الحلقة الثالثة : ( مكيدة)

11.8K 255 5
                                    


صف سيارته وترجل منها بثبات ، وراح يسير أمام البحر مستنشقاً للهواء النقي الذي أخذ يلفح وجهه ، ولقد رفع رأسه عالياً ليتأمل السماء بنجومها اللامعة ، والبدر أيضاً في تمامه ، فما أجمل من ذلك منظر أنه يعشق الظلام والهدوء مع البحر وكأنه يلقي الهموم بعيداً ويستبدل طاقته السلبية بأخري إيجابية ، أنه يعشق الغوامق في كل شئ حتي بات يعشق الظلام الدامس... !
ظل يشرد بذاكرته ، منذ متي وهو وحيداً ، لقد تركته أمه في سن صغير وأبيه من بعدها وبات وحيداً صغيراً في الدنيا تائهاً ..........

فلاشـ باگ

جلس يبكي ببراءة لقد تركوه بمفرده فماذا يفعل بعد ؟ إنه صغير في مرحلة الإعداية لا زال يحتاج إلي الإحتواء والحنان ولكن القدر مكتوب لا مفر منه ... !
جلست إلي جواره تلك السيدة الوقوره والتي تكون عمته ، وهي تقول : أمير حبيبي ده قدر ربنا وإحنا كلنا هنموت ...
تحدث أمير من بين شهاقته وهو يقول : سابوني لوحدي !
ضمته نجاة إلي صدرها بحنو وهي تقول : أنا معاك يا حبيبي مش هسيبك أبدا ، وبعدين هنفضل قاعدين معاك هنا أنا وعمو جمال (زوجها ) لحد ما تكبر وتبقي راجل ااااد الدنيا ...
أومأ أمير برأسه في صمت وهو يمكفف دموعه بأنامله ، بينما قالت نجاة بهدوء وتوضيح :
_ أمير حبيبي دلوقتي أبوك الله يرحمه كتبلك كل أملاكه والشركه والبيت والفلوس الحمدلله آمنك كويس ، بس عشان أنت يا حبيبي لسه صغير جمال جوزي هيدير كل حاجة لحد ما تكبر وتقف علي رجلك وساعتها هيسلمك كل حاجة ! .....
بالفعل مرت السنوات ، وكانت نجاة خير عمه ، وقامت بدورها علي أكمل وجه ، وأعطته الحنان الذي ينقصه ، إلي أن تخرج من كلية التجارة ، وحينها سلمه جمال جميع أمواله والشركه وأعطاه النصائح الذي يسير عليها ومن ثم هاجرا إلي أمريكا ليقيما فيها حيث عمل جمال وتركا أمير وحيداً من جديد .......

باگ ......

آفاق أمير من شروده ، متنهداً بعمق ليأخذ أكبر قدر ممكن من الهواء ولا يزال رافعاً وجهه للسماء مُغلقاً لعيناه ، ثم زفر أنفاسه بهدوء وفتح عينيه قائلاً بخفوت : الله يرحمكم ويحسن إليكم ... بينما أخرج من جيب بنطاله الهاتف الخاص به ، وأجري إتصالا ثم وضعه علي آذنه منتظراً الرد ، وبعد قليل أجابت نجاة عليه وهي تقول : أمير حبيبي وحشتني أوي يا قلب عمتك ..
إبتسم أمير وقال في هدوء : وأنتي كمان وحشتيني يا عمتي ، طمنيني عليكي !
نجاة بحنو : بخير يا حبيبي أنت عامل ايه طمني
أومأ أمير وأخذ يسير ناظراً إلي البحر وقال مبتسماً : بخير والله الحمدلله .. ثم تابع : وعم جمال أخباره ايه ؟
أجابت عليه هاتفياً: الحمدلله كويس بإذن الله أول ما ياخد أجازة هنجيلك علي طول لحسن بحر إسكندرية وحشني اوي ...
ضحك أمير وقال : يا سلام يعني البحر وحشك وأنا لاء يا عمتي !
ضحكت هي الأخري قائلة من بين ضحكاتها : لا يا حبيبي مقصدش طبعا والله يعلم ربنا هموت وأشوفك ..
تنهد طويلاً وقال : إن شاء الله ، سلميلي علي عم جمال بقي وهبقي أكلمك تاني
نجاة بحنو : ماشي يا حبيبي في رعاية الله
...........................................

حبيبتي الكاذبة -  الكاتبه فاطمة حمديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن