ترجل من سيارته واتجه مباشرة للمنزل الذي قضي فيه اجمل لحظاتهما سويا ... الذي طالما احتضن ضحكاتهما في الفترة التي قضوها سويا قبل أن ....
قطع تفكيره وهو يجد نفسه أمام الباب المغلق تحسسه باشتياق وهو يسيطر علي دموعه التي تريد الانهمار...انتبه علي شئ يصطدم بقدمه فالتفت وجدها كرة لأطفال يلعبون بالشارع ...التقطها واتجه إليهم ..اقترب واحد منهم فسأله عن منزل "الست سوما" فدله عليه ..
دقائق ووجد نفسه أمام المنزل فدق الباب ..
خرجت له فتاة في اوائل العشرينات وهي تقول: نعم مين حضرتك! ؟؟
-إياس ...
ضيقت بين حاجبيها بتعجب وهي تتلفظ اسمه الغريب نوعا ما ولكنها هتفت بضيق: ايوة وبعدين!؟؟
هتف إياس بهدوء: عايز الست سوما !!
هتفت الفتاة بحدة : وأقولها ايه بقا ؟؟!
هتف بنفاذ صبر : إياس ..قوليلها كده وهي هتعرفني ..
غابت لحظات وتركته علي الباب واقفاً يحارب شياطينه التي لو أطلقها لأحرقتها!!!
أتت سوما وهي تقول مرحبة بشدة: سي إياس ..يا مرحبا ده البيت نوّر..!! اتفضل!!
هز رأسه نافيا وهو يقول برجاء: لو ممكن يعني كنت محتاج مفتاح البيت القديم ..في شوية حاجات عايزها !؟
- طب اتفضل وأنا ثواني وأجيبلك المفتاح .!!!
لم يخطو داخل المنزل لتقابله الفتاة - الغبية- سليطة اللسان ونظراتها لا تنم علي خير!!!
وكزتها سوما وهي تقول: ده سي إياس اللي كان ساكن عندنا قبل كده ...
والتفتت إليه تهتف متذكرة: إلا صحيح هي إبان ازيها والله وحشاني ...
- ماتت !!
شهقت سوما بقوة ونظرات الفتاة استحالت لمشفقة..
دمعت عينا سوما وهي تقول: البقاء لله .. انا مكنتش اعرف ..
قاطعها بتفهم: ولايهمك ..
دخلت سوما لتجلب المفتاح كما طلب وتركت له الفتاة التي لم تحد عنه عيناها ... التقط نظرة داخلهما فكانا كالعسل ممزوج بالخضار ..فبدت رائعة أكثر وكعكة شعرها....
ابتلع الغصة في حلقه وتحجرت دموعه في مقلتيه...!!
التقط المفتاح منها واتجه ليغادر بعدما شكرها باقتضاب وهي مازالت معلقة عيناها بمكانها الذي كان محتله منذ قليل وعطره الذي علق بأنفها وأخذ مكانه علي قلبها
- كان بيحبها .؟؟!
نظرت نحوها بتعجب وهي تقول: مروة ..ملكيش دعوة بيه ..دي مرة ومش هتشوفيه تاني !!
لم تستمع لم قالته أختها واتجهت خلفه تروي فضولها الذي اشتعل بعد كلمته تلك ...
ماتت ....كانت كلمة بسيطة تحمل بين طياتها حزنه الدفين وصورة قلبه المسكور...لن تتركه حتي يروي فضولها ..ومن غيره سيفعل ..طالما هي قالت إذاً ستنفذ ...
_________________
نهضت متثاقلة من فراشها فوجدت هاتفها يرن التقطته لتري اسمه يضئ الشاشة وقلوب تلتف حوله كأنه يشعر بها وبقلبها ... ردت عليه قبل ان ينتهي الاتصال...
- ألو!!
أتاها صوته المحبب من الناحية الأخري وهو يقول: مش عارف اقول إيه بس صدقيني لو قولتلك إني أول مرة أعرف إنها حلوة !!!
توردت وجنتيها خجلا وهي تقول: إيه هي ؟!!
ضحك مشاكساً وهو يقول: ألو !!
هتفت بغيظ: حازم ..عايز إيه؟!!
هتف حازم ببساطة: مفطرتش ..قولت يمكن نفطر سوا!!؟
هتفت بسرعة: دقايق وأكون عندك !!!
انتبهت علي نفسها وعلي ما تفوهت به فأغلقت الهاتف في وجهه وهي تلعن قلبها الذي وضعها في مثل هذا الموقف والذي تناست فيه نفسها ... شعرت بحرارة جسدها ترتفع لتفق من تسمرها علي صوت رسالة تصل إليها .. كانت منه هو يخبرها بمكان المطعم ...
ابتسمت بخجل وتحولت لضحكة مرحة وهي تنهض من فراشها ترتدي أجمل ما لديها ... ابتسمت بفخر وهي تتطلع لصورتها في المرآة... وصففت شعرها الذي طال قليلا... منذ عرفت أنه يكره الشعر القصير فأحضرت كل ما يخص تطويل الشعر وعهدت نفسها أنه سيطيل ..
وخلال نصف الساعة كانت تجلس أمامه بعدما ترك ابنته تلعب في المكان المخصص لها... فركت يديها بتوتر وهي لا تعرف كيف تبرر له ما حدث منها هذا الصباح ..فحضوره يطغي عليها شعور بالبهجة ..لا تعرف كيف تتصرف فتنسي نفسها معه ...
تنحنح حازم ليزيل عنها توترها قائلا: تحبي تاكلي إيه ؟!!
هتفت بهدوء وهي مازالت مطرقة الرأس: أي حاجة ..
ابتسم بهدوء وهو يقول: ينفع أطلبلك علي ذوقي ؟؟؟!
أومأت برأسها بصمت ولم ترفع رأسها إليه ... كم يتوق ليري عسل عينيها ... لا تعرف ماذا فعلت به ولقلبه ولعهده الذي قطعه لنفسه بأنه لن يسمح لأي امرأة أخري بأن تدخله ...لكن ...لكن هي كان لها سلطان علي قلبه ...وكأنها تعطيه إشارات لينبض باسمها ... أحبها ..نعم بل أكثر منه عشقها ..عطرها لا يترك خلايا تنفسه ..احتلت كيانه كله ...ولن يسمح لها بالخروج ....كم يتمني ذلك ولكن ..الظروف من حوله لا تناسب ما يريده .....
انتبه من شروده علي وضع النادل لأطباق الطعام ..فأكلا سويا وخرجت هي من قوقعة خجلها لتشاركه حديثه ...
_________________
أزاح الباب بخفة ليدخل بعدها ...سعل قليلا وهو يري كمية الغبار التي تراكمت ... دخل بخطوات وجله يشعر بقلبه يخرج من مكانه مع كل خطوة يخطوها وهو يمعن النظر بكل ركن فيه ..يذكرها به ...الأريكة التي تشاجرا سويا لكي تنام هي عليها بعدما أوجعه ظهره فأرادها بأن تجرب ..والفراش الذي توسطت حضنه أول مرة عليه ...
اقترب من الخزانة الصغيرة التي اتخذوها موضعاً لملابسهما ...فتحها ليلتقط منها ثوباً كان لها ...أمسكه بيده واتجه ليجلس علي الفراش ...احتضنه بقوة يشتم عطرها الذي مازال عالقا به .. انهمرت دموعه وكتم شهقاته داخله وكأنه يحتضنها هي ...
هتف بين دموعه : وحشتيني أوي ....
عادت شهقاته تعلو وهو يكتمها داخله ...لم يتحمل ما حكته له بيريهان عن انهياره ودفعه لوالدته الأمر الذي جعله يكره نفسه ...ولم يحتمل بعدها .اعتذر منها بدل المرة ألف ...وهي سامحته وقبلته بأحضانها مرة أخري فقط يعود إليها ..ومنذ ذلك اليوم وأقسم بأنه سيعود إليها وأنه لن يتسبب في حزنها مرة أخري ...فريدة الذي قضي عمره في حضنها ولم يهتم بشئ أكثر من سعادتها ...منذ صغره وأقسم بأنه سيجعل منها فرحة لا يعرف الحزن إليها طريقاً ...وبعد كل هذا العمر أتي هو ليدمر كل ما فعله علي مدار سنوات حياته كلها في لحظة واحدة ...انهياره...
انتبه لوجود شخص معه بنفس المنزل فرفع وجهه إليها ليجدها هي سليطة اللسان ...
ابتلعت ريقها بعدما نظر نحوها بحدة واحتدت عيناه كمن تعدي علي خصوصياته ولكن فضولها يقتلها لو لم ترويه ..!
جلست بجانبه متجاهلة نظرات الغضب التي كانت تحرقها وهتفت بشرود: حلوة ؟!!
مسح دموعه ولم يترك ثوبها فهتف بحدة: شئ ميخصكيش !!!
هتفت بعناد : كنت بتحبها ؟!!
التفت إليها بحدة وهو يقول بغضب: كنت ..لا لسه بحبها ومش هحب غيرها!!!
تنهدت وهي مازالت علي شرودها : يا بختها !!!
ضيق عينيه بضيق وهو يقول بحدة: عايزة إيه ؟؟!
التفتت إليه وهي تقول بمرح: عايزة أعرف كل حاجة عنها ..حلوة ولا لأ... طيب اتقابلتوا ازاي ..واوعي تقولي إنها قريبتك وأنت اللي ربيتها والكلام ده !!!
ارتسمت ابتسامة علي شفتيه وهو يقول ليغيظها: لأ..
كزت علي أسنانها بغيظ وهتفت بحزم: لأ هتقولي كل حاجة ...!
ضحك بخفوت ولم يمنع لسانه عن الحديث وهو يحكي عنها كل شئ .. عيونها الخضراء وكعكة شعرها التي لم تكن تتخلي عنها وعنادها الذي كان يغضبه ومع ذلك كان يجاريها لتأتي بأخرها ولكنه بالنهاية هو من يخسر .وكيف تقابلا في المطعم اول مرة لتبدأ بعدها رحلة المغامرة المليئة بكل انواع الدراما ... وجمالها الذي آسره منذ أول وهلة وتعبه وطول رحلته حتي وصل لقلبها بعدما توسطت قلبه ...حتي أتي ذلك اليوم المشئوم الذي رحلت فيه ... اختنق صوته وهو يحكي لها كيف كانت تصرخ وهو لا يستطيع مساعدتها وحمايتها كيف خذلها وهي التي كانت تحميه لكنه لم يستطع ..صدقاً حاول وفشل لتكون تلك المرة الأولي التي كان بها ضعيفاً ...وليته لم يكن ..لقد أضاع ضعفه حبيبته وهو السبب في ذلك ..
انهمرت دموعها ولم تستطع التحكم بها ...لم تعلم بأنها ستقابل عاشق لهذه الدرجة ..عشق دائما ما كانت تقرأ عنه في الروايات وتشاهده من خلف الشاشة ..كم تمنت بأن تكون مكانها ...حقاً أنا أحسدك إبان ...برغم كونك ميتة ألا أن قلبك مازال ينبض داخل أحدهم ...
هتفت من بين دموعها : الله يرحمها!!!
لم يعلق وظل يستنشق عطرها ثم نهض فجأة وجلب حقيبة ليلم بها أغراضها ويأخذها معه حيث ينعم بأحضانها داخلها ...وساعدته حتي انتهي ...
أمسكت بيده وهي تقول بتوسل: خليني أشوفك تاني ؟!!
أزاح يدها برفق وهو يقول مودعاً إياها بابتسامة: لو لينا نصيب ...
راقبته وهو يغادر ولم تغمض جفناها ...رفعت يدها تشتم عطره وهي تقسم بانها لن تغسل يدها لآخر عمرها لتنعم بدفء عطره كما كان دفئه يملأ المكان ...
__________________
نفخت بغيظ وهو مازال لم ينطق بكلمة كلما حاولت التحدث انشغل بشئ وكأنه يتعمد تجاهلها ...كم تمنت بأن تكسر رأسه لتحضر جمجته من الداخل وتكسرها حينها فقط سيشفى غليلها ربما تفكر في طهو "مخه" فهو سيبدو لذيذاً فهو بطعم عناده غضبه اللذيذ علي قلبها.. عيونه الزرقاء تأخذها لعالم آخر ..عالم تعيش فيه هي وهو وحدهما بعيد عن كل البشر ...
رفع وجهه إليها فوجد سواد عينيها مشتعلاً من الغضب ..بغض النظر عن كونه لا يجد كلام يتفوه به أو يبدأ به حتي .. ألا أنه أرادها بأن تذوق طعم مرارة الانتظار وهي تتحدث وحدها كما يفعل هو ...دائما ما تطرق رأسها خجلا وتتركه وحده حرية التصرف معها ..فضاق ذرعه منها ....فأرادها بان تذوق وقد فعل ولكن كانت الخلطة قليلة..
انتبه علي صراخها وهي تقول: لما تبقي تعرف عايز ابقي اطلبني ...!
أمسك يوسف يدها قبل ان تنهض وهو يقول بحيرة: مش عارف أقولك ايه الصراحة!!!
نفخت بضيق وهي تقول: يوسف ..أنت من امتي كده م انت دايما بتقول اللي نفسك فيه زي ما قولتلي!!
هتف بسرعة : ماما عايزة تعمل فرحنا أنا ومراد ...
وقبل أن تتحدث هتف : وإياس موافق !!!
جحظت عيناها بصدمة غير مستوعبة ما تسمعه ...إياس يريد إقامة عرسٌ لأخوته وزوجته لم تكمل عاما ...
تساءلت بقلق .ربما نسيها واستطاعت فريدة بأن تخرجه من حالته تلك ..فدائما ما سمعت عن علاقته بوالدته منها ..وكيف عاقبها بعدما تدخلت والدته في شئ يخصها ووقفت ضده. ...أبهذه السهولة ستموت ..إبان لن تموت ..
نهضت من مكانها بعنف وهي تقول بقسوة: لو كان هو نسيها فأنا لا يمكن أعمل كده !!!!
غاردت ولم يمنعها هو نفسه لا يجد كلمات يقنع نفسه بها ..خائف ..خائف علي أخيه بأن يكون يخطط لشئ خطير دون إخبار احد به ...حزنه علي زوجته دفين ..والجميع يحسده علي ابتسامته وضحكته التي تخفي أكثر مما تظهر ..يكفي نظرة الانكسار في عينيه ..هذه بحد ذاتها مصيبة تكسر الظهر. ..فانكسار الرجل يعني نهاية كل شئ ..وهو خسر إبان ..زوجته ..ويسعي لتدمير حياته ..
تنهد بحزن ونهض يغادر خلفها...
___________
طرق باب المنزل بخفة وهو لا يريد الدخول كم يتمني بالعودة حيث غرفته لينعم بلحظات داخل ثيابها ..يشعر بدفئها.. بحضنها الذي حرموه منه ...
فتحت مني الباب فوجدته أمامه ..احتضنته بقوة تفضي اشتياقها لابنتها... هو آخر شخص كان معها ...ربما يحمل بين طياته عطرها أو رائحتها ....
دمعت عيناها وهي تقول : حمدلله علي السلامة يا حبيبي !!!
احتضتنها مقبلا رأسها وهو يقول: الله يسلمك يا طنط ..ازي حضرتك وعم مصطفى !!؟؟!
هتفت بعجز : الحمدلله.. منقدرش نقول غير كده !!!
أفسحت له المجال للدخول لزوجها الذي اصر علي رؤيته بعدما سمعه من ياسمين التي لم تكف عن البكاء منذ أن أتت إلي هنا ... وهي تقول "هو السبب" ..تنهدت بحزن واتجهت للمطبخ تعد له مشروباً تقدمه له ...
دخل بعدها لغرفة الصالون التي كان حماه يتوسطها بكرسيه المتحرك الذي طالما كانت تبكي بسببه ...تبكي لأنه كان السبب في عجز والدها وصديقها ...افتقدت الكثير بعد ما حدث معه ...كان لها نعم الرفيق قبل أن يكون لها نعم الأب... كانت تفخر به أمامه ...ما تتحامي به منه ....
انحني يقبل رأسه باحترام وفخر كالذي كانت تبادله زوجته ... دمعت عينا مصطفى وذكري ابنته التي لم ينسيها قد خالطت عقله ...قربه إليه يحتضنه ..فبكي في حضنه ...لم يشعر يوماً بهذا الحنين للبكاء ..رغبة عارمة اجتاحته لأن يبكي ... فانهمرت دموعه وحدها وكأنها وجدت منبعها .. شدد مصطفى من احتضانه وشاركته دموعه ....فابنته -الراحلة- كان لها مكانة في قلوب الجميع المحب والكاره ..الفخور والحاقد ....
أبعده عنه وهو يصطنع المرح: بقا كده ..أسبوعين خرجت وأنا مشوفكش ... هونت عليك ؟؟!
مسح دموعه وهو يقول: مكنتش عايز أنهار ..كنت متأكد أني هنهار في حضنك ...
نظر نحوه كأنه يريد قول شئ فشجعه وهو يربت علي كتفه قائلا: مالك ؟؟!
تنهد بحزن ليعود لمعان عيونه : شوفتها ..مش بتسيبني ..خايف أتكلم تقولوا اتجنن لموت مراته ..بس ...
صمته أعطي مصطفى إشارة بالقلق فهتف هامساً: بس إيه؟!!؟
ابتلع ريقه وهو يقول بحزن: أسبوع بحاله مجاتش ..بطلت أشوفها في أحلامي أو أنا صاحي ... حاسس إنها فيها حاجة... تعبانة !!
ابتلع مصطفى ريقه بقلق علي حالته فهتف بحزن: وهو اللي بيموت بيتعب !؟؟؟
شرد لحظات وهو يقول: لو زي م بتقول يبقي ليه كانت بتعيط آخر مرة. اليوم ده بيري قالتلي إن جالي انهيار ..وهي جاتلي قبلها وحطت حاجة علي قلبي مش عارف إيه هي ..بس هو في حلقة مفقودة في النص !!!
ربت علي رأسه بحنو وهو يقول: انسي !!
نظر نحوه بحدة من مكانه وهو يهتف بغضب: أنسي !!
أومأ مصطفى مؤكدا وهو يقول: أيوا ...أنت لازم تنسي ..لازم تكمل حياتك ..إبان كانت مرحلة في حياتك وراحت !
نهض من مكانه بعنف وهتف بغضب وملامحه اشتدت: مرحلة !!! إبان هي حياتي .. موتها من موتي. ..لو كانت هي ماتت فاعتبروني أنا زيها ...سيبوني أعيش اللي فاضلي مخلص ليها. .. إياس مش هينسي إبان أو إنه يكون غير لإبان.. لو كنت أنت نسيتها. فعلي الأقل سيبني أفتكرها أنا !!!.
راقب خياله حتي اختفي. ..تنهد بحزن وأمسك بهاتفه وضرب بعض الأرقام وانتظر الرد !!
مصطفى: عايزك تجيلي يا أمجد دلوقتي !!!
أغلق الهاتف بعدها ... وهو يتردد في أذنه كلماته ..نسيها ..كيف ينسي ابنته .. هي ليست ابنته فقط بالكلام... بل هي ابنته بكل ما تحمله الكلمة!!!!.... .
______________
جلس حازم في منزله وضع رأسه علي الأريكة يتذكر ملامحها. .كم زاد عشقه لملامحه الخجلة ... وشعرها الذي يزيد حنقه ..واليوم كان ليفتعل جريمة بسببه ..عندما كان يشتري الحلوي لابنته وتركها معها ...حينما سمع معاكسة أحدهم لها. ..لم يشعر بنفسه إلا وهو ينقض علي ذاك الغبي ليضربه ..لا بل أبرحه ضرباً حتي كاد يموت بين يديه ..وكيف عنفها بقوة داخل السيارة ليسمع صوت نحيبها الذي لم تكتمه طوال الطريق لمنزلها ..حاول أن يسترضيها ولكنه كان غاضباً وبشدة ...كيف يتصرف معها ومع شعرها القصير الذي يزيدها جمالا... أجل هي حلوة ولذيدة دون شعرها وبشعرها هذا زادها جمالا... فالاحمق-فقط- هو من لا يطمع بها ...والأعمي-فقط- هو من لا يري جمالها... زفر بحنق وهو يتذكر ...كم مرة أراد إخبارها بأنه يحبها بل يعشقها ولكن هناك شئ يمنعه ولا يعرف ما هو ؟؟..ربما ابنته ...بأنه تزوج من قبل وهي فلا... خائف من أن يظلمها ولكن إلي متي سيظلم هو نفسه ...انتبه من شروده علي جلوس أخته بجانبه والتي هتفت بشرود:
- عايزة أطلق !!!.
صمت وطال صمته ..يحاول تجميع ما قالته ..استيعابه فلم يستطع.. ،.
هتف بعدم فهم: عايزة إيه؟!!
عادت تهتف بشرودها المغلف بالبرود وكأنها تلقت صفعة أو تعرضت لخيانة من زوجها: اللي سمعته ..عايزة أطلق؟!!
هتف بغضب : وأيه السبب ؟!!
نزلت دمعة يتيمة من عينيها وهي تقول: مش عايزاه !!!
عاد صمته من جديد يغلفه بدلا من ان يحرقها بغضبه. .فالغبية -أخته- مازالت تسكن في قوقعتها القديمة ولم تتركها. . وكل محاولات يوسف في إخراجها منها قد فشلت ...
وجد نفسه يمسك بيديها بعنف وهو يقول بغضب: رجعتي تاني. .. خوفك مش هيفيدك ..بتعذبي نفسك وتعذبيني أنا ليه ،...ليه ؟!!.
انهمرت دموعها لتحرق قلبه من جديد ..مازال يحمل نفسه مسئولية ما حدث لها .. هو السبب منذ البداية .. هو من وافق علي العريس تحت ضغط طليقته ...ولم يسأل عنه ولكنه طلقها ودفع ثمن خطأه ..حرم قلبه طوال السنتين من الحب ..ولم يسمح لأحد من الاقتراب من قلبه ...حتي بيريهان لم يعترف لها بأنه يحبها وكل من أجلها ..وافق علي خطبتها ليوسف عندما رأي التصميم في عينيه ..وقد نجح ..استطاع إخراجها من قوقعتها ..فخرجت وحدها وعملت في مجالها ...والآن تريد تدمير كل شئ ...تدمير حياتها ومعه حياته ....
احتضتنها بقوة يربت علي ظهرها وهو يقول: أنا آسف ... زي مانتي عايزة .هخليه يطلقك ؟!!
علت شهقاتها وكان سبباً في رفضها ..لا تريد تركه ..هي تحبه ولكن ...ما يطلبه منها صعب عليها تنفيذه ..كيف يريدها أن تتزوج وإبان ليست موجودة ... إبان هي السبب في موافقتها علي يوسف حتي لو كان السبب بأنه أخو إياس ..كان هذا سببا رئيسيا في موافقتها ..منذ صغرها وهي تشهد لها بالذكاء الذي تعلمته من كونها تفكر وتتحدث بعقلها .. دائما ما كانت تقف في مواجهة الجميع من أجل شئ تريده ...طالما أبغضتها علي وجود أبيها داعماً لها ...حتي لو كان لم يفرق بينهم أبداً ... لكن هو والدها يبقي والدها رغم كل شئ ...
تشبثت بحضنه تريد الهروب من كل شئ ..تريد الهروب بعيداً عن الجميع ..قوقعتها التي كسروها ...دمروها لها ..تريدها ولكنها لا تعرف طريق العودة ..رغم سكونها داخلها لسنوات ولكن لا تستطيع ..ربما بسبب حبه ليوسف الذي تربع عرش قلبها ... وعقلها الذي كلما انفردت بنفسها أحضر لها ذكرياتهما سويا ... عطره الذي تستنشقه في هوائها .. وأثر قبلاته علي شفتيها لم تمحيها ..كم تحبه ..صرخ قلبها الذي ينزف دماً علي حبيبه الذي قرر عقلها التخلي عنه ..
أنت تقرأ
رغم التحديات (قلبي لك ج3) للكاتبه أميرة صلاح
Romanceجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه أميرة صلاح الفيس بوك الخاص بالكاتبة : روايات بقلم أميرة صلاح وما دمت أخبرتني قلبي لك فعهد علي سأظل لك رغم التحديات