الفصل الثالث

6.4K 197 40
                                    

هتعمل أيه بالألفين جنيه ؟؟؟ أنت مش لسه واخد فلوس امبارح؟
هكذا تفوهت الحاجة شمس بعد طلب بهاء نقود إضافية..فكان رد الأخير :
_هو احنا مش هنخلص بقى.. كل اما اطلب فلوس تحاسبيني حساب الملكين!
والدته بتهكم : وأنت طبعا مش عايز حد يحاسبك يا سيد الرجالة! .. عايز تصرف على كل صايع تعرفه.. عايز تضيع ميراث أبوك اللي تعب فيه عشان يسيبلك حاجة تسترك.. وشقى عمك راضي جوز عمتك اللي كتر خيره بيراعي أرضك بدالك!

بهاء بغضب : ليكي حق تبيعي وتشتري فيا كل اما اطلب حاجة .. ماهو كله بأسمك أنتي ، وكأني خيال مآتة في البيت ..
ردت عليه بثبات : لا يا ابني أنا مش ببيع واشتري فيك .. أنا بحافظ علي مالك منك .. بحميك من استهتارك .. عايزاك تعرف إن الدنيا في لحظة ممكن تديك ضهرها .. لو انهاردة فيك صحة وعندك فلوس وناس حواليك! بكرة تبقي لوحدك ، فلوسك هتخلص ، صحتك هتروح ، مش هتلاقي صاحب يقف جمبك ، لأنك مادورتش على صاحب حقيقي يحبك لنفسك ..

بهاء دون أن يعي عقله حرف مما قالت، أو يتأثر به :
_يعني مش هتديني اللي أنا عايزه؟

_ لأ...مش هتاخد غير اللي أخدته امبارح ، مالكش غير مبلغ كل اسبوع!

_تملكه السخط الشديد، فتركها لوقت قصير، مختفيا بغرفتها، ثم عاد ،رافعا قبضة يده المضمومة بوجهها، وتتراقص بعيناه نظرة ظافرة ..ثم أنفرجت أصابعه أمامها فالتمعت أعلى كفه قطعة ذهبية من حُلي والدته التي تدخره منذ وفاة أبيه ..

نقلت بصرها بينه وبين ما تحوي راحة يده المبسوطةِ، وغمغمت بشفاه ترتعش حزنا لفعلته ، وبعين دامعة، كسحابة تمهد لسيلٍ جارف :

_عارف اللي في أيدك ده أيه؟

ده هدية أبوك ليا يوم ما ولدتك .. بص كدة جوة الخاتم وشوف مكتوب فيه أيه .. أبوك حفر أسمك وأسمي فيه .. قالي أننا بقينا أغلى ما عنده .. وأنه هيصلي ويشكر ربنا طول عمره عشان رزقنا بيك ..

ثم دنت منه ، وعيناها ترسل عتابها وحزنها لعمق عينيه بقوة أرجفت داخله دون مبالغة ، واكتمل هجومها بنبرة صوت باكية هزت قلبه بفطرة لا يملك مقاومتها مهما قسى وأظهر عكس ذلك:

بيعه يابهاء .. بيع فرحة أبوك بيك!

ثم التقطت من جيب عباءتها مفتاح صغير :

ده مفتاح الدرج اللي فيه الفلوس وبقيت دهبي ،
خد اللي يكفيك يا ابني ومش هسألك أخدته ليه .. بيع قد ما تقدر!
وصمتت ترمقه بنظرة كساها الوجع، ثم هتفت:

ماهو اللي يببع أمه يا ابني، ويهون عليه رضاها، ويشتري رضا اصحابه!.. سهل يبيع شوية دهب، حتى لو كانوا ذكرى غالية من أبوه..!

وتركته وحيدًا، ومازالت كفه مبسوطة أسفل خاتمها ، فرفع يده وأدار الخاتم بين أصابعه ، فبصر لأول مرة اسمه المنقوش داخله بجوار أسمها..!

أنتَ مكَافأتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن