خلال ذلك الشهر بات تأثير المقاومة واضحًا فلم يعد المحتل يتحرك بتلك الراحة وكثرت أعدادهم بصورة ملحوظة وباتت القوانين أشد قسوة تجاه من يشتبه بتعامله مع المقاومة وفي كل مرة أسمع بأنهم ألقوا القبض على أحدهم كنت أرجو الله بأن لا يكون آركيان أو شخصا أعرفه فقد ساد الحكم العُرفي فبمجرد القبض على المشتبه يتم تطبيق حكم الإعدام الفوريأتى جيرود لزيارتنا ذاك الصباح فسألته عن اركيان أجابني بأنه بخير وإن كان لم يلتقيه سوى مرات معدودة كان غاضبًا من أخيه لأنه بات يتمادى بجرأته في تنفيذ عملياته بل هو يظن أنها مسالة وقت قبل أن يمسكوا به
وبينما كنا نتحدث فوجئنا بقدوم كتيبة من الجند ولم تكن كتيبة عادية فمن لباسهم أدركنا بأنها تضم مجموعة من القاده الكبار من بينهم جنرال مهيب الهيئة تقدم من مدخل البيت ليقدم نفسه لجدتي ويشكرها على حسن تعاونها معهم، كان قادما جديدًا للمنطقة أُمِر ليحكم السيطرة على الأوضاع المنفلتة هنا
وبينما كان يتبادل الحديث مع أسرتي وجيرود ظل إحساس يراودني بأن هناك شيئ خاطئ في الصورة التي أراها أمامي فالرجل لم يكن غريبا على بذاك الجسد الضخم والملامح القوية والندبة على خده، وأخيرًا حين هز رأسه بتحية قصيرة لجيرود زالت غمامة النسيان عن ذاكرتي..
إنه ذاته الرجل الذي رأيته قبل بضعة أعوام مختبئًا عند ضفة النهر إنه الرجل ذاته الذي أثار الرعب في نفسي، وقد انصرف الآن دون أن يبدي إشارة لأدنى معرفة بجيرود الذي علت ملامحه اللامبالاةولأول مرة أثارت أصول جيرود الجاستونية التساؤلات في نفسي عن الجهة التي يدين لها بالولاء
لِما أنكر معرفته بالجنرال الجاستوني ؟ ومالذي ربط بين الإثنين من قبل الإحتلال حين كانت الحرب مجرد مناوشات حدودية؟
ضج رأسي بتلك الاسئلة التي لم يخلصني منها سوى ورقة صغيرة دستها في يدي غوينته بعد عودتها من البلدة كانت قصاصة صغيرة كتب عليها بخط مستعجل
"أريد رؤيتك بعد ظهر الأربعاء عند الثانية ، عند السنديانة القديمة"
آركيان يريد رؤيتي بعد غد إلهي ماذا سأفعل أنا خائفة عليه ومشتاقة له فلا أعلم إلى متى ستمهله هذه الدنيا ،لما يخاطر بنفسه الآن أيكون خطبٌ ما دفعه لذلك
لم أصدق بأن النور قد انبلج فتوجهت مباشرة للإسطبل أخرجت أحد الجياد وكان شعورًا غريبا ينتابني وأنا أنطلق في صباح هذا اليوم حاثة الجواد على الإسراع، لقد افتقدت فرسي كما افتقدت متعة التجول بحرية على ظهر جواد
عند باب بيت ال دي استاليا استقبلني الخادم الكبير تيرانس سألته عن مخدومه فأخبرني بأنه يستحم شعرت بأنه من الخطر التحدث بالأمر في الصالة الواسعة ودفعني القلق لأطلب من الخادم أن يأخذني لجناح سيده حيث سأنتظره هناك
أنت تقرأ
ادونيا تولين
Romance. . "أبقي الباب مغلقا على هذا القط اللعين وإلا سوف يُلقى به في النهر هكذا تقول أمي ، لأنك تعلمين بأني أحب كامونيه" "قد أكون انانيا ولكني لست وغدا" "أوسعت الفرجة بين أصابعي التي غطت وجهي لأجده جالسا قبالتي بكل هدوء مسندا ذقنه على إحدى ركبتيه ويضغط بع...