سر الإكسفير

الشّبح القابع خلف المكتب

ابتسم كوكورو، وقال ساخرًا بأسف: لو لم أكن عيّنةً مهمّة.. لما كُنت هنا...

هذا صحيح.

قال يورا هازًّا كتفيه. التفت يورا وقال باسمًا: كو-تشان...

نظر كوكورو إليه بارتياب. اقترب يورا أكثر ببطء، فالتصق كوكورو بالجدار. لفّ يورا خصلةً من شعر كوكورو على يده وهو يقول بوجهٍ مخيفٍ باسم وقد أسند كوعه إلى الجدار: تعال معي.

—

حلّقت أصابعهم مرفرفةً فوق لوحة المفاتيح برشاقة. صفٌّ من الرّجال السّود على كراسيّ المكاتب، أمام الشاشات اللّامعة الضّخمة. في الخلف، جلس ذلك الرّجل ساكنًا كما لو كان قطعةً من الظلام، تابعت عيناه ااثاقبتان كلّ ضغطةٍ وحركة. قال كين بآليّة: كيف يسير ذلك؟

بدى الاضطراب على رئيسهم وهو يقول: سيّدي، إنّه سريعٌ جدًّا، كلّما اقترب رجالنا من الإمساك به يغيّر مكانه بسرعةٍ كبيرة، كما.. كما لو كان يستخدم انتقالًا آنيًّا!

من تحت يديّ كين المتشابكتين على وجهه، بانت ابتسامة. قال كين: جريمان

التفت الرّجل قائلًا بانتباهٍ ووضوح: نَعم سيدي؟

قال كين بعينين ضيّقتين: تأكّد من الإمساك به

حاضر.

استدار كين بكرسيه بابتسامة، "الهرب لن يفيدك، هيرومي-كن"

—

ذهب أكيهيرو شاحبًا إلى المختبر، انتزعت الحياة من ضلوعه، وجفّت في دمت وعروقه، ذلك ما شعر به ولم يكن بشعورٍ لطيف. لقد هرب كثيرًا من شبح الماضي، وها هو يصطدم به مجدّدًا، رغم أنّه لم يذنب بأيّ شيء، كان كلّ هذا خطأ هيرومي.. لا، كان خطأ والد هيرومي الذي أفسد حياتهم جميعًا.. بهالاتٍ سوداء تحت عينيه، صرّ على أسنانه، "تبًّا.."

لمح باب المختبر عن يمينه، كان عليه الدّخول ومباشرة العمل هناك.. عبس أكيهيرو مستاءً، وأكمل طريقه ويداه في جيبه إلى الأمام، ولم يدل يسير متجنّبًا النّاس ومتجاهلًا إيّاهم، حتى قاطع خلوته صوت: تك.. تك...

التفت نحو الزاوية، كان هناك -بشكلٍ غير متوقع- بابٌ هناك، بابٌ بنفس لون الجدار بدى غير ملحوظٍ أبدًا، وخلفه تلك الأصوات المزعجة. استجاب أكيهيرو لرغبةٍ لحظيّة، واتجه إلى الباب، فتتحه وتفقّد المكان...

كان مظلمًا تمامًا ممّا أوحى ألّا أحد هناك، مخبؤٌ لم يكن ليحلم به. تقدّم وأغلق الباب خلفه، وجلس على الباب، ليخرج شطيرةً ويقضمها بأسنانه..

في الجهة المقابلة لهُ من الغرفة.. التمعت عينان ورديّتان منزعجتان عبر الظلام، "المتطفّل.."

زحفت كوريني خلف المكتب، كانت تملك هالاتٍ سوداء بدورها تحت عينها، وأفظع من خاصّة أكيهيرو بكثير. شعرت بإعياءٍ شديد وهي تزحف بصعوبةٍ مستاءة، "يجب أن أطرده.... لأكمل العمل..."