البارت الرابع

92 9 3
                                    


~انها كالملاك ~

خائب كطفل صغير رمى طائرته الممزقة للسماء علها تطير
وحزين كعصفور ضئيل ماتت أمه قبل ان تعلمه كيف يطير
هل انتهت اللعبة وأعلنت خسارتي أمام حوت صغير
هل غيرت سفينتي شراعها متجهة لضرب فتّاك من الأعاصير
أما اكتفت تساميم ضميري بتعذيبها لتجرّني لحتفي بأيدي من حرير!!؟

أتت أفرغت ما لديها كبنزين على حطب صدري ليصبح جمراً مشتعلاً ، ومن الأساس كيف سمحت لنفسها أن تخاطبني هكذا ؟ عقاب؟ لي أنا ومنها هي؟! لما تقحم نفسها بأمور لا تخصها كيف أعطت لنفسها الحق وقرأت أسراري ؟ يبدو أنها تريد الموت مجددا وعلى يدي تماما كما أنقذتها بيدي

انتظرت حتى قذفت تهديدها واستعدت رشدي فمنذ التقطت أذني كلماتها وكشفت عن اسراري الذي أحاول جاهداً دفنها بأعمق أعماقي وقد تصنمت كالشليل لكن طفح الكيل هل سأخاف من فتاة طائشة كل ما تملكه كلمات دون دليل؟ هذا سيختفي بالنهاية ما إن أستعيد مذكراتي وأخيفها صحيح..

مازالت تناظرني بسخط وغضب كمن قتل عائلتها وشردها

رفعت نظري لها وقبضت ذراعها بقوة وهسهست "ما اللعنة التي قلتِها الآن ؟من سمح لكي بتهديدي ؟من سمح لكي بفتح ما لا يخصك وقراءة خصوصيات غيرك؟بل وكيف تجرأين أجيبيني" صرخت بآخر كلمة بالتزامن مع رجّها كريشة بين بين يدي فرعون

"وهل هي مذكرات مراهق حتى لا تستحوذ على فضولي انها جريمة بحق ويجب محاكمتك أيها المسخ" قالت بأكثر نبرة مستفزة وقد نجحت بعدما كدت اتهاون معها عند تألم ملامحها لأمسك بذراعها الاخر بقوة أكبر
"اين المذكرات؟ أجيبي وإلا قتلتك مكانك هيااا"

ضحكت بتهكم لأزفر اخر ذرة هدوء وابدأ بتقييدها بيد والاخرى أفتش ثيابها منتهك حرمة لمس جسدها

أخذت تتحرك بقوة ترفس يده تارة وتشتم تارة ثم تعود وتضربه وتركله لكن لم يعد يفيد هاهو ترك قيدها دافعاً إياها عدة خطوات للخلف بعدما أمسك بالكتاب وأخرجه من جيب سترتها أسفل معطفها

أمسكه يضمه قريبا لصدره كمن وجد غصن شجرة في المحيط لينقذه من الغرق

"وهل تعتقد أني لن أفضحك وأتراجع عن وعدي بعقابك بمجرد أخذك الكتاب؟ أم أنك ساذج لتدرك أني أنهيته وعرفت الحقيقة كاملة ؟"

نظر لها وهي تتحدث وأنفاسها تتعالى من الألم والغضب ، تجاهل قلقه مما قالته وهمّ يعطيها ظهره مغادرًا لكنها استوقفته مجدداً بكلماتها الحاقدة والمستفزة اكثر بالنسبة له
"جيد اذن ذاك المراهق الضعيف الذي رضخ لمتنمرين ايام ثانويته اصبح غير مهتم ان تم زجه بالسجن بتهمة انتحال شخصية"

اغمض عينه وشد قبضته ليعود لها بسرعة وخطواته تفتت الرمل المتحجر تحته ليمسك رقبتها بقوة وغيظ

"اياكي والتجرأ على التفكير حتى بتحدّيّ أفهمت" دفعها أرضا لتسقط على جانبها وقد اطلقت آه متألمة عند اصتدام جانب رأسها بصخرة

كان سيتجاهلها ويمضي في طريقه لولا انه لا يسمع سوا تأوهاتها التي يقل صداها تدريجيا

                                   •
                                   •

مرت ساعتان بالفعل وهاهو يخرج من غرفته حاملا صينية صغيرة عليها أدوات تعقيم ، وضعها على طاولة خشبية مستديرة وجلس متعبا على الكنبة يتنهد على ما آلت اليه الأوضاع... من كانت تهدده وعلى وشك انهاء حياته هاهي نائمة بغرفته كانت ستفقد حياتها بسببه لتضاف جريمة اخرى بسجل جرائمه
اسند رأسه على ظهر الكنبة وارتخت أعضاءه ليغفو...

("عااا ألا تمل يا رجل؟ مضت ساعة وانت تدرس وتتجاهلني ، هيا سيهون قم لنمرح قليلا بالارجاء "
قال برجاء للأخر الذي يركز نظره على صفحات الكتاب ليرفع نظره اخيرا لكن ليس لمن يقابله بل لشيء ما خلفه شيء يخطف انفاسه يستحوذ على تفكيره 'إنها كالملاك' هذا ما فكر به لكن بصوت عالي قليلا يكفي لجذب انتباه لاي ليقطب حاجبيه له بتعجب ثم يلتفت خلفه ليرى ما يقصده صديقه ..
فتاة طويلة بجسد متناسق منحوت باحترافية عيون بنية واسعة شعر اسود مسدول يزينه بروش صغير على شكل فراشة وشفاه كرزية مطلية بلون الزهري يتماشى مع لون تنورتها وبلوزة بيضاء بأكتاف عريضة ، هيئتها بالفعل ساحرة
"جميلة بحق! " تمتم لاي دون شعور ثم ضيق عينيه بخبث وأعاد نظره لـ سيهون "هيي!ظننتك لن تلتفت لغيري ايها المحتال " قال بدرامية واستياء لكن ذلك لم يحرك  نظر سيهون قيد أنملة تجاهه بل ونهض مسرعاً نحوها عندما رأى شابان يضايقونها
حركة اثنان ثلاثة كان أحدهم ملقى يتلوى من ألم الضربات بوجهه والثاني اعتذر وهرب وسط حشد طلابي منهم من يتهامس معجب بتصرف سيهون ومنهم يراقب الوضع متعحباً كما وضع لاي الذي تمتم ساخراً "مادام يعرف كيف يلكم ويضرب لما سكت مع المتنمرين ؟هل كان منتظر تدخلي! ؟"
وقف أمامها ونظر لها متفحصاً ثم قال بقلق "هل انتي بخير " أومأت بلطف ثم مدت يدها بامتنان ليصافحها بهدوء يخفي توتره قدر المستطاع ثم تقول بابتسامة عذبة "شكراً على إنقاذي في أول يوم دراسي لي سأحاول رد الجميل.. انا تزويو")

أفاق من نومه وتنفس الصعداء ثم بدون وعي هربت دمعة يتيمة وهو يهمس "فعلا قمتي برده بأحسن صورة " ليبدأ صوت صرخة ترن في البيت...

مذكرات ميتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن