تقيّأ الطفل جرعةً كبيرةً من الدماء متأوهًا، فحكّ الرجل الوقاف أمامه شعره، وقال: ممم، ليست هذه أيضًا.. سأكرّر المحاولة لاحقًا
وأومأ للرجلٍ آخر نحيلٍ بملامح قاسية، وخرج وهو يتأمل تقريرًا وأدويةً بين يده حاكًّا لحيته. أعاد الرّجل النّحيل إغلاق باب الزنزانة الحديديّ، وقال للطفل بتقزّز: ابتعد لأغلق الباب
حاول الطفل سحب نفسه للخلف، ولكنّ جسده أبى الحركة، فلعن الرّجل بصوتٍ منخفض، ثمّ ركله وأغلق الباب، وسار بعيدًا ويداه في جيبه. رفع كوكورو رأسه الثقيل، ونظر حوله، ليرى مجموعةً من الزنزانات الصغيرة المتراصة، المحشوّة بالأطفال المقيّدين.
تعالى خفقٌ من بعيد، فرفعوا أبصارهم الحالكة نحو مصدر الصوت، فرأو شابين قادمين بمعطفيهما البيضاوين الطويلين، والسجّانون يحيطون بهم. فعضّ هذا شفته، وطأطأ ذلك برأسه، وتكوّرت تلك على نفسها مرتجفة، وشحب وجه كوكورو..
لحظات الانتظار الطويل تلك المؤلمة، حيث ينظر البروفيسور لطفلٍ ويتأمله، وذاك يشيح بنظره قدر المستطاع ويرتجف، وعيون البروفيسور تطارده كالقذائف تكاد تفجّر قلبه. ولكنّ البروفيسور يومئ سلبًا، ويعود لتفحّص سجلّه، فيزفر ذاك كلّ مافي صدره، ويشعر وكأنّه عاد للحياة بعد موتٍ مؤقت، ويقتربان هكذا، والبروفيسور الأشقر ذو الشعر المجعّد يبحث بعينين ملولتين. حتى فتح سجلّه، ونادى: من يسمع اسمه يأت...
فزاد انقباض الصدور والرّعب الشديد. قال البروفيسور وكأنّه يقرأ نصًّا في حصّة لغتي: إيتشزن.. هيكارو..
لم تظهر ردّة فعلٍ على الاسم الأوّل، ولكنّ صيحةً خافتةً صدرت من فتاةٍ بعد الاسم الثاني. استمرّ الرّجل: وشيرو
فعضت فتاةٌ شفتها. وسكت الرّجل، فارتاح الباقون وكأنّ جبلًا انزاك من فوق صدورهم
ولكنّ الشّاب الثاني خلع طاقيته التي تغطي وجهه، فساد الصمت والتوتر من جديد. كان شابًّا بشعرٍ أسود طويل مفروقٍ من الوسط، ومربوطٍ من الخلف. تجوّل بعينيه بين الزنزانات، حتى استقرّ نظره في مكان. فسار نحوه. نظر كلّ طفلٍ بعيدًا واختبأ في زاوية زنزانته. ولكنّه عبر الجميع، حتى وقف أمام كوكورو الذي لم يملك تعبيرًا على وجهه كدميةٍ بلاستيكيّة. قال هيرومي بعينين واسعتين: هذا الشكل..
وفتح الزنزانة، ولكنّ كوكورو بقي يراقبه كالأبله شاردًا، وابتعد الباقون عنه ببعض نظرات الشفقة. دخل هيرومي، وأمسك بالطفل من ذقنه، وتفحص وجهه، والطفل يبادله التأمل الهادئ. التفت هيرومي إلى رفيقه، وقال: إنّه هو، لقد وجدته. لنذهب
فتح الشاب الآخر السجل، وقال: آه، ذلك يا هيرومي-سان، إنّه هو. إيتشينوسي كوكورو
خرج الأطفال الثلاثة ووقفوا قرب الشاب الأشقر، ورفع إيتشزن حاجبه بعد جملة الأشقر الأخيرة، وتمتم: "إيتشينوسي؟"
أنت تقرأ
سر الإكسفير
Acciónالإيتشينوسي، أحد أغنى العوائل في البلاد، المشهورون باكتشافاتهم العلميّة ومختبراتهم. تبدو صورتهم لامعة للغاية من بعيد، ولكنَّها ليست كذلك، العبيد الذين تمّ بيعهم للعائلة يعون ذلك جيّدًا. وريث الإيشينوسي شابٌّ قاسي بلا قلب، قرّر في يومٍ من الأيّام أخذ...