الفصل الثامن

4.4K 167 22
                                    

بعد مرور عام وبضعة أشهر ..

جالسًا أسفل شجرةً كبيرة ، محتميًا بظل فروعها من حرارة شمسٍ ساطعة. منعزلًا عن الجميع، كعادته كل يوم بعد أن ينتهي من عمله بفلاحة الأرضِ مع زوج عمته، الحج راضي..
ذلك الرجل السبعيني الطيب ، حنون القلب ، الذي ما ان اتى إليهم بعد وفاة والدته ،إلا واحاطه بكل اهتمام ولم يتركه فريسة لبراثن وحدته وحزنه القاتل! 

كان العم راضي يحاول دائماً التسرية عن بهاء ، بسرد خبراته الحياتية الكثيرة على مسامعه ، وأن الإنسان يجب ألا يستسلم لآلامه وأحزانه ..
وأن بكل أزمة نمر بها، تكمن العبرةَ فيها ، و اننا خُلقنا لنعبد الله ،ونجاهد انفسنا ضد كل خطأ نقع به ، ونكفر عن كل خطيئة نرتكبها..
والندم ، أولى خطوات التوبة، ومفتاح الفرج، وطوق النجاة من كل إثم يعكر صفو حياتنا..
.........
تنهد بهاء بحزن ، لقد مضى أكثر من عام على وفاة والدته ، وصدى دعواتها عليه تتردد داخله تنهش روحه بوجع لا يعرف إلى متى سيتحمله، ماتت غاضبة عليه، كارهه لإنجاب مثله ويملأها الخزي والخيبة .. كلما مرت بعين ذاكرته نظرتها الأخيرة له
تذبحه الذكري ذبحا وتُلهب مقلتيه بدموعٍ يذرفها بصمتٍ وعجز عن الخلاص من براثن آلامه الفتاكة وعذاب ضميره النابض ، ويأس من حياةٍ لم يعد يريدها ، ولولا خوفه من خالقه بكفره إن أقدم على قطع أنفاسه بيديه، لفعلها حتى يستريح ..!

أما كوابيس نومه فجحيمُ آخر ، يتلظى فيه وعقله الباطن يجسد كل ذكرى للقهر والحزن تسبب بها لوالدته..  وكل نبرة عصيان سمعتها منه لنصائحها المحبة له..  وكل استهزاء أبداه بشخصها دون توقير .. وكل وقت تركها وحيدة دون أن تأنس به كما تمنت!! ثم ينتهي به الأمر بصدوح صوتها الباكي وهو يتكرر بخلايا عقله المظلمة ، وسياط دعواتها المهلكة ، تجلد روحه وضميره وتنخر فيه گ سوس يتغذى على معاناته!
فتتقلص أنفاس صدره ، يقاوم وكأن أصابع خفية تقبض على عنقه تريد قتله ، لا يعلم هل تصدر منه استغاثة أم يعجز عن إطلاقها من حلقه!
ولكنه يفيق علي رذاذ ماءٍ بارد على وجهه ، وصوت العمة خديجة، يستعيذ من الشيطان الرجيم، ويرتل آيات القرآن الكريم ، فيهدأ جسده المنتفض ، وتعود ذاكرته للواقع ، بعد رحلة عذابه كل ليلة، حين يستسلم فيها لسلطان نومه دون إرادة ..

.***************************

دكتور علي : دي دعوة الفرح يا دكتور معاذ ، اتمنى تشرفني بحضورك..
معاذ: اكيد يادكتور ، و ربنا يتمملك على خير..
.................

ريم : بيسان هتروحي فرح دكتور علي ؟
بيسان : والله أنا ماكنتش حابة اروح يا ريم ، بس دكتور علي ذوق جدا ،وأكد عليا الحضور ، وأنا مقدرش ارفض دعوته ، عشان كدة هروح وممكن اخد أروى معايا تغير جو!

.............................
بيسان:
يا بنتي اخلصي بقالك ساعتين بتجهزي، مش انتي العروسة على فكرة!

أشارت لها أروى بيديها موضحة قرب انتهاء ما تفعل، وهي تتمم على حجابها الأخضر المتقارب من لون رداء سهرتها الاسمر بلمسات خضراء بسيطة مع طوله المنساب على قوامها المتناسق الفارع ، والذي رغم بساطته جعلها فاتنة، مع حداثة إرتداءها الحجاب ، المصاحب لعامها الأول بكلية الاداب، حيث تخصصت بدراسة علم النفس! 
أما بيسان فكانت لا تقل جمالا برداء سهرتها الخمري المطعم بنقوش ذهبية عند الكتفين والخصر ليتسع بعدها إلى اسفل بشكل رقيق ناعم ، مع حجاب ذهبي ، جعلها بطله رائعه..
وبعد قليل اتت ريم صديقتها، متجهين ثلاثتهم إلى القاعة..
.............................

أنتَ مكَافأتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن