CH1

1.3K 34 2
                                    






أولى ذكرياتي الحقيقية ولدت في ذلك اليوم كان الجميع قد ارتدوا ثيابهم الرسمية الكل يبدو أنيقا بما فيهم أنا ، كأننا سنقصد حفلا ما

حفلا لايجب فيه التحدث لمن بقربك فقط لكلٍ دوره يتقدم ليلقي كلمته بصوت عديم اللون
أكثرهم ذابت أحرفهم ببعضها البعض فلم أفهم ماكانوا يقولون، وعند الختام لابد أن يرفعوا أنظارهم إليّ

يوجّهون القول لي ولكن القصد لآذان الاخرين، البعض كان الدمع يتراقص في زوايا عيونهم، شعرت بالرهبة كلما أنهى أحدهم كلمته ونظر اليّ،  كنت محور أمر لا أريده

ولولا توصيات جدتي الحازمة لكنت هربت واختبات خلف أقرب جذع شجرة ، ولكن أبقتني عينا جدتي التي كانت تهز رأسها كأنما تعطي موافقتها لكل من أنهى حديثه

عينا جدتي المحمرة ذاك ما أرعبني، فصورتها التي طالما أرهبتني كان بها شي قد أقول مهزوز وهذا زادني رعبا فالعالم من حولي يبدو كما يجب أن يكون كما هو، لكن قطبيه تلاشيا وتركا لقدمي التخبط

نظرت لشاهدَيْ القبرين الذين حملا اسم والديّ ولم يعنيا الحجرين لي شيئا

وحين أشارت لي جدتي بأن أتقدم وأضع الوردتين التي فقدت أكثر بتلاتها لشدة ماعصرتهما بين يدي، الوردتين التي كان يجب أن ألقيهما سابقا على التابوتين قُبيل الدفن ولكني نسيت أن أفعل لذهول عقلي

"وداعا أبي أمي .. أحبكما ، ارقدا بسلام"

كان علي أن أكتفي بتلك الجملة فهكذا أخبرتني جدتي، ولكن رغم تحذيراتها الشديدة من استعراض العواطف أمام الآخرين، إلا أني كأنما الإدراك أصابني على حين غرة

لم أستطع أن أدير ظهري لهما، إنهما معا هناك .. هل يسمعاني ؟ هل ندما لتركنا؟ إرتجفت شفتاي ثم جسدي كله وبصوت مخنوق مجروح أضفت

"ستعودان.. لن أبقى وحدي، أريد ان أكون معكم ماذا سأفعل س..لن تنسياني ما.."

علا في تلك اللحظة صوت البعض ينشج بالبكاء هنا وضعت (بيا) يديها على كتفي فتذكرت حالا جدتي لابد أنها أشارت لخادمتها لتتدخل

رفعت نظري وانا أتوقع نظرات الخزي والادانه من جدتي، فذهلت لرؤية عينيها مغرورقتان بالدموع التي ابت ان تذرفها.

ابتعدت بي بيا حيث العربة وهناك وجدت (كيرو) يقف بجوارها كان يمسح عينيه فتعجبت لكونه يمسح دمعه لرحيل والدي فخرج سؤالي المندهش

"هل تبكي ياكيرو؟" فرد علي بانزعاج

"لا ولكن عيني تدمع ، تبا..لقد هبت الريح تجاه وجهي لحظة رميت حفنة الرمل على القبروالآن أعجز عن إخراج الرمل من عيني ولا يبدو أن أحدهم لديه الوقت لإخراجه منها"

ادونيا تولينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن