الهرب

1.4K 128 13
                                    




جلس رجلٌ أمام مجموعةٍ من الشاشات المضيئة.. هيرومي يبحث في الغرفة.. كوكورو يركض على طريقٍ عشبيٍّ طويل.. بيتٌ فارغ.. شارعٌ فيه مجموعة من المّارّة.. حديقة...

وابتسامةٌ خبيثة تتربّع على ثغره، وهو يرتشف القليل من شرابه

"سيكون هذا ممتعًا"

-

ركض كوكورو لاهثًا وخطواته تسابق دقّات قلبه، وكلٌّ منهما أكثر ذعرًا من الآخر. تخلّل الهواء البارد ملابسه البسيطة الخاصّة بالنّوم، ولكنّه ركض وركض حافيًا على امتداد التلّ. حتى وصل إلى الأعلى، فوقف ليتنفّس ووضع يديه على ركبتيه وهو يشعر وكأّن رقبته تحترق. ونظر نحو البيت، فتوسعت عيناه والتمعتا حتى دمعتا من السعادة، وهو يركض نحو البيت، ضرب الباب ففتح بقوّةٍ على مصراعيه، وصاح: أمِّي

وهو يقبض على قلادته.. هربه المفاجئ.. لم تكن خطوةً عاقلة، كان قرارًا سريعًا في غمرة انفعال، ولو نظر للأمر بعقلانيّة، فقد جنى على نفسه. هذا ما ظهر في ذهنه الفارغ الصافي، وهو يتأمل البيت الفارغ على عروشه مثلما تركه قبل أن يفارقه.. فتح الأبواب جميعًا، وبحث بهلع صائحًا: أمِّييي

... ولكنّ المكان كان فارغًا. بحث كوكورو جاهدًا عن أيّة إشارة: أين؟ أين؟ أين؟.. مستحيل

أكمل كوكورو وقد فاضت الدموع من عينيه: أمّي، لقد وعدتني.. أنّك ستجلبين المال وتنقذينني.. أين أنت؟ لقد عدت، أمّي.  أين ذهبت؟

ركض كوكورو حول البيت، ولكنّه توقف حين لم يجد شيئًا، وبكى بهدوء. سقط على ركبتيه: أمِّي، أين ذهبت؟

كان هذا المشهد يُعرض على ذلك الرّجل من أحد شاشاته، وابتسامته تزاداد عرضًا..

وصل هيرومي إلى مفترق طرقٍ وهو يركض، فوقف قليلًا مغمضًا عينيه وهو في وضع التفعيل. ثمّ أكمل ركضه إلى الطريق الأيسر، وركض حتى سمع بكاءً من على بُعد. فتمتم: هذا هو

وركض حتى وصل إلى مكان كوكورو. فمرّ قرب البيت قائلًا: هذا البيت.. بيت إيلين، لقد عاد إذن؟

رأى هيرومي كوكورو يبكي أمام البيت بملامح باردة، وقال بغضبٍ وهو يقترب: لقد كان فعلًا حكيمًا.. وضع الختم عليك أيُّها المزعج. لقد غفرت لك كثيرًا حتى الآن، ولكن هذه المرّة، سترى

تمتم كوكورو وهو يحفر في التراب بأصابعه: أين ذهبت؟

اقترب هيرومي، وأمسك بياقة كوكورو، وقال بجفاء: أيُّها المزعج

وسحبه، ولكنّ كوكورو تشبث بالقبر جيّدًا. صاح هيرومي بغضب: لماذا تستمرّ بعصيان أوامري أيُّها القزم؟ فلتتقبل قدرك. أنت لا شيء، ستخدمني لبقيّة حياتك التعيسة، لذا اجعلها أقلّ ألمًا

قاطعه كوكورو صارخًا بشكلٍ أجفله: اخرس أنت. أيُّها المتكبر المقرف، أنا شيء. أتفهم؟ سأستمرّ بعصيانك، ولن أسمع أوامرك، لأنّني شيء. لن أتخلى عن كوني شيئًا أبدًا. العبيد الذين يموتون على يديك صامتين يتألمون أيضًا، لو لم نشتكِ ألن تفكر بأحدٍ غير نفسك على الأرض؟ كيف تستطيع فقط.. كيف تستطيع جعل الآخرين يعانون هكذا؟

سر الإكسفيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن