الحلقة الثانية والثلاثون : (عشق الأميـر)

7.4K 201 1
                                    


صعد السـلالم برشـاقة وهو يحمـلها بين ذارعيه ، ثم توجه إلي غرفتهـما ليدلف بها ثم يغلـق الباب بقـدمه ، لينزلهـا علي قدميها برفق ثم رفع كفوفه محتضنا وجهها بينهما وهو يهمس بعشقٍ أذابها :
- نورتي بيتك ومملكتك يا أروتي ..
إزدردت ريقهـا بخجل ، ثم قالت بهمس حزين : توعدني إنك تفضل تحبني علي طول .. ؟
أومأ لهـا برأسه قبل أن يختطف منها قبلة سريعة بعثت الرعشـة في جسدهـا النحيـل .. لتسمع صوته الهادئ يهمس لها : أوعدك يا رورو
ليمرر يداه بعد ذلك علي ذراعيـها بنعومة أذابت عظامهـا ..
فهذا هو أول رجـل في حياتها و أول رجل يلمسهـا ويقتـرب منها ، وهذا الشعـور جعل عضلات جسدهـا تتقلص بينما أصابعها أصبحت كلوحا من الثلـج .. وبدي الخوف واضحا علي ملامح وجهها ، ليتفهم أمير ذلك الخوف ويقول بإطمئنان : إيه رأيك نصلي الأول ؟
قالت بتوتر : نـ نصلي !
فمنذ متي وهي لا تركع ، تتذكر أخر مرة سجدت فيها منذ ما يقارب السنتان وقبلا كانت تصلي فرضا .. ثم تمتنع عن الصلاة ولم تشعر بالطبع بأي خشوع مجرد أنها تُحرك جسدها فقط ..
سمعت صوته وهو يقول بحماس : طبعا ، يلا عشان ربنا يباركلنا .. ثم طبع قبلة علي جبينها وهمس لها بغمزة : يلا .. !
................

وقفت سهيـلة أمام أمواج البحر الهائجة بعد أن سارت منذ أن إنتهي حفل الزفاف حتي وقفت أخيرا وهي تلهث ودموعها تنساب فوق وجنتيها تبكي ألما في صمت ..!!
أنه لشعورا قاسيا حين تريد الفرار ولم تجد المخرج ، حين ينزف القلب وجعا والعين تكاد تبكي دما .. !!
جثت علي ركبتيها لقد فقدت القدرة علي الصمـود أكثر من ذلك !! لتتعالي شهقاتهـا المريرة وهي تصيح غير مبالية بمن حولها : يــــارب ..
فقط الله هو الملجـأ الوحيد الذي هو أرحـم من البشر جميعهم الذين حين يرون خطأ الغير يدبحونه دبحا ويتركونه حُطام ..
ظلت تدعو خالقهـا وبكاؤها يزداد ونحيبها يتعالي ، لتشعـر بعد ذلك بيد تربت علي كتفهـا برفق ..
فشهقت بفزع وإلتفتت لتري من الذي فعـل ..
فوجدت سيـدة بسيطة في ملابسهـا وهادئة في ملامحهـا رغم كبر سنهـا ، بينما مسحت سهيلة دموعها وهي تطالعهـا بإستغراب لتسمع صوتـها تقول بهـدوء : مالك يابنتي ، في حد آذاكي ولا إيه ؟؟
وجدت نفسها تومئ برأسها تلقائيا وإنفجرت باكية مرة أخري ، فما كان من السيدة إلا أنها إحتضنتها بحنو ممُسدة علي ظهـرها قائلة بخفوت : لا حول ولا قوة الا بالله ، مين يابنتي الي زعلك كده ، تعالي لما نقعد علي جنب لحسن الناس بتتفرج علينا ..
ثم سحبتهـا من يدها لتسير بها بضع خطـوات إلي أن جلستا علي مقعد من الحجـر ، لتقول تلك السيدة في هدوء : أنتي من إسكندرية ؟
أومأت سهيلة وقالت بصوتٍ مُختنق : أيوة
فقالت متعاطفة : وليه زعلانة وبتبكي ..
رمقتها سهيلة بحذر فأكملت السيدة بإطمئنان : أنا إسمي نبيلة وجاية إسكندرية هنا مع جوزي وإبني ، هما عندهم شغل وأنا نزلت أشم الهوا أنا أصلا من القاهرة .. ومعرفش أي حد هنا
ثم ساد الصمت قليلاً لتتابع نبيلة بإبتسامة : أنتي بس صعبتي عليا والله ، ليه بتبكي ؟؟
صمتت سهيلة فربتت نبيلة علي كتفها : مش هتطفل عليكي بس حبيت أساعدك .. عموما يابنتي مفيش حاجة مستاهلة تتعبي نفسك كده ، ده إحنا كلنا رايحين وكل من عليها فان .. !
إبعدي عن أي حاجة توجعك ..
تنهدت سهيلة بثقل ، ثم أردفت بحزن : نفسي أبعد بس مش عارفه .. !
إستكملت نبيلة بتساؤل : ليه ؟
أجابتها سهيلة ببكاء : يارتني أقدر أحكيلك ، بس للأسف مينفعش ، لأن حياتي بايظة ومفيهاش حاجة تشرف ، عبارة عن ذنوب وبس عبارة عن وجع وقهر ...
تفهمت نبيلة الأمر فـ أردفت بجدية : مفيش حاجه اسمها ذنوب وبس ، ربنا موجود وفاتحلنا بابه في أي وقت مهما عملنا ذنوب هيغفرلنا بس إحنا نتوب ونلجأ ليه ، وبلاش يأس .. !
أومأت سهيلة برأسها وقالت في يأس وكأنها لم تسمعها : الي عاوزه ربنا هيكون ..
لتنهض وتقول بضعف : أنا ماشية ..
ثم سارت بخطوات متثاقلة متجهه إلي المستنقع من جديد ، فمن الممكن أن يأتي لنا لحظة هداية في أي وقت قد تكون فرصة في صلاح أنفسنا ونحن دون فهم نوليها ظهرنا ونسير مع الطيار !! ..
.........................

حبيبتي الكاذبة -  الكاتبه فاطمة حمديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن