الحلقة الثالثة والثلاثون
شعرت (برنسيس) بتوتر كبير وهى تنتظر أن يفتح لها الباب اغمضت عينيها ووضعت يدها على صدرها وأخذت نفس عميق ثم فتحت عينيها وهى تستمع إلى أحدهم يفتح باب تلك الشقة وجدته أمامها ذلك الوقح ذلك الوغد الذى سبب لها كل ذلك الرعب وجعلها جبانة خائفة حتى من شراء شئ ما لها بينما اضيقت عيناه هو وهو لا يعرفها محاولاً أن يتذكرها ولكن ما لبث بعد بضع ثوان حتى عرفها فقد اصبحت الآن ناضجة وقد تحجبت أيضاً لكنها مازالت تحتفظ بجمالها ذاك الذى يأخذ أى رجل لعالم آخر يود فقط أن يبقى هى وهو بمفردهم رغم ذلك الجمال الصعب أن يحول نظره عنه إلا إنه نظر لأسفل شاعراً بالخزى من نفسه اغمض عيناه فهى قد كانت صفحة وطواها فقد ندم كثيراً على ما فعله بها يتذكر حينها كان فى سن المراهقة حيث كان لديه من العمر ستة عشر عاماً كانت تصرفاته طائشة حين ذلك الوقت ولكنه ندم ندم كثيراً ندم تكراراً ومراراً على ما فعله بتلك الطفلة البريئة ولكنه لم يستطع أن يظهر فى حياتها ليطلب منها الصفح لذا قرر الأنتباه لحياته ومستقبله وتزوج وأنجب طفل وطفلة هما الآن أغلى من كل حياته شعرت (برنسيس) بإنه يتهرب من نظرات وجهها شعرت بإنه ربما نادم أو شئ ما ولكنها رفعت يدها بتوتر كبير ثم صفعته بحدة على وجنته بعد أن فعلت ذلك شعرت بالخوف من ردة فعله ولكنها حاولت أن تتماسك أمامه إما هو فلم يتحدث أو يتكلم ظل ناظراً لأسفل لا يريد أن ينظر إليها فأمتلكت (برنسيس) الجرئة والشجاعة كى تتحدث أخيراً
-أنت عارف كويس القلم ده ليه ؟! ٠٠ عشان استغلتنى وأنا مكنتش فاهمة أى حاجة ٠٠ عشت عمرى كله خايفة بسببك خايفة من الرجالة خايفة أحب خايفة اتجوز خايفة اتعامل مع الناس خايفة حتى أخرج
ابتلع هو ريقه أخيراً ثم قال
-مش هتأسف ولا هقدر اقول كلمة آسف عشان مش هتقبليها منى بس صدقينى الذكرى دى زى ماهى سابتلك شعور مقزز أنا كمان كل ما افتكرها وافتكر اد ايه كنت حيوان ببقى نفسى ارجع بالزمن لورا عشان معملش ده
نظرت (برنسيس) له بريبة ولكنها صدقته فقد كانت نبرة صوته تنم عن الحزن والندم صمتت قليلاً لم تكن تعرف ماذا عليها أن تقول فعندما صفعته شعرت بشعور بالراحة لم تشعر به ابداً لذا قالت
-لو ندمان فعلاً حافظ ع بيتك ومراتك وولادك وخد بالك من بنتك كويس ٠٠ عموماً أنا ارتاحت لما شفتك وضربتك هم كبير انزاح من عليا لو تبت فعلاً فربنا يسامحك أما لو متوبتش فحاسبك بقى عند ربنا ٠٠ عن اذنك
قبل أن تتركه ظهر على وجهه بعد علامات الأرتياح وقال لها قبل ان تتحرك
-لو قدرتى فى يوم تسامحينى ابقى سامحينى ٠٠ عارف أن طلبى سخيف بس بدعى ربنا ليل ونهار إنك تسامحيني
توقفت (برنسيس) عن السير ثم قالت بنبرة خافتة وصلت إليه
-مش مهم تعرف سامحتك ولا لأ ٠٠ بس خلى بالك من بنتك ٠٠ عمرى ما اتمنى إنها تشوف الحياة اللى عيشتها واتقى ربنا فيها
ثم تركته وذهبت هى إلى (فاروق) الذى كان يقف ينتظرها على السلم وقد استمع إلى كل حديثهم نظرت (برنسيس) له بأمتنان شديد ولكن ما لبثت حتى ازدادت الدموع فى الهبوط من عينيها نظر لها بقلق شديد ثم قال
-بتعيطى ليه ؟! لسه مش مرتاحة ؟!
فضربته بقبضة يدها على صدره وهزت رأسها نافية
-عشان بحبك ٠٠ وعشان ربنا عوضنى بيك عن كل حاجة شوفتها وعشان أنت بتحبنى بجد وبدور ع راحتى أنا بجد مرتاحة اووووى ٠٠ صحيح مفيش شئ اتغير بس إنى اقف قدامه هو بالذات كان رابع المستحيلات
ابتسم (فاروق) عليها ثم قال
-وأنا بحبك اوووى ٠٠ يلا عشان اوصلك
تبعته (برنسيس) وهى تشعر بسعادة كبيرة وخرجوا خارج العقار سوياً ليستقلوا أى سيارة آجرة ٠٠
*******************
دلف (يونس) لداخل الغرفة التى بها (آسيا) فى المشفى وجدها جالسة على الفراش وشعرها منسدل على كتفيها ليظهر طوله الذى يعشقه ولكن ٠٠ قد كان معها طبيب بالغرفة يفحصها شعر بغضب وغيرة ونيران فى قلبه فوجد الطبيب يفحص قدمها فقالت (آسيا)
-دكتور أنا زهقت من الجبس هو لازم استنى أسبوعين اسبوعين يعنى ؟
ابتسم الطبيب عليها ثم قال
-لا ممكن قبل الأسبوعين يتفك
ابتسمت (آسيا) بسعادة فصر (يونس) على أسنانه فلاحظت (آسيا) وجود (يونس) ابتسمت له ٠٠ انتهى الطبيب من فحصها ثم غادر الغرفة فنظرت (آسيا) إلى والداتها
-لميلى شعرى بقى يا ماما
رفع (يونس) أحدى حاجبيه فهى ستعقد شعرها الآن بعد أن رحل الطبيب ظلت والداتها تمشط لها شعرها وقبل أن تعقده لها قالت
-أنا مش فاهمة أنتى ليه عاوزة تخبيه ؟! كده أحلى يا (آسيا)
ابتسمت (آسيا) وهى تتذكر طلب (يونس) ذاك منها ثم قالت
-بيضايقنى لميه وخلاص يا ماما
فأمتثلت والداتها لرغبتها ثم عقدت لها شعرها واخبرتها
-أنا هروح اجبلك العصير واجى
ثم نظرت ل (يونس)
-خلى بالك منها عقبال ما اجبلها العصير
ابتسم (يونس) ثم هز رأسه بالإيجاب حتى تأكد أن والداتها قد انصرفت فنظر لها بغضب شديد فرمشت (آسيا) بعينيها قليلاً ثم قالت
-فى ايه ؟!
اقترب (يونس) منها بغضب شديد ثم قال
-شعرك اتفك قدام الدكتور ده ليه ؟!
-ماما كانت بتسرح ليا شعرى والدكتور دخل فكشف الأول وبعدين لميته
ثم ابتسمت عليه وتابعت
-عشان كده لويت بوزك
نظر لها بغضب شديد ثم قال بلهجة حادة
-عشان قلت 100 مرة شعرك مينزلش قدام أى راجل والبيه كان واقف يتفرج على شعرك
-ع فكرة محصلش ده كان بيكشف بس
-متعصبنيش يا (آسيا)
-أنت متعصب لوحدك اعملك ايه طيب
-مانتى غلطانة
-قولتلك ماما كانت بتسرح ليا ودخل فجاءة حصل ايه لكل ده ٠٠ خلاص اقصهولك وارتاح منه ومن عصبيتك دى
اتسعت اعين (يونس) بغضب شديد ولكنه سئلها بهدوء عكس البركان الذى بداخله
-انتى قلتى ايه ؟
قالت (آسيا) من غير خوف او تردد
-اقصهولك
-اقصلك انا لسانك يا شيخة عشان ارتاح ٠٠ عارفة لو جبتى المقص ناحية شعرك هموتك
-وهو أنت مش فارق معاك غير شعرى يعنى ؟!
-(آسيا) بلاش هبل
عقدت يدها نحو صدرها ونظرت للأمام فأبتسم هو على هيئتها تلك ثم اقترب منها وقبل رأسها بسرعة خاطفة فأتسعت أعين (آسيا) وقبل أن تتحدث بفمها أو بيدها كانت قد دخلت والداتها التى انقذت (يونس) من براثن (آسيا) فنظرت له بحده لتجد بسمة ظاهرة بوضوح على شفتاه تبعتها قبلة على الهواء منه دون أن تراه والداتها فشعرت هى بالخجل واخذت العصير من والداتها لتشربه وكفت عن النظر إلى ذلك المهرج ٠٠
******************
مر شهر ونصف كانت قد تعافت (آسيا) من ذلك الحادث وقد أمرت بمراقبة كلاً من هاتف (عزت) و (عاصم) كما إنها وضعت حراسة على (يونس) دون أن يعلم لإنها اصبحت خائفة عليه من ذلك الوغد وهى تعلم جيداً أن جعلت (يونس) يعلم إنها تضع له حراسة سيفتعل مشكلة كبيرة وسيظل يخبرها إنه رجل وقادر على حماية نفسه وإنه لا يخشى من (عزت) أو غيره لذا جعلت الحراسة دون علمه ودون حتى أن يلاحظ أى شخص آخر أن (يونس) لديه حراسة حتى يتصرف (عزت) بطبيعته ولا يشك بها أو ب (يونس) أن علم ان لديه من يحميه ٠٠
إما عن (أصالة) فقد شعرت بغضب شديد من نفسها طوال الفترة الماضية ربما لإنها علقت نفسها ب (مراد) بسبب ذلك الحلم وفى النهاية قد اكتشفت إنه متزوج فى الحقيقة قد حصل ذلك فقط لأنها ارادت أن تنسى (أنس) ولكنها تعلقت بأوهام فى النهاية لذا قررت أن تعمل وأن لا تتيح المجال لأى رجل أن يدخل قلبها حتى يأتى ذلك الوقت المناسب وطلبت من شقيقها أن يجد لها وظيفة شاغرة فى الشركة التى يعمل بها فى قسم الحاسبات وقد وافق وطلب منها أن تسكن معه ومع خطيبته (ليلى) بعد أن حددا موعد الزواج الخاص بهم وإنهم سيستقروا بالأسكندرية ثلاثتهم ٠٠
بينما اصرت (هايا) أن تتم زواجها فى نفس اليوم الذى سيتزوج فيه (يونس) و (آسيا) مما جعل (منصف) يشتعل غيظاً فقد صبر كثيراً كثيراً للغاية عليها ولكن كما يقال لقد مضى الكثير يتبقى فقط القليل ورضخ لرغبتها فى النهاية ٠٠
*********************
بدئت (برنسيس) فى أن تستعيد ثقتها بنفسها بعدما جعلها (فاروق) تقابل ذلك الوغد لا تعلم أن كانت تسامحه أو لا ولكنها اصبحت لا يهمها ما حدث الآن فقد واجهت ما لم تكن تريد أن تواجهه أو من اقنعت نفسها طوال السنوات الماضية إنها غير قادرة على فعل ذلك فالآن اصبح جميع الرجال سيان بالنسبة لها اقترح عليها (فاروق) أن تعمل فى شركة ترجمة لإيجادها اللغة الأيطالية وأن تعمل فى ذلك المكان دون أن تعتمد عليه أو على (آسيا) أو على أى شخص آخر ترددت (برنسيس) فى تلك الخطوة ولكنها علمت أن (فاروق) محق وعليها أن تعتمد على نفسها أكثر وأكثر ٠٠
فذلك هو اليوم السادس لها فى العمل اصبحت تهتم بعملها ولا شئ غيره كما أن صاحب المكتب كان رجل مسن قليلاً ولكنه طيب القلب فأعتبرته هى فى مقام والداها وكان معها بالمكتب فتاة وشاب مخطوبان كانت سعيدة بالتعارف عليهم كانت قد كونت صداقة خاصة مع تلك الفتاة ٠٠
ذلك اليوم كان عليها أن تسلم وثائق مترجمة لشاب فى منتصف الثلاثون من العمر فدلف هو وجلس على المكتب الخاص بها برائحة عطره المميزة نظرت (برنسيس) لأعلى وابتسمت له ابتسامة دبلوماسية
-حضرتك ممكن تقعد عقبال بس ما اراجع الورق قبل ما اديه لحضرتك
ابتسم لها وبدء يتفحصها فمنذ أن رأها من المرة السابقة وجمالها عالق فى ذهنه لم يستطع أن يتحدث معها فى السابق لوجود فتاة آخرى بجوارها ولكن اليوم هى بمفردها فى المكتب فتلك هى فرصته فظل يتفرس ملامح وجهها بشكل مبالغ فيه بينما هى لم تنتبه وظلت تراجع الأوراق التى أمامها حتى انتهت ثم رفعت رأسها له وقدمت له الملف وهى تقول
-اتفضل يا فندم
ابتسم ذلك الشاب لها ومد يده وحاول أن يمسك يدها وهو يأخذ منها ذاك الملف فنظرت له (برنسيس) بحدة ثم تركت الملف مسرعة وسحبت يدها وقالت بلهجة غاضبة
-لو ده اتكرر تانى مش هيحصلك كويس
نظر لها الشاب وهو يبتسم
-انا ممكن ادفعلك اللى انتى عاوزه او اشتريلك اللى ت٠٠
قاطعته (برنسيس)
-اطلع بارة ٠٠ وكل اللى قولته ده هيتقال لصاحب المكتب
-وانتى متخيلة انه هيطردنى أنا ويسيبك أنتى
-والله ميهمنيش يطرد مين ويسيب مين ٠٠ لكن أنا مش مضطرة اسمع سخافتك أكتر من كده
شعر ذلك الشاب بغضب شديد ثم نهض عن مقعده وقال بغضب
-انا مش هقعدك فى المكتب ده لحظة واحدة
لم تهتم (برنسيس) لما سمعته لكنها ابتسمت فآخيراً قد أتت بحقها دون مساعدة أى شخص ٠٠
انتهت من عملها وأتى (فاروق) كى يأخذها من العمل فطلبت منه أن يسيرا سوياً فالمنزل ليس ببعيد فنفذ لها رغبتها ولكنه وجدها سعيدة على غيرة العادة وتبتسم كثيراً فسئلها
-حصل ايه مخليكى مبسوطة كده
لم تستطع (برنسيس) ان تخفى عليه شئ فقصت له كل ما حدث شعر (فاروق) بغضب شديد من ذلك الوغد ولكن على الرغم من ذلك شعر بفخره من محبوبته فقال بنبرة هادئة
-لو جيت وهو كان موجود لازم تورهولى
-بس أنا خدت حقى بأيدى
-وأنا من حقى أخد حقى
نظرت له بعدم فهم فتابع هو
-أنتى حقى أنا بس يا (برنسيس) وأى سافل يبصلك أنا اموته بأيدى ما بالك اللى يمد ايده دى تتقطع
ابتسمت (برنسيس) كثيراً ثم قالت
-انت قلبى مفهوش غيرك أنت ٠٠ ومالى عينى لدرجة إنى مش شايفة رجالة غيرك
-لا انا كده هقع من طولى
ابتسمت كثيراً ووجدت نفسها أمام باب المنزل فقالت له
-خلى بالك من نفسى ٠٠ طمنى لما توصل البيت
ثم دلفت للداخل بينما ظل هو يشاهدها وهو يشعر بسعادة لإنها قد تغيرت ٠٠ تغيرت كثيراً عن ما مضى ولكنه مازال يعشقها كالسابق وأكثر ٠٠
*****************
لقد توصلت (آسيا) إلى العملية الآخيرة الذى سيقوم كلاً من (عزت) و (عاصم) بتهربيها على طريق صحرواى متجه إلى سيناء فأمرت (آسيا) القوات بأن تنتشر فى المكان بعد أن اقنعت رئيسها فى العمل بأنها لديها معلومات مهمة للغاية تضايق فى البداية رئيسها من إنها تصرفت من رأسها هكذا دون الرجوع لأى شخص ولكنه فى حقيقة الأمر كان مفتخر بها على إصرارها وعلم إن تلك المرة ليست مثل كل مرة فهى قد راقبتهم جيداً الفترة الماضية ومعها معلومات أصبح لا شك بها واستطاعت بالفعل أن تقبض على رجال (عاصم) و (عزت) وهم معاهم شحنة السلاح من ثم امرت بالقبض على كلاً من (عزت) و (عاصم) فى النهاية ٠٠
جلست على مكتبها فى المديرية وهى تنظر لهما بتشفى وإنتصار أخيراً بينما (عزت) قد شعر بغضب شديد شديد للغاية لفشله ولمعرفة (آسيا) بحقيقته ولكنه لم يستطع النظر داخل عينيها لذا نظرت له (آسيا) وقالت
-نقطة كده ومن اول السطر وابدأ الحكاية ع رواقة ٠٠