الفصل الثامن أوراق الياسمين

1.9K 74 1
                                    


الفصل الثامن

في الموعد كانت تقف أمام البناية التي أخبرها

بعنوانها..

تائهة، خائفة، ولا تدري ماذا أتى بها إلى هنا!

ليست الوحيدة الفقيرة في هذه الدنيا، وليست الوحيدة

ذات العشرين عاما ولم تتزوج حتى الآن!

لِمَ في لحظة تسرع وافقت على عرض جمال؟ ولِمَ من

قبلها استسلمت له؟

اشتياقها لمَن يرغبها، لمَن يتغنّى بها، لمن يهتم ويُشعرها

بأهميتها، بأن فقرها ليس مانعًا كي تتنعم بملذات الحياة،

وأولهم تلك الملذة!

هي تعرف كيف يكون الزواج لمَن مثلها من أبناء حارتها

والحارات المشابهة، وتعرف كيف هي العلاقة بين كل

الأزواج والزوجات.. الرجل هو محور العلاقة، والمرأة

لا حق لها في اعتراض أو مطالبة بأي فعل أو قول،

مجرد أداة يشتريها كي تحقق له كل متطلباته الجسدية

دون مناقشة، تأخد فقط ما يُرمى لها من فتات ولا يحق

لها بطلب المزيد.. لكنها رأت عكس ذلك من جمال،

رغم سنه الذي ناهز الخمسين بسنة أو اثنتين إلا أنه

أعطاها أكثر مما حلمت به يوما، وكتجربة أولى كانت

تفوق خيالها..

لكن الآن، وهي تقف في انتظاره كي تصعد معه للشقة،

أجهدها التفكير، لم تنم منذ البارحة من كثرة

التفكير والترقب.. ماذا سيكون مصيرها بعد تلك

الليلة؟

وإذا حاولت مجاراته والإفلات منه في آخر لحظة،

هل سيتركها لحال سبيلها؟ أم سيصبح لون حياتها

كـلون ملابس الحداد؟

أتهرب الآن وليحدث ما يحدث؟!

لكن جسدها الخائن لم يطاوعها في الهرب ممنّيًًا نفسه

بـعَيش تلك المشاعر الجديدة التي اكتشفها المرة

السابقة، وجزء صغير من عقلها طمع في النقود التي

اتفقت عليها مع جمال، في حياتها كلها لم تمسك بهذا

المبلغ كاملا بين يديها!

وشرفها؟ أتبيعه بهذه السهولة؟ كأنه قطعة قماش قديمة

في منزلهم توّد لو تتخلص منها في أي وقت!

رواية أوراق الياسمين بقلم (حنين أحمد وفاطمة الشريف)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن