الحلقة السادسة عشر : (فداء بالروح )

8K 218 2
                                    

  أبدلت أروي ملابســها في المرحاض المُلحق بالمكتب ، نظرت إلي نفسها في المرآة وهي تبتسم برضي .. فكانت ملابس أنيقة واسعة .. مسحت وجهها من تلك المساحيق التي تملؤه بينما رفعت شعرها للأعلي علي هيئة ذيل حصان ، وتركت خصلة تنسدل بجانب جبهتها مرورا علي وجنتها فأصبحت أكثر جمالا وبراءة عن ذي قبل .. 

توجهت خارج المرحاض لتدلف خارج المكتب وتلتقي بـ أمير الذي نظر لها بإنبهار وإعجـابا واضحا في نظراته ...
تحدث تلقائياًتلقائياً : كده أحلي بكتير .... آآ قصدي الإحترام حلو .. إتفضلي شوفي شغلك ولو جيتي باللبس ده تاني إعتبري نفسك مرفودة !!
أنهي حديثه ودلف إلي مكتبه عابساً .. لتبتسم أروي بسعـادة وتدلف خلفه قائلة بثبات : كان ممكن ترفدني علي فكرة بدون ما تتعب نفسك وتجبلي هدوم !!!
نظر لها بجمود ثم قال بتلعثم : هتعب علي ما ألاقي سكرتيرة تاني تفهم الشغل .. هو ده الي مخليني صابر عليكي ! غير كده كان زمانك مرفودة من زمان
رفعت أروي أحد حاجبيها وقالت بمراوغة : أفهم من كده لو لقيت سكرتيرة غيري هتمشيني من هنا ؟؟
صمت لبرهة ثم قال بعد ذلك بحدة : ياريت تشوفي شغلك أنتي هترغي معايا ولا إيه ؟؟
عبست أروي بحرج ثم رمقته بنظرات مغتاظه وتوجهت خارج المكتب ... ليبتسم أمير ثم يضحك بخفوت ... ثم يصمت حائرا .. لماذا ؟؟ لماذا يغضب منها إلي هذا الحد ؟؟ لماذا لم يتركها ترحل من شركته ؟؟ لماذا يبتسم كثيرا هذه الأيام ! هذا ما كان يدور بداخله حتي همس قائلاً : ايه مالـك يا أميـــر !!!!
................................

-إن شاء الله خير أنا إتطلعت علي ملف القضية وبسيطة هيخرج بكفالة وأنا هتصرف مع ناس حبايبي ..
قالهـا المحامي بجدية...
بينما إزدردت سلمـي ريقها وتابعت بيأس :
- كفالة !! يعني مينفعش يخرج من غير كفالة
المحامي نافياً : للأسف لأ
أومأت أروي برأسها وهي تبكي ثم نهضت قائلة من بين بكاؤها : تمام ..
خرجت من مكتبه ودموعها تنساب بغزارة من أين تأتي بالاموال لقد فرطت بأغلي ما لديها وما تملك من زوجها الحبيب الذي إذا علم من الممكن أن يتركها تلك كانت أفكارها ...
قررت أن تبيع حلقها الذهب في سبيل أخيها مهما حدث بينهما من قبل ستقف بجانبه ليخرج من محنته حتي يرفعوا رؤسهم بين الناس ...
بالفعل ذهبت إلي محل الذهب مُجدداً وأعطته الحلق وقلبها يبكي قبل عينيها ...
...........

طرق كــرم باب مكتـب أروي ، لتأذن بالدخول ويدلف قائلاً في مرح : الله ايه القمر ده تعرفي إن كده أحلي من الأول !
إبتسـمت بمجاملة : شكرا يا أستاذ كرم
بادلها الابتسـامـة وقال مُتساءلا : لا ده بجد ، هو أنتي غيرتي كده إزاي ؟؟
- اشتريت هدوم يا أستاذ كرم هو حضرتك عاوز حاجة ؟؟
قالتها أروي بإيجاز ونفـاذ صبر ..
ليبتسم كرم قائلاً ؛: اه بصراحة يعني يا أنسه أروي أنا نفسـي نكون إصحاب ايه رأيك
تنهدت أروي في ملل ، ثم نهضت قائلة : أظن من تعليمات الشركة هنا يا أستاذ كرم أن الكلام بينا يكون في حدود العمل فقط والصداقة دي تكون خارج العمل وأنا بقي معنديش أي إستعداد أصاحب حد لا خارج ولا داخل العمل .. عن إذنك
عبس كرم بوجهه وهو يتابعها بعينيه تخرج من مكتبها .. ليقول بضيق : طب نخليها خطوبة علي طول !!
..............

توجهت أروي إلي مكتب أميـر وهي تحمل قهوته التي أصبحت تعشقـها مثله .. طرقت الباب ودلفت قائلة بإبتسامة وهي تضع القهوة أمامه : القهـوة .. !
رفع نظره عن حاسوبه وهو يقول بجدية : مُتشكر ..
- العفو ... قالتها أروي برقة
لينظر لها بطرف عينه وهو يتنهد بعمقٍ ثم عاود النظر إلي الحاسوب بينما ظلت هي واقفة تتأمله دون وعيٍ منها ...
آتاها صوته الأجش : ايه موراكيش شغل هتفضلي واقفة مكانك ولا إيه ؟؟
إنتبهت علي صوته ثم قالت بتلعثم : آآ لأ أنا كنت جاية أستأذن عشان أروح مش قادرة أشتغل
- ليه ؟ .. سألها بجدية
لتردف هي بخفوت : حساني متوترة كده
رفع حاجبه قائلاً : حساكي ازاي !
أروي بغيظ : أقصد تعبانة عندي صداع ممكن أروح ؟
- لأ .. قالها أمير وهو يعاد النظر إلي الحاسوب
عقدت حاجبيها وقالت بإستغراب : ليه !
أردف بجدية : عندنا شغل وأنا مبحبش الحورات دي لما أخلص هوصلك ... آآ قصدي هقولك تمشي ..
تأففت أروي وهي تهز ساقها بعصبية ..
أخرج من خزانته شريط به حبوب مسكنه ليمد يده لها قائلاً بجدية : خدي ده مسكن للصداع
أخذته منه علي مضض وهي تقول : شكرا ..
إتجهت صوب الباب وقبل أن تخرج سمعت صوته يُناديها ... أروي
إلتفتت له لربما راجع نفسه وسيسمح لها بالذهاب إلا أنه قال بهدوء : سلامتــك
عضت علي شفتيها بغيظ وخرجت سريعا من المكتب ليضحك بخفوت وهو يرتشف قهوته التي إزداد عِشقه لها حينما أعددتها هي بيدها ..
...................

توقفت سيـارة فارهة حديثة الماركة باللون الأسمر الفخم في أحد محطات مدينة الأسكنـدرية ...
ترجل منهـا شابا وسيما طويلا نحيفا إلي حد ما شعره بني مائل للعسلي يتماشي مع لون عينيه العسليتين الواسعتين ...
وقف يبحث بعينيه عن شيئا ما فتنهد بإرهاق وقال بنفاذ صبر : مفيش محلات هنا يا ماهيتاب والله زهقتيني يارتني ما كُنت جبتك معايا ..
ترجـلت ماهيتاب من السيارة والتي كانـت تشبه أخيها إلي حد كبير حيث كانت ذات بشرة بيضاء ناعمة وعينان عسليتان مرورا بشعرها البني وقوامها الممشوق ..
أردفت بضيق : إتصرف يا زياد أنا جعانة أوي شوفلي أي حاجه تتاكل ..
دقق زيـاد النظر فوجد شخص ما يبيع ذرة مشوية فقال بفرحة : لقيتها اهو بيبيع درة مشوي ده أنا نفسي فيها أوي
عبست ماهيتاب وهي تقول بحنق : أنا الي جعانة يا زياد وأنت بتفكر في نفسك ؟! ..
زياد بإيجاز : طب تعالي نشتري وإرحمي أمي بقي ..
ضحكت ماهيتاب وأردفت قائلة : أوك .. فين أمير كان كل معانا ...
زياد بمزاح : هانت فاضل خمستاشر محطة ونوصله ..
ضحكت ماهيتاب وتعلقت بيد أخيها ليذهبا معا يشترا الذرة المشـوي ..
....................

إنتهي أخيرا أميـر من عمله .. فإصطحب أروي معه التي كانت تسيـر ببطئ .. فأردف في تساؤل : أنتي تعبانة بجد ولا إيه ؟؟
حركت رأسها نافية وقالت : لأ بس قلبي مقبوض معرفش ليه ..
قطب جبينه وفضل الصمت ، ودلفا إلي المصعد كلاهما .. ثم هبط بهما ، وتوجها إلي الخارج ..
أسبقها أمير عدة خطـوات حيث ذهب إلي سيارته بينما هي تسيـر وتشعـر بالريبة لا تعرف لماذا ..
إتسعت عينيها بشدة حينما وجدت شخصان ملثمان ضخمان يركبان علي عجلة قيادة (موتوسيكل) ...
وجدت أحدهما يوجه سلاح صوب أميـر فلم تدري بحالها إلا وهي تصرخ عاليا وتركض نحوه بكُل ما تمتلك من سرعــة
وصلـت إليـه بخفـة الفهد ، محتضنه إياه بكل ما أوتيت من قوة ... بينما خرجت الرصاصة من سلاح ذلك الشخص تعرف طريقهـا حيث مُستقرها ظهــر أروي .......

يتبع   

حبيبتي الكاذبة -  الكاتبه فاطمة حمديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن