بعد السقوط نهضة.

541 60 18
                                    


لهث أكيهيرو بشدّة بعد كلّ هذا، كان منهكًا، منهكًا من كلّ شيء. جميع الفراغات والشقوق في داخله التي كان يحاول سترها تتفتّق، جميع الرّقع تذوي وتذوب، ولا شيء يستحقّ الحياة لأجله.

"أنا لن أساعدك حتى أموت!!"

كانت تلك الزعقة الأخيرة الشبيهة بحشرجةٍ قبل الموت. ثمّ سقط أكيهيرو على الأرض.

كانت عيناها البنفسجيتان باردتين تمامًا وهي تراقب، كانت كوريني ما تزال جالسةً على حاسوبها في وسط مسرحٍ مشتعل، دون أن ينال جسمها الجليديّ منه شيء. تحركت حدثتاها بشكلٍ آليٍ متابعتين لخطوات هيرومي الثابتة، تقدّم هيرومي بثباتٍ أمام انفجار عواطف أكيهيرو وانحنى نحوه، ليمدّ ذرايعه ويحمله برفق، ويجلسه فوق الأغطية التي كان قد وضعها له، مسندًا ظهره إلى الجدار، وأكيهيرو يلهث بشكلٍ محموم. وقف هيرومي ناظرًا إليه برهة، لم يكن أكيهيرو يستطيع رؤية شيءٍ عدى الجزء السفليّ من جسد هيرومي الواقف أمامه، فيما كان البصر يزيغ به.

رأى بتشويشٍ يديّ هيرومي تمتدّان ليفتح زرّين من قميصه..

"ماذا يفعل؟.."

كان لهاث أكيهيرو يزداد..

فتح هيرومي زرّين، وجذب ياقته بعيدًا مبينًا جزءً من كتفه، كان هناك شيءٌ ما على بجوار رقبته، لم يُبصره أكيهيرو المشوّش جيّدًا..

تمتم أكيهيرو: ما هذا..؟

جلس هيرومي على الأرض واقترب، وركّز إكيهيرو، حتى توسعت عيناه ببطءٍ مدهوشًا وهو ينظر.. تمتم أكيهيرو: لعنةٌ سوداء؟!

رفع أكيهيرو وجهًا أصفر، ناظرًا إلى وجه هيرومي الهادئ...

ذكرياته الهوجاء التي كانت قد بدأت تهدأ عادت للفوران والهياج... كلّ الذكريات.. "من أنت".. قتل يوكي... عينا هيرومي الباردتان... كلُّه كان بفعل... لعنة؟!

بدأ جسم أكيهيرو يرتجف..

"لماذا لم يفكّر بذلك؟"

أيّ حماقة! أيّ عته!"

"كيف استطاع؟!"

فيما كلّ الصّور في رأسه تذوب لتُمزج معًا، كلّ المشاعر المتراكمة تضحي دونما معنى، وكلّ الظلم اتجاهه يتحوّل لظلمٍ منه، شعر أكيهيرو بشعورٍ فظيع، كان جسده يرتجف، "ألست أنا.. ألست أنا الأحمق الذي شكّ بشخصٍ كان يفترض أن أعرفه أكثر من الجميع!"

"هيرومي ليس قاسيًا.."

"هيرومي لم يكن قاسيًا في أيّ وقت..!"

بدأت دموعه تنهمر وهو يرتجف..

صاح أكيهيرو بهياج: "لماذا لم تخبرني؟! لماذا؟!!"

برفق، رأى هيرومي ينحني ليحضنه...

...

كلّ تلك اللقطات، الكره، والقتل والقسوة.. تتلاشى كالغيوم على نهارٍ صافٍ، ليرى صورة هيرومي الطّفل، هيرومي صافي العينين، وهو ينحني ويحضنه بعد أن كُسرت لعبته..

سر الإكسفيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن