ردّات فعلٍ لا يمكن التنبؤ بها

1.8K 140 33
                                    




تسمّر هيرومي في مكانه، وتراجع الباحثون مفجوعين ممّا يتوقعون رؤيته تاليًا. سكت أكيهيرو وحملق في كوكورو المصمّم.. وثوانٌ حتى انخرط في الضّحك: هاهاهاها.. غير معقول.. انتحار... لا.. هاهاهاها.. هذا غير معقول.. هذا الطفل غير معقول.. هاهاها.. من الخسارة للعالم أن يقتلك الآن يا فتى.. هاهاها

ببطءٍ شديد.. سار هيرومي نحو كوكورو الذي كان يرتجف جزئيًّا... ولكنّ الباب فُتح فجأة... ليدخل صبيٌّ بشعرٍ أحمر فاتحًا الباب على مصراعيه، وقال لهيرومي: أوني-سان، أوامر من أبي، لا تؤذه

تأمله هيرومي لفترة بوجهه المخيف، فقال الصبيّ ببطء: أوني-سان؟

قال هيرومي بهدوءٍ غريبٍ للغاية: أعرف.. استرخي، لن أؤذه

فرغ أكيهيرو فاهه، وقال الصبيّ مستغربًا: لا بأس إذن؟

وخرج بعد فترةٍ من تبادل التحديق مع هيرومي، الذي اتجه نحو كوكورو الذي لم يستطع الوقوف من الخوف، جلس هيرومي القرفصاء أمام كوكورو الجالس، وسأله بهدوء وسط دهشة النّاس: لماذا تعتقد ذلك؟

قال كوكورو بقوّة: لأنَّني جرّبت.. أن أكون مكانه. أنت لم تجرّب. بالنسبة له، هو- هو نفسه، حين يموت، ينتهي كلّ شيء. ولكن بالنسبة لك أنت، هو لا شيء، لذا لا بأس بالنسبة لك أن تنهيه. ولكن هذا لا يسمح لك أن تعتبره لا شيء

- ولكنّه لا شيء فعلًا، لم يبدأ الحياة مثلي بَعد، لذا إنهائها لن يعني شيئًا الآن
-ولكن.. يجب أن تبدأ.. يجب أن تدعها تبدأ، من حقّه ذلك.. مثلك
- أتقول أنّ على الجميع أن يكونوا متساويين؟ هراء، وغير ممكن. لكي نعيش نحن، يموتون هم. هكذا يسير العالم

حزم كوكورو شفتيه منزعجًا ولم يستطع الرّد. قال هيرومي: قف، سنعود

فوقف كوكورو بصعوبةٍ مكتئبًا، قال هيرومي للرّجل: سأؤجل هذا حتى أُعفى من مراقبة هذا الطفل، أعد القزم الآخر لزنزانته. فتهلّل وجه الطفل الثاني، وأعاده الرّجل لزنزانته. سارا في الطرقات ليلًا، وكوكورو يسير مطرقًا برأسه وهو يفكّر. تخطّف هيرومي بعض النّظرات بعينين واسعتين نحوه.

-

سار هيرومي في المدينة، وكوكورو يلحق به تاركًا مسافةً بينهما متجهمًا، وهيرومي يلقي نظرةً واسعةً نحوه من وقتٍ لآخر دون أن يلاحظ الطّفل. دخلا لعدّة محلّات، وخرجا، والاثنان يلتزمان الصمت، حتى سمع هيرومي صوتًا خلفه فجأة، فالتفت ليرى كوكورو سقط على الأرض. اقترب بهدوء

"أمات؟ أم أغمي عليه من الإرهاق؟ لا، لم نمش كثيرًا وأنا أمشي ببطء"

تجمّع النّاس مستغربين: طفل؟

- ما به؟
- تعثّر؟
- أغمي عليه؟
- أين وليّ أمره؟

اقترب هيرومي، فتفاجأ النّاس وابتعدوا: هذه العلامة.. عبد؟

سر الإكسفيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن