والدتهما فكل ثانيه واُخرى يجر احدهما ثوب السيده ليسئلها عن السبب لكنها فقط تكتفي بابتسامه منكسرة كي تزداد تساؤلاتهما الضعف ، اما ازلما فكانت لا تختلف كثيراً عن حالها الا انها كانت تتاأجج غضبا في جوفها وكأنها تستجمع حطباً لتشعل فيه نار حزنها التي تتضاعف يوما عن الاخر لتحرق كل من كان سببا في تمزيق هذا الوطن
الجميع يغطيه الحزن والاسى يقفون امام صندوق خشبي يحمل شخصا كان من اكثر الاشخاص قرباً الى قلبهم ، اصوات البكاء والنحيب تستولي المشهد حتى
وقف القِس دانييل الذي لم يرفض طلب أزِلما في المجيئ فقد كانت مِن أكثر زوار كنيسه العاصِمه كرماً ، اخذ يرتل بعضاً من التراتيل من الكتاب المقدس لترقد روح ايثان في سلام  كانت التراتيل تتخللها اصوات ذلك النحيب والشهقات التي كُتمت في الحناجر حلّت نسمه بارده من الهواء لتداعب الجميع فيشعروا بأنها روح صديقهم التي تودعهم قبل ان تسلك طريقها نحو الابديه ، انتهى القِس اخيرا من تلاوه تلك التراتيل وها  قد اجتمع شمل العائله اخيرا بعد كل تلك السنوات، فعلى الجهه اليمنى من قبر ايثان كان يستقر قبر والده ووالدته وقبر شقيقته ايميلي ،  اقبل بيرنارد ومعه باقه من الزهور ليتبعه باقي اصدقائه وهم يقفون بجواره ، اللون الاحمر يغزو عيونهم جميعا وكأنها تلونت بدماء صديقهم الراحل ، جثى بيرنارد على ركبتيه لينحني وهو يضع الباقه اللتي تحمل زهور النرجس البيضاء التي تعبر اوراقها عن القوه والشجاعه والبطبع هما صفتين لم يفتقدهما ايثان وضع الباقه اعلى التابوت الذي يحمل جسده وهو يهمس ببضع كلمات " اعدك اننا لن نستسلم مادمنا على هذه الارض صديقي ايثان فلترقد بسلام " اعتدل من جديد وهو يمسح الدموع المتجمعه حول عيناه وهو ينظر الى رفاقه الذين لا يختلفون حالا عنه تقدم فابرون وهو يضع يديه على التابوت وهو يطلب من اصدقائه ان يُساعدوه في حمله وزجه في القبر
نثروا عليه الرمال وكانوا ينثرون معه الدموع خلفاً له وتلك الذكريات التي عاشوها سويا ينثرون معه صدقه وإخلاصه وحبه لهم ، انتهو اخيرا ليكون شاهد القبر هو آخر شاهد لمشاعر الحزن
" هنا يرقد الشاب الشجاع ايثان اكونيل
-1811_1831"

There are soldiers for dream|| للحلم جنود حيث تعيش القصص. اكتشف الآن