مر الشتاء،و هاهو أول ربيع يحل علي و أنا كفيفة! ...كان الوقت باكرا عندما استيقظت مترجلة نحو شرفة غرفة الجلوس بعد أن قمت بتحضير كوب من الشاي . ماء مغلي و كيس شاي مع ملعقتي سكر كان مناسبا جدا لبداية يوم جديد...وضعت كوبي على الطاولة ثم سحبت الكرسي الخشبي حتى أجلس عليه ,الشرفة كانت تطل مباشرة على حديقة المنزل التي وصفتها لكم من قبل ,لكن الشيء المختلف فيها هذه المرة أن ليام قام بازالة العشب الصناعي ,و نمى آخر طبيعي في مكانه ...يبدو أن الأزهار التي كانت محبوسة داخل أقماعها قد قفزت لتغمس جذورها داخل تراب طبيعي يتربع على مساحة حرة لا تحيط بها أي جدران عازلة ....العصافير بنت أعشاشها من جديد و السناجب خرجت أخيرا من سباتها العميق لتقفز مجددا هنا و هناك. أما أشجار الثمار فقد أخرجت أوراقها, و من الأوراق خرجت الأزهار منبئة عن قرب اثمارها.
الوقت كان مبكرا جدا لدرجة أن السماء كانت محمرة ,فالشمس قد بدأت للتو في اظهار خيوطها الذهبية التي تتسلل وسط الظلمة لتخترق العتمة و تحدث انكسارا لونيا لا نشهده سوى لمرتين في اليوم ,حضورها طاغ و انصرافها أطغى ,نفرح بقدومها و نحزن لذهابها فعند فراقها نفكر ...هل سنشهد رؤيتها مجددا أم لا؟ ,و عند قدومها نفكر...هل سنشهد غروبها أم لا ؟
الشمس في هذا الكون كملكة تتربع على عرشها بين عدد لا يحصى من الأمراء و الأميرات و الحراس و الخدم ...هي بالسمفونية التي تعزفها فقط عند الشروق و الغروب و ما بينهما تذكرنا بموزاييك حياتنا فالانسان بالفطرة يحضر الى هذه الحياة بطريقة مميزة و يودعها كذلك بطريقة مميزة ,لكن الأهم هل سيكون مابين الحضور و الذهاب شيء مميز؟
الشمس هنا تذكرني ببعض الأشخاص في حياتنا الذين يدخلونها دون سابق انذار ,يهزون كياننا ,يعلقوننا بهم ,يفرحوننا ,يحزنوننا ثم يغربون و كأن شيئا لم يحدث ....كذلك ستكون قصتي مع ليام ,و التي يبدو أنني لازلت أعيش فيها لحظات الشروق التي مضت بسرعة ولا زالت تستكمل لحظاتها الأخيرة قبل أن تخطي خطوة واحدة الى ما بين البداية و النهاية ...نحو لحظة هز الكيان و ما يتبعه...!
----------
صوت زقزقة العصافير كان يرن في أذني كمعزوفة كلاسيكية،وجه الشبه بينهما أنني أحب الاثنين و أتأثر بالاثنين! ، يداي كانتا تعانقان كوب الشاي الذي ييدو أنه برد و أنا لم آخذ منه أي رشفة بعد،فقد طرت بتفكيري بعيدا،طرت بلا جناحين و استقرت نفسي فوق غيمة بيضاء،رسمت كل ما لم أستطع رؤيته في ذهني لكنني ختمت كل ذلك بسؤال لطالما تربص بي حتى يطرح نفسه في كل موقف معي'لماذا لا يمكنني رؤية كل ذلك في الحقيقة؟'، هو سؤال غبي لكنه يعبر عن لحظات اليأس التي تجتاحني لدقيقتي زمن لكنني سرعان ما أقتلها و أقبرها في نفس المكان الذي ولدت فيه!...نعم،فأنا لست في حاجة الى حمل كل هذه الهموم دفعة واحدة! .
أخذت ممسحة و مسحت بها كل تلك الأفكار،قفزت من غيمتي و عدت مجددا الى الواقع بابتسامة أمل رسمت على ثغر أنثى ذاقت من الهموم ما يكفي لسد تفاؤل أمة بأكملها في مستقبل جميل.
أنت تقرأ
داخل العتمة(مذكرات ديانا)
Fanficأخذني في رحلة إلى بلاد النسيان ، أعطاني ترياقا أفقت به من هواجسي و استرحت بفضله في مكان ﻻ ماضي فيه وﻻ ذكريات فقط أنا و هو و الجبل... كأنه كان يدري بما في داخلي كأنه أحس بآﻻمي كأنه استرق السمع لصرخاتي المكبوتة كان و كأنه جزء مني لأنه كان يظهر في...