سر الإكسفير

حُمَّى

(الصّورة: كوكورو مريض).

"غير ممكن... كيف اختفى؟"

"لقد كنت أتظاهر بالحماقة وقتها، ولكن مع ذلك. لقد تأكدت من وقوفي أمام الباب في حين هزّ جيم، كيف هرب؟"

"ربّما.. النّافذة؟"

"ولكن من كان؟ لم أشعر بوجوده عندما دخلت، لقد كان هادئًا للغاية، عندما رأيت وجههشعرت.. وكأنّه كان.. مألوفًا..؟"

وضع أكيهيرو شطيرته جانبًا، ووقف أمام الطاولة. اتجهت عيناه نحو ذلك الباب.. كان وشاحٌ أحمر متدليًّا من تحت الباب...

تقدّم أكيهيرو ودفع الباب بلطف. رفع رجله، وخطى خلف عتبة الباب داخلًا إليها...

كان هناك سريرٌ صغيرٌ أزرق مرتّب، وبجواره مجموعةٌ من الدّمى والأغراض، غرفةٌ صغيرة. فيها بعض القصص المخصّصة للأطفال، وبعض الألعاب.

—

ردّد في عقله أنّ هذا مؤلم...

هذا غريب، من أين يأتي الألم..؟

أتكون يد يورا التي تسحبه قدمًا دون تريّث أو مراعاة..؟ لا، شغطه ليس شديدًا هكذا. أتكون قدماه التان ضمرتا من استلقاءه بين جنبات سرير سجنه في الأيّام الماضية؟ أم عساه يكون صداعًا في رأسه؟

لا..

لا يوجد أيّ شيءٍ مؤلمٌ حياله، لا يوجد آلمٌ ماديّ. هل هذا وهم؟ وكأنّه يعتصر من الدّاخل كالممسحة المبلّلة، وكأنّه سيذوب وينتفض. دموعه تسيح لتختلط بجسده الذي تحوّل إلى عجينةٍ ذائبةٍ بلفعل وانسكب على الأرض التي تذوب بدورها، المشهد يتكسّر ويتهالك. هذا عجيب، رغم أنّها مجرّد مشاعر، مجرّد دموعٍ غبيّة، لماذا يشعر وكأنّ شخصًا يشربه؟ يفتّت قلبه؟

لقد استدعى ظهور هيرومي الكثير من المشاعر عديمة الفائدة، تبًّا، رغم أنّه قد لا يكون هيرومي أصلًا.. أين ذهب هيرومي؟ لم يزره منذ فترة طويلةٍ حقًّا...

توقفت قدما كوكورو الذان كانتا تنجرّان جرًّا خلف يورا. أدرك يورا ذلك فالتفت إلى الكائن الماثل خلف ظهره، ورماه ببعض النّظرات الفاحصة، بعد قليل، قال يورا: هذه المرّة الثانية التي تتوقف بها، أتعاني من خطبٍ ما؟

كانت عينا يورا جادّتين هذه المرّة، كانتا تتابعان كوكورو متفحصّتين بدقّة عالمٍ ماهر، تلك الدّقة التي أخذت من نفس كوكورو ما أخذته من الضّيق، وألجمت لسانه عن الرّد.

انتظر يورا جوابًا ما، ولمّا لم يأتِ، سلك الطريق الأسهل مع هذا الطّفل العنيد، فجلس القرفصاء على ركبتيه، وبدأ بتفحّص كوكورو تفحّصًا دقيقًا من كلّ جهة، من أعلاه لأسفله. لو كان كوكورو سيختنق من قبل، فقد بات يشعر كما لو كان ملقًا في محيطٍ مظلم وحيدًا في اللٌيل على بعد مئات الأميال عن السّطح، ولم يكن يمقت شيئًا كما يمقت معاملته بهذه الطريقة. فقد كوكورو سيطرته على نفسه، واندفع إلى الخلف وقد اعترته رجفةً مقشعرّةٌ خفيفة. أحاطت هالةٌ قاتمة بيورا الذي تقدّم وقد بدى عليه الكدر..