سلسلة الأسياد- الجزء الأول-الأسياد

الفصل الأول /21

أغلقت باميلا هاتفها وهي جالسة في حديقة القلعة فيما كان جاكييه بجوارها وهو ينظر لابتسامة السرور تلك والتي اعتلت وجهها، مدت يدها لتداعب رأس النمر الجاثي بجوارها وهي تحس بأن كل شيء قد بات في قبضة يدها، إن انضمام رشار الآن إليها وسيطرتها على كوريانتا سيضمن أن تندمج أكبر قوتين في هذا المجال بالعالم بأكمله تحت قبضة سيدة واحدة تخضع هي الأخرى لسيطرتها، وهذا الاتحاد هو المطلوب لبدء العملية الجديدة مطلع العام المقبل وهو ما يعني نجاحها مئة بالمئة، نظرت للنمر الذي جلس بجوارها هادئا بوداعة قطة صغيرة، لقد تقلدت هذا المنصب منذ ثلاثين سنة وقد حلمت دائما بأن تحقق أكبر الإنجازات ما أن تصل إليه، فمن كان قد سبقها وجلس على هذا المقعد حقق انجازات هائلة سجلت بحروف من ذهب في سجله، فلا أحد يعرف أن أكبر الثورات في هذا العالم كان أحد قادة الأسياد يقف خلفها سواء كانت تلك سياسية أو اقتصادية أو أيا كان نوعها، فحرب الثمانين عاما التي اندلعت بين إسبانيا وهولندا كان الاسياد هم المحرك الرئيسي لهم وأسفل غطائها المعلن فإن السبب الحقيقي لها هو محاولة هولندا السيطرة على عدد من أعضاء المنظمة الهولنديين، وهو ما دفع بالمنظمة لاتخاذ قرار بتعليم هولندا درسا قويا لن تنساه، إضافة لذلك فالكثيرون يعتبرون أن اندلاع الثورة الفرنسية كانت عواملها الرئيسية هي الفقر والبطالة وسيطرة النبلاء التي سادت في تلك الفترة ولكن ما يجهلونه أن محاولة النبلاء للسيطرة على القوة الجديدة التي كانت تبنيها الأسياد في فرنسا هي السبب الرئيسي الذي دفع بهم للحقد على أمراء باريس، وتلك المحاولات كانت تهدد فشل المشروع الذي خططوا له طوال سنوات والذي كان سيجعل فرنسا واحدة من أكبر الأسواق الخاضعة لهم ولأنهم كانوا يريدون إبقاءه على قيد الحياة كان لا بد لهم من التخلص من النبلاء وهو ما تم لهم بقوة أهل باريس، فالثوار قد حصلوا على المال والسلاح والعتاد الكامل من قادة الأسياد وقد انتشر أعضاؤها ينادون بالحرية ويثيرون الشعب ضد قادته بحزم وقوة حتى غرسوا في نفوسهم مدى الظلم الذي يعيشون فيه وقلبوهم على الملك، وهم الذين ساعدوا على رفع نابليون بونبارت إلى القمة وسهلوا له القيام بالانقلاب العسكري الذي قضى على الثورة بعد أن حصلوا منها على ما أرادوا بالقضاء على النبلاء وامتيازاتهم ووطدوا له الأعمدة لنظام جديد سيترك لهم مجالا واسعا لإنشاء استثمارات كبيرة وبناء قوة هائلة، وقد حصلوا من خلال هذه العملية على صفقة لا يزال مفعولها مستمر حتى هذا اليوم، فالمستشار الاقتصادي للرئيس الفرنسي هو من الأسياد و10% من أعضاء البرلمان الفرنسي هم من الأسياد، وقد حصلت الشركات المنضوية تحت لواء الأسياد على عقود احتكارات واسعة طويلة الأمد أقلها مدة يصل إلى ثلاثمئة سنة.

نهضت السيدة عن المقعد لتأخذ نفسا عميقا وتقدمت نحو الداخل، منذ أن استلمت هذا المنصب وهي تسعى إلى إحداث أثر كبير كما فعل أسلافها فهي لم ترد فقط أن يسجل اسمها كشخص جلس على المقعد لفترة مؤقتة ورحل دون أي تاريخ، وبداية السنة القادمة ستشهد هذا الأثر الكبير الذي تسعى إليه، صحيح أن منتصف القرن العشرين وبداية الحادي والعشرين شهدت تطورا هائلا في الاتصالات والأبحاث البيولوجية والحيوية ولكن بداية 2012 ستكون مختلفة تماما، إن ما تريد القيام به هو ربط تفاصيل الحياة ببعضها البعض بشكل لم يسبق له مثيل، وبعيدا عن الطرق التقليدية المتمثلة بالتلفاز والحاسوب والانترنت فكل هذا سيصبح من الماضي، دخلت باميلا إلى المكتب لتقف أمام مكتبتها متأملة عناوين الكتب وهي تبحث عما تريده باحترافية، إن فكرتها الرئيسية قائمة على دمج الإنسان بالآلة وهذا سيتم باتحاد قوى أربع شركات كبرى في المنظمة، أولها هي كوريانتا أما الثانية فهي شركة باليارا الصينية للآلات فيما الثالثة هي شركة هوشيونا اليابانية للتقنية الالكترونية والرابعة هي شركة فونرديا الأمريكية للإعلان، الإنسان الجديد الذي ستعمل هذه الشركات على صنعه هو إنسان آلي سيغطى بجلد بشري حتى يبدو منظره مقبولا للتواجد في المحيط البشري وسيزود هذا الإنسان بجميع المميزات الوراثية الخاصة بالبشر كالحمض النووي وبصمة الإصبع والعين أي أنه سيكون نسخة وراثية كاملة عن الإنسان الأصلي، ومن أجل التحكم به فإن هذا سيتم من خلال إشارات الدماغ، فالإنسان الآلي سيحتوي على جهاز استقبال واستشعار وظيفة الأول هو استقبال إشارات الدماغ الصادرة فقط عن صاحبه أما الثانية فمهمتها هي تحليل هذه الإشارات ومعرفة الأمر الذي تصدره حتى يقوم بتنفيذه مباشرة دون أن يكلف حتى الشخص نفسه بإلقاء تلك المعلومة.