أقنعه أوسكار بأن كل ما يحدث له ما هو إلا نتيجة حتمية لتجربته الأولى مع النساء .. أخبره بأنه في فترة نقاهة سيعود بعدها أقوى كثيراً مما كان عليه قبل أن يراها .. أوصاه بأن لا يقلق فمعاناته سوف تنتهى بمرور الوقت ..
رفض باسل مستنكراً اقتراحه المشين بتوفير بديلاً عنها لإشباع شهوته منهن إن شاء .. لم يبال بسخريته وهو يخبره بأن الجنس بلا حب كالجسد بلا روح لا حياة فيه ..
انقضى أسبوعان حتى الآن ويبدو أن فترة النقاهة التي تحدث عنها أوسكار لن تنتهى أبداً .. فها هي معاناته تزداد سوءاً رغم كل نجاحاته ورغم كل الحوافز التي قدموها له ..!
لم يسعده انضمامه رسمياً لـ نادِ المصارعين المحترفين .. ولا ذلك المسكن المستقل الذى وفروه له على نفقتهم الخاصة .. ولا تلك السيارة الفاخرة التي وعدوه بها حال فوزه في المباراة القادمة
كل أمنياته لازالت محصورة فيها لا سواها .. مذاق كل هذه النعم التي وهبوها له لم يتلذذ جوفه ولم ينتزع مرارته .. لم يصل بعد لمذاق تلك القطعة الصغيرة من البيتزا التي وضعتها يوماً بين شفتيه بلا قصد
قادته قدماه إلى مقعد صغير تشاركاه يوماً في ليلة مقمرة .. بريق ابتسامتها تلك الليلة غمر أعماقه أكثر مما تفعله هذه الشمس التي تعانق كبد السماء في زهو وخيلاء .. حبيبته كانت تفوقها نوراً وبهاءً رغم الظلام
عشقها عاهرة مشردة .. ورفضته ملكاً عشقها تاجه ..!
- سيد باسل .. سيد باسل
تنبه ساخطاً لذلك المتطفل الذى اخترق أفكاره فجأة .. عبدالله .. يسرح بوروده مستخدماً دراجته كما اعتاد أن يفعل .. مقعده بين صفوف العشاق يقع ضمن أسواقه المفضلة لبيع باقاته .. استطاع أن يتعرف عليه رغم النظارة الداكنة التي توارى خلفها أملاً في تقليص شهرته التي اتسعت حتى بدأت تزعجه وتحرمه خصوصية بات يشتاق إليها خاصة في ظل همومه المتراكمة وحاجته للهروب حتى من نفسه
نهض ليصافحه في حرارة وحنين غير مقصود.. توقع أن يدلى له بخبر عنها ولكنه بدلاً من ذلك فوجئ به يسأله في لهفة :
- أين ندى ؟
تظاهر باللامبالاة قائلاً :- ألم تذهب اليوم إلى الكشك ؟
- لم تأتِ إليه منذ ذهبت معك
تحولت لامبالاته إلى صدمة أجبرته على الصمت قليلاً قبل أن يغمغم في قلق :
- أتقصد بأنك لم ترها منذ أسبوعين ؟
- ولا مرة واحدة
- ألم تسأل عنها ؟
- حاولت .. ولكنني لا أعرف لها رقم هاتف ولا حتى عنوان إقامه .. هل تعرف أنت ؟
- ألم تذهب إلى الفندق ؟- أي فندق ؟
أيقن من دهشته أنها احتفظت لنفسها بأسرارها كعاداتها .. غموضها يعجبه أحياناً بقدر ما يزعجه أحياناً أكثر
قال فجأة :
- هل يمكنني استعارة دراجتك ؟
قبل أن يأذن له عبدالله كان قد استقلها وابتعد بالفعل .. فهتف خلفه ساخطاً :
- لا بأس .. ولكن احرص على زهوري في الصندوق
من الجيد أن الغرفة في الفندق لازالت باسمه .. ربما لو تنبهت لهذا الأمر لكانت اتخذت إجراءً لتغييره .. ولكن ماذا لو كانت فعلت ذلك خصيصاً لترغمه على دفع الفاتورة ؟
أخرج حافظته واستدار ليدفع الأجرة المتأخرة عليها .. شعر بالصدمة مجدداً عندما أخبره الموظف بأن ندى دفعتها ولمدة شهر كامل لاحقاً .. قطب حاجبيه في دهشة واتجه إليها بخطوات واسعة .. كان في فضول ليستعلم منها عن سر ثروتها المفاجئة
شهقت في ذعر ورفعت وجهها لحظات لتحدق في ذلك المقتحم الذى يمتلك مفتاحاً لغرفتها .. ما أن تأكدت من هويته حتى عادت لتأخذ وضعيتها السابقة وتنكمش فوق سريرها .. احتضنت ركبتيها ودفنت وجهها بينهما ..
مظهرها كان كارثة بكل المقاييس ..!
عادت لوضع شعرها المستعار بينما تلوث وجهها بأطنان من المساحيق التي يبدو بأنها اشترتها مؤخراً .. أما الغرفة فقد تحولت إلى صندوق قمامة كبير .. كراتين البيتزا الفارغة .. من النوع الفاخر .. بعضها فوق أرضية الغرفة وبعضها فوق سريره .. الكثير من علب المياه الغازية .. وزجاجات من الخمر أيضاً ..!
سرت القشعريرة بجسده وابتلع ريقه في جزع عندما خمن مصدر ثروتها .. تستحق القتل .. ولكن بأي حق يقتلها ؟ يتوجب عليه أن يقتل نفسه أولاً..
ألم يسلبها ثروتها ويتركها ضائعة بلا خيار آخر ؟ ربما لو كان ترك لها بعض النقود ما اضطرت لبيع نفسها مجدداً
أطلق تنهيدة طويلة وهو يتقدم ليزيح بقايا الطعام عن سريره ليفسح لنفسه مكاناً للجلوس في مواجهتها .. تطلع إليها محبطاً حتى رفعت وجهها أخيراً ورمقته شاردة .. بدت أضعف من أن يهاجمها ولكنها لن تخدعه هذه المرة .. نهض فجأة وانتزع الشعر المستعار عن رأسها ومزقه غيظاً وما لبث أن أمسك بوجهها بقبضته في عنف كاد معه أن يقتلع قسماتها غير مبال بصراخها وتأوهاتها المستنكرة بل هتف في مزيد من القسوة :
- كنت مخطئاً عندما اعتقدت أن خورشيد هو من استغل براءتك وأرغمك على معاشرته .. لا عذر لكِ هذه المرة .. كنت مستعداً للموت فداء لكِ ..!
أغمضت عينيها وتنهدت ف مرارة صامتة .. فأمسك بذقنها ورفع وجهها ليجبرها على مواجهته قبل أن يضغط على أسنانه قائلاً :
- تغاضيت عن عهرك عشقاً .. ولكنني الآن سأشتريك كما يفعل غيرى
أزاحته في إنهاكِ قائلة :
- أنا أكرهك
- لا بأس .. ليس على المومس أن تعشق من يضاجعها
حاول أن يضمها رغماً عنها فراحت تلكمه وترفس وتصرخ لتتخلص منه ولكنها لم تستطع .. بدت كعصفور يصارع ثوراً هجم على عشه بلا مقدمات .. عاد يهتف في قسوة مضاعفة :
- كان الأجدر بكِ أن تحاولين إغرائي بدلاً من أن تصارعيني بهذا العنف أيتها الشرسة .. أو ربما كان هذا نوع من الإغراء وأنا لا أدرى .. اعذريني .. لست خبيراً في هذا الشأن بعد
- أرجوك اتركني
- أعرف ما الذى يضجرك منى .. ولكن لا تقلقي .. سوف أتخلص من سذاجتي وأصبح أكثر خبثاً ودهاءً حتى أغدو من نوعك المفضل .. سأفوق خورشيد سطوة ونفوذاً .. ذلك المجرم كان يحتمى خلف سلاحه .. أما أنا فتكفيني قبضتي
حاولت أن تنهشه بأظافرها ولكنه أمسك قبضتها بقوة كاد معها أن يطحنها وهو يصرخ فيها غير مبالٍ بدموعها وتوسلاتها :
- والآن دعيني أنزع أوساخك ولو حتى الظاهرية منها .. تعالى .. سوف أحممك أولاً
حملها بالفعل ومعها المنشفة الكبيرة متوجهاً بها للحمام فهتفت بصوت مختنق خوفاً :
- أنت لا تفهم شيئاً
- بل فهمتك أخيراً أيتها الغامضة الصغيرة
- خورشيد كان أبى أيها الأحمق۔۔۔۔۔
أنت تقرأ
في قبضتي
Short Storyتطلع إلى نفسه فى المرآة ساخطاً : ما جدوى كل هذه العضلات المفتولة إن كانت المرأة الوحيدة التى يريدها لا ترى فيه رجلاً ..؟! نعم .. سيحيا عبداً لعام واحد .. واحد فقط .. سيعيش فيه العبودية ويستسيغها بكل مرارتها وآلامها .. سيتقبل الهزيمة بقلب رحب ما دامت...