مهما كانت مكانة الاجتماع التي يضطر المرء لحضوره فإنه يصاب قبل دخوله القاعة بقشعريرة حتى لو كان هو رئيس الاجتماع بذاته، فالجلوس على تلك الطاولة والنظر إلى الوجوه الصامتة والمكفهرة التي تحيط بك من كل ناحية هو أمر يتحطم أسفله أعتى العمالقة، هذا ما كانت باميلا تحس به في كل مرة تتوجه لحضور اجتماع المجمع المصغر رغم أن اجتماعها هذا هو رقم ألفين إن لم تخنها الذاكرة، نظرت لنفسها مرة أخيرة في المرآة لترتب خصل شعرها السوداء الطويلة التي انسدلت مزينة ظهرها فيما كانت عينيها البنيتين تتوهجان بقوة كبيرة وهما تلمعان بشدة لتظهرا لك بكل وضوح أن من يقف أمامك ليس امرأة يمكنك أن تخدعها حتى لو فكرت بذلك، فذلك البريق القاتل المنطلق من عينيها يجبرك على الإنحناء أمامها دون أن تحاول الاعتراض على ذلك، وعلى الرغم من تجاوزها عتبة الخمسين سنة إلا أن من ينظر إليها لن يفكر إلا أن من تقف أمامه هي سيدة في الثلاثينات على الأكثر، فجسدها الرشيق والمتناسق إضافة لبشرتها الصافية وابتسامتها العذبة تزيدها شبابا وجمالا وتزيدها قوة وخبرة مكونة تمثالا اختلط فيه الجمال والحكمة، نهضت عن المقعد من أمام المرآة لترتب ثيابها حين فتح باب الغرفة ودخلت مساعدتها الشخصية قائلا
-سيدة سايرن
التفتت السيدة إليها لتقول
-ما الأخبار آندريا؟
-لقد اكتمل عقد المجمع المصغر وهم بانتظارك سيدتي
-حسنا
وخرجت من الغرفة تتبعها مساعدتها لتجتازا ذلك الرواق الذي فرش بالسجاد البني المزخرف فيما علقت لوحات لعدد كبير من الأشخاص رجالا ونساءا على طول الجدران، توقفت المرأتان أمام باب على يمينهما لتأخذ باميلا نفسا ومدت يدها لتفتح الباب حيث دخلت لقاعة اجتماعات فخمة طغى عليها الطابع الملكي الخالص من تلك الطاولة المستطيلة والمقاعد المذهبة الستة التي استقرت حول الطاولة فيما استقرت صورة رجل مرتدٍ الزي الملكي وهو يعتمر تاجا على رأسه وجالس على عرش فخم معلقة فوق كرسي رئيس المجمع، أما باقي زينة الغرفة فكانت عبارة عن تماثيل بأحجام مختلفة لعدد مختلف من الشبان والفتيات المتشحين بأبهى الملابس.
ما أن دخلت باميلا للقاعة حتى توجهت أنظارها لأعضاء المجمع الخمسة الذين جلسوا على المقاعد حيث كان أولهم خونتا رايخان وهو رجل تجاوز السبعين من عمره ذو طبع نزق وقد اعتادت باميلا على مناداته بالإسباني النزق لأنها لم تكن تطيقه بشكل خاص ولكن إن أرادت أن تحق الحق فذلك الرجل واحد من أعظم العقول البشرية التي سخرت لخدمتهم، أما الثاني فهو روي سونتريال وهو أصغر أعضاء المجمع إذ لم يتجاوز الخمسين بعد ولكنه مع هذا يعتبر واحدا من أرقى رجال إيطاليا الذين انخرطوا في الخدمة بكل وفاء وإخلاص مسخرين كل ما يملكونه للمصلحة العليا، الثالث هو شيهو أوشوهانتا وهو أحد أهم العقول الصينية التي انضمت للمجمع منذ تقريبا خمس سنين وقد اعترفت لنفسها مئة مرة أنه من أفضل الرجال الذين قابلتهم في حياتها، أما العضوة الرابعة فهي إيما كوريناس ذات الستين ربيعا والفاتنة الفرنسية التي تمكنت حتى اليوم من أسر ألباب جميع رجال المجمع دون أن تعطيهم نظرة واحدة مما دفع باميلا للإعجاب بها، والأخيرة هي القاتلة الروسية كما تحب باميلا تسميتها أو رينا إيفالا التي لا تتوارى عن قتل كل من يعترض طريقها مهما كان وأيا كان وهذا الأمر بالذات هو الذي دفع باميلا لعقد صداقة متينة معها.
أنت تقرأ
سلسلة الأسياد- الجزء الأول-الأسياد
Açãoعندما تكتشف أن كل ما عشته حتى الآن في عالمك الوديع ليس سوى مجرد كذبة ملونة والأسرار التي تختبئ خلف ظهرك قادرة على أن تقلب حياتك مئة وثمانين درجة والأفكار التي كنت تعتنقها قادرة على أن تدفعك لتقود أكبر ثورة في تاريخك وليس تاريخك وحدك بل هو تاريخ ا...