الفصل الحادي عشر

4.5K 174 35
                                    

واقفًا يطالعه على مسافة ليست بعيدة.. متعجبًا لحاله
لا يحدث أحدًا بخلاف العاملين معه بالأرض.. لا يقبل الأختلاط لأبعد من ذلك..  ودائم الجلوس بتلك البقعة القريبة من بيته، كثيرًا ماحاول جذبه ليرافقه بأماكن كثيرة ويقربه من أصداقائه حتى تتسع دائرة معارفة ولا يظل حبيس عزلته تلك..  ولكن لا يبدي بهاء أي ترحيب بذلك، ومن الجيد أنه أستطاع هو التقرب إليه

بعد لقائهم الأول منذ بضعة أشهر، عندما مرضت " بقرة" عمته خديجة، وأستدعته گطبيب بيطري لعلاج "بقرتها " .. ومن ثم حدث تعارفه هو وبهاء !!
لم يخفى عليه حزنه الشديد لشاب بعمره!!

كما لم يخذل هو طلب العمة خديجة السري فيما بعد، بالتقرب له ومصاحبته لأنه وحيد ومستسلم لظروف نفسية قاسية حدثت معه.. تفهمت أنا ذلك وأشفقت عليه وأحببته أيضًا..!!
لم يعد اهتمامي به تنفيذًا لرغبة العمة، بل نابع من قلبي وشعور صادق بمساعدته حتى يتأقلم مع أحزانه ويتخطاها رويدًا بمرور الأيام!!!

أكاد أسمع تذمر البعض المتسائل عن من أكون!!
لا تؤاخذوني، تكلمت كثيرًا دون أنتباه أني شخص جديد يُطل على سطوركم ولا تعرفونه بعد!!

أنا سيف طبيب بيطري .. عمري 26 عام
أعمل بمزرعة أمتلك بها النصف مع صديق أخر يعمل مهندس زراعي..  تعيش معي أمي بعد وفاة أبي العزيز منذ عام فقط" رحمك الله يا أبي" .. وأخي الكبير بدر الذي تزوج ومستقر حاليا بالقاهرة مع زوجته وطفليه، حيث يعمل هناك مدير للمحاسبة بإحدى الشركات المعروفة!
جميعنا بحالٍ ميسور وهذا من فضل الله علينا..!

والآن بعد أن تعارفنا أعزائي..  دعوني أذهب لذاك البائس، فلن أكون سيف إن لم أبعثر هدؤه، وأبدله بصخب زفاف صديقي .. نعم سأرغمه على حضور زفاف أحدهم!!!!

_ياسيف أبعد عني ، فرح أيه اللي عايزني أحضره معاك،  أنا مش معزوم ،ولا اعرف حد فيه!

بهاء متفوهًا عبارته بنفاذ صبر ،بعد إلحاح صديقه سيف لمصاحبته حضور زفاف أحد أصدقائه ..

سيف : يعني هو كل اللي بيحضر فرح بيكون من أصحابه ومعارفه، فك شوية يابهاء، أنت ليه حابس نفسك ،بين شغلك بأرضك وقعدتك لوحدك ومش راضي اعرفك حتى على اصحابي..

بهاء : خليني في حالي يا سيف، أنا مرتاح كده مش عايز اختلاط بحد..!!

زفر بضيق : مش ممكن عزلتك اللي فارضها علي نفسك دي يا بهاء .. ده لو حكم بالسجن، كان زمان مدتك خلصت!

بهاء بابتسامة تحمل بطياتها المرارة : لا وانت الصادق .. دين ولازم أدفعه.. ذنب محتاج أكفر عنه!!

سيف : ده على أساس إن أنا أو غيري ملايكة ؟!!
لولا ارتكاب الذنوب..  ما كان في معنى للتوبة..
ومهما كانت الخطايا ، ربك بيغفرها..

بهاء وهو يتأمل انسحاب الشمس من الافق :
انت ماتعرفش ايه تاعبني..أنا حاسس بحبل ملفوف على رقبتي بيخنقني..  الوحيدة اللي تقدر تطلق صراحي وتحرر روحي ، خلاص مابقيتش موجودة ياسيف! 
 
قال مشفقا عليه : 
بس ربنا موجود وتحريرك في قبضته وبرحمته!

أنتَ مكَافأتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن