الحلقة الرابعة عشر

13.1K 407 8
                                    

الحلقة الرابعة عشر

بعد أن أتى الطبيب لكى يفحصها أخبرهم بوفاتها وأكد لهم ظنونهم ظل (مراد) صامت لا يتكلم وجلس بجوار زوجته وضمها لصدره حتى يودعها الوداع الأخير وعيناه تنهمر بالبكاء لا يستطيع أن يتحدث أو يتكلم ولا ينظر لأحد يتألم فقط بمفرده فقد فقد للتو حبيبته وزوجته وكل شئ له فى تلك الحياة ٠٠
إما عن والدليه فنزلت الدموع منهما حزناً على تلك البريئة فقد كانت علاقتها بهم كأبنتيهما لذا قرر (رفعت) تولى كل شئ ويتحدث مع والدايها كى يخبرهم بوفاتها ٠٠
إما (برنسيس) كانت مصدومة صحيح أن علاقتها ب (شروق) لم تكن قوية إلى ذلك الحد ولكن أن تموت وتفقد حياتها فجاءة هكذا فقد رأتها منذ ساعة ونصف تقريباً عندما عادت مع (مراد) من الخارج ولكن الآن لن تراها مرة آخرى نزلت الدموع من عينيها وشعرت أنها لا تستطيع أن تقف على قدميها فقد خارت قواها لذا جلست على اقرب مقعد وهى ترتعش من الخوف ٠٠
بعد وقت قريب أتى والدى (شروق) اللذان كانا يبكيان بشدة فلا يصدقا أن ابنتهما الوحيدة قد توفت عندما وجد (مراد) والدى (شروق) يدخلون الغرفة شعر بغضب شديد وقال وهو يزعق بهم
-انتوا ايه اللى جابكوا ؟! ٠٠ جايين ليه بعد ماهى ماتت خلاص لسه فاكريين تسئلوا عليها !! ٠٠ انتوا اتعودتوا أن حد يشيل المسئولية بدالكوا زمان كنتوا رامينها للمربية بتاعتها ودلوقتي بعد ما جوزتهولى برده سبتوها معايا هى زى ما كانت محتاجالى محتاجة لأب ولأم برده كنتوا بتسئلوا عليها كل فين وفين  يدوب تعرفوا أخر الأخبار لو حد السبب فى موتها هو انتوا مش حد تانى الاهمال يعمل اكتر من كده
شعر والداى (شروق) بالخجل من انفسهم فبالفعل كانوا مقصريين للغاية لم يكونوا يقصدوا أن توصل حالتها لذلك ولكن عندما كانوا يعلمون انها مازالت حية وهناك من يراعها تواكلوا على ذلك وانها ليست بحاجة لوجودهم ولكن فى الحقيقة وجود الأب والأم لا يغنيه أحد ابداً عندما اقتربوا من جسد (شروق) المستلقى على الفراش نظر لهم (مراد) بأعين حاقدة فهو يلومهم على حالة (شروق) تلك التى تدهورت من سئ إلى اسوء  ولكنه لم يستطع أن يمنعهم من أن يودعوا ابنتهم الوداع الأخير ولكنه ترك الغرفة برمتها فهو لا يريد أن يرى وجهيهم ابداً احتبس بداخل غرفة شقيقته وهو لا يريد التحدث مع احد ولا يريد أن يرى شئ فقد اصبحت الحياة خالية أمامه من البهجة جلس على فراش (آسيا) وهو يتذكر كل ذكريتها الأليمة وايام مرضها تلك التى لم يكن احد بجوارها سواه كم كانت تريد أن تشعر بأهتمام والدايها ولكن دون جدوى فهما مهملان لها لأقصى الدرجات تذكر وجهها قبل مجيئهم وقد كان يعلم جيداً انها تضحك له مجاملة وهى بداخلها حزن كبير تحدث إلى نفسه بصوت مرتفع قليلاً
-اهاا لو كانت سبتها تعيط ٠٠ كنت سبتها تعيط وتطلع اللى جواها بدل ما كنت بحاول اضحكها كده ٠٠ ا٠٠ انا السبب انا زيهم انانى مكنتش عاوزها تعيط وطلبت منها انها ت٠٠ تضحك فى وشى ومخلتهاش تطلع مشاعرها جت على نفسها ع٠٠ عشانى لحد آخر نفس فى حياتها
جلس على الفراش وهو يضع كلتا يديه على وجهه وهو يبكى بغزارة وهو يتذكر اللحظات الأخيرة التى كانت تلفظ بها أنفاسها الآخيرة وهو لا يستطيع أن يقدم لها شئ ٠٠
إما عن والدايها فكانوا بالغرفة مع (شروق) ينظرون إلى جسدها ذلك الذى اصبح بدون روح وحركة اقتربت منها والداتها وقالت
-ا٠٠ احنا ٠٠ احنا كنا مهملين معاها اوى يا (شوكت) م٠٠ محسناش بيها ولا بوجعها و ٠٠
لم يستطع (شوكت) التحدث فقد جلس بجوار جسد (شروق) من الجهة الآخرى ثم قبل رأسها وهو يبكى حتى صرخت والداتها وقالت
-ك٠٠ كانت جيالى النهاردة ٠٠ جتلى النهاردة وانا قعدت مع صاحبتى كانت عاوزة ت٠٠ تودعنى قبل ما تموت يا (شوكت) و٠٠ وبدل ما اقعد معاها او استنى حضورها روحت خرجت مع اصحابى اللى بخرج معاهم كل يوم
نزلت دمعة من وجه (شوكت) ثم قال
-يفيد بإيه الندم يا (نجاة) ٠٠ مفيش جنيه واحد من فلوسنا يقدر يرجع نفس واحد ليها ٠٠ انا عمرى ما كنت اتخيل ان هيجى يوم واحس الاحساس ده ٠٠ كنت بجمع ليها فلوس عشان يبقى معاها فلوس بعد ما احنا نموت ٠٠ ل٠٠ لكن احنا اللى ندفنها م٠٠ مش قادر اصدق
انهمرت الدموع من دموع (نجاة) واحتضنت ابنتها للمرة الآخيرة وهى لا تصدق انها اصبحت بلا حركة ٠٠
دلفت (برنسيس) غرفتها عندما استطعت أن تقف على قدميها أمسكت هاتفها ثم قامت بالأتصال على (آسيا) فكم تود أن تخبرها بكل ما حدث تود وأن تكون (آسيا) بجانبها الآن عندما سمعت إلى صوتها وهى تقول
-الوووو
اتاها صوت (برنسيس) وهى تبكى بغزارة وانفاسها المتقطعة
-(آ٠٠آسيا) ا٠٠ ا٠٠
شعرت (آسيا) بالقلق من صوت أنفاس (برنسيس) فقالت لكى تحثها على الحديث
-حصل ايه يا (برنسيس) فيه ايه ؟!
-(ش٠٠ شروق) (شروق) ماتت يا (آسيا) ا٠٠ انا مش مستوعبة ومش متخيلة و ٠٠
صمتت لم تكن تعلم ماذا أن تقول بينما (آسيا) كانت مصدومة لا تصدق ما سمعته للتو فهى كانت مقربة منها صحيح لم تكن بذلك القرب ولكنها كانت تحبها فهى بريئة وجميلة وتستطيع ان تسرق قلب من يراها وجدت نفسها تبكى دون أن تشعر لا تعرف ماذا عليها أن تقول او تفعل حتى فهى من أجل عملها ذاك لا تستطيع أن تودعها سقط الهاتف من يدها وجلست هى الأرضية بعد ان خارت قواها
وظلت تبكى بشدة ٠٠
******************
بينما فى غرفة (أنس) لم ينعم بالنوم حتى اتته مكالمة من (رأفت) ليخبره بأنه قد تم الأستيلاء على البضاعة الخاصة ب (مدحت الشريف) فشعر هو بسعادة كبيرة كونه انتقم من ذلك ال (مدحت) الذى تسبب فى قتل رجله الثانى (ناجى) ٠٠
******************
فى صباح اليوم التالى الذى لم ينعم به أحد من عائلة (آل عزبى) بالنوم وقف (مراد) ووالدايها  وشقيقته (برنسيس) مع والدى (شروق) أمام المدفن الذى دفنت به (شروق) وهم يقرءون لها الفاتحة شعرت (برنسيس) بأنها ستسقط فقد كان بداخلها كثير فأمسكها والدها قبل ان تسقط واخذها لكى يرحلوا بعيدا بينما ظل (مراد) جالس أمام المدفن لم يستطع والديه أن يطلبا منهم أن يرحل معاهم نظرت (ناهد) إلى (رفعت) وقالت
-هنسيبه كده لوحده يا (رفعت) ؟!
-خلى السواق يروحك انتى و (برنسيس) وانا هفضل جنبه
هزت (ناهد) رأسها بتفهم ثم انصرفت مع ابنتها بينما نظر (رفعت) إلى (مراد) بحزن شديد وجدأن يبكى دون صوت وهو ينظر إلى مدفن زوجته ٠٠
***************
اضطرت (آسيا) أن تذهب للعمل فلم يكن عليها أن تفعل أى شئ سوى ذلك حاولت أن تتحدث مع (مراد) بالأمس ولكنه بالطبع لم يجيب على أى مكالمة لعنت نفسها وعملها الذى يجبرها أن تتجرد من مشاعرها تلك صحيح انها اصبحت لا تبالى بتلك المشاعر حب او غيره ولكن ذلك شقيقها وعليها أن لا تقف بجواره فماذا ستقول وبماذا ستبرر اختفائها جلست على مكتبها وعينيها حمروتان بشدة تتابع العمل الذى أمامها ولكن عقلها وقلبها فى مكان آخر يريد ان يطمئن على شقيقها أو تعرف فى ماذا يفكر أن تقف بجواره أن تهون عليه ما يشعر ظلت تكتم ذلك الحزن الدفين بداخلها دون أن تتحدث تعمل فقط وتطالع الأوراق التى أمامها ٠٠
دلف (يونس) كالعادة إلى مكتبها كى يشاكسها فقد اشتاق لها منذ الأمس نظر لها وجدها تعمل كعادتها دون راحة ابتسم (يونس) عليها ثم قال
-طنط كشر اللى جواكى دى مش هتتغير ابداً
لم تنظر له (آسيا) حتى فهى ليست بمزاج أن تمرح أو تلهو أو أى شئ اندهش (يونس) لأنها لا تصرخ بوجهه كما تفعل او تأمره بالرحيل لذا قال
-ده واضح أن فى شغل مهم قدامك جداً كده عشان تبقى حتى مش عاوزة تبصيلى
رفعت (آسيا) نظرها له ورمقته بنظرة طويلة استطاع هو أن يرى احمرار عينيها وتقلب مزاجها وبدت غريبة يبدو وأن بداخلها الكثير فهم ليقترب منها ليسئلها ما خطبها فقالت بنبرة هادئة ولكنها تحمل الكثير من الغضب
-ارجووووك امشى
رفع (يونس) أحد حاجبيه ولكنه لم يكن يريد أن يجادلها فشعر أن فى الأمر أمر لذا قرر الخروج والانتظار حتى يأتى وقت الأستراحة ٠٠
ذهب إلى مكتبه وكان ينظر للساعة تقريباً كل خمس دقائق فقد كان يريد أن تأتى الساعة الثانية عشر بشدة فقد شعر بالقلق عليها ود أن يعلم ما بها مر الوقت كأنه ضهراً كاملاً ثم اخذ الچاكت الخاص به واسرع نحو المطعم التى تتناول فيه الطعام ظل ينتظر قدومها حتى وجدها تدخل المطعم وهى تنظر للأسفل جلست على اقرب طاولة وهى تضع يدها اسفل وجنتها طلبت من النادل قهوة ولم تطلب طعامها اندهش (يونس)من ذلك لذا اقترب منها وجلس أمامها على المقعد وهو يقول
-فى ايه يا (كارمه) ؟ مالك
نظرت له وهى تشعر بغضب شديد فهى لا تريد أن تتحدث مع احد ولا تناقش أحد خصوصاً ذلك المهرج الذى أمامها فقالت
-انا مش قولتلك مش عاوزة اشوف وشك النهاردة بالذات
تحدث (يونس)  بهدوء
-لا مقولتيش
-ادينى قلت امشى بقى
-فى ايه ؟! مالك شكلك مش طبيعى
-ارجوك سبنى فى حالى دلوقتى مش عاوزة اتكلم مش قادرة اتكلم
تحدث (يونس) بلهجة آمرة
-قلت فى ايه ؟!
نظرت له نظرة طويلة ثم قالت
-امشى ٠٠ امشى من قدامى بقى مش عاوزة اتكلم ارحمنى بقى هو انا اللعبة اللى بابا وماما جبهولك فى ايه مبتزهقش مبتحسش طيب واحدة مش طايقاك ومش عاوزة تشوف وشك وطلبت منك تمشى حس بقى ع دمك وامشى شوف اى واحدة من الزبالة بتوعك طلع عليهم هيافتك دى
نظر لها (يونس) بشدة ثم قال
-لمعلوماتك يا (آسيا) انا اقدر اضربك ع البوقين اللى انتى قولتيهم بس انا مبعملش كده فى واحدة ست وانتى عارفة كده كويس ٠٠ وانا مش من الرجالة اللى اقبل ان واحدة تعتبرينى شماعة عشان تطلع عقدها عليا بس انا معاكى بعدى بعدى كتييير اوووى وصبرى اللى له حدود بيبقى ملوش حدود معاكى
نظرت له بأعين يملؤها الدموع
-انا معقدة وبطلع عقدى عليك ! اصلك عمرك ما هتحس يعنى ايه تبقى متكتف يعنى ايه اقرب الناس ليك يبقوا محتاجينك وانت مطلوب منك تضحك وتهزر وتعيش حياة مش حياتك اصلاً عشان شغلك وبس ٠٠ عمرك ما حسيت بده لانك اصلاً مبيفرقش معاك حد وعايش لنفسك ومش بتهتم بأى حد
نظر لها ولأول مرة يشعر بضيق شديد ثم قال
-لا حاسس بيكى يمكن انتى اللى عمرك ما هتعيشى حياتى عمرك ما هتحسى يعنى ايه تعيشى من غير أب وأم أو أخ أو أخت حتى اهلك ماتوا وانتى عندك 10 سنين يدوب فاكراهم ويدوب فى كم ذكرى ليهم فى دماغك لا واضطرتى تعيشى مع خالتك وجوز خالتك تحسى انك عالة ع ناس مهما كان غرب برده عنك ابويا مكنش غنى زى جوز خالتى يعنى
حتى شغلى معاهم عمرى ما صرفت ع نفسى منه عشان عمرى ما حسيت انى استحق الفلوس دى حاسس انهم ليهم دين فى رقبتى و٠٠ انا مش مضطر احكيلك ده كله بس عاوز اقولك حاجة انتى اللى اختارتى شغلك وحياتك يبقى لازم تتحملى
-اتحمل !! و٠٠ اعيش بدون مشاعر صح انا مش بنى ادمة من دم ولحم بحس
-انتى عارفة ايه مشكلتك يا (آسيا) انك بالظبط زى السفنجة بتشرب كتيييييير بس لو اتعصرت بتنزل كل اللى شريته
نزلت الدموع من عيناها وقالت
-ا٠٠ انا تعبت و ٠٠
-عيطى براحتك يا (آسيا) واوعى تتكسفى من دموعك دى أو تفتكرى أن دموعك دى بتقلل منك وبالمناسبة الدموع دى بتليق ع طنط كشر اووووى
نظرت له بطرف عينيها وجدته قد غمز لها بعينه اليسرى فأبتسمت بين دموعها فهزت رأسها بأسى ٠٠
*********************
فى منزل (مدحت الشريف) منذ الليل لم ينم وقد حاول الاتصال بأحدى رجاله لكن دون جدوى فقد كان الهاتف مغلق شعر بغضب شديد فمن المفترض أن يكونوا وصلوا منذ الصباح ولكن وجد أحد رجاله يدخل عليه المكتب ويبدو على مظهره انه مذرى للغاية فنظر له (مدحت) وهو لا يصدق
-حصل ايه ؟ وتليفونك مقفول ليه يا بجم انت ؟
لهث ذلك الرجل واخذ انفاسه بصعوبة
-بعد ما استلمنا البضاعة طلعوا علينا رجالة (أنس) وحصل بينا وبينهم  اشتباك رجالة (أنس) كانوا اكتر منا بكتير ومعرفناش نعمل حاجة انا فجاءة لاقيت كل اللى معايا بيموتوا وانا واقف معرفتش اعمل حاجة لوحدى
اتسعت اعين (مدحت) بدهشة وغرابة وضرب كف يده بقوة على مكتبه وقال
-وهو عرف منين ميعاد استلام البضاعة !!
صمت ذلك الرجل ولم يعرف إن يجيب عليه فأبتسم (مدحت) بصعوبة على حاله ذاك ثم قال
-وطبعا سابوك انت عشان تيجى تبلغنى المصيبة ٠٠ انا مش هرحم (أنس) ده ابداً وهو اللى حفر قبره بأيده ٠٠
*******************
مر الليل على (مراد) وهو جالس فى الغرفة التى تجمعه هو وزوجته اخذ يتذكر ذكريات تخصهم سوياً لم يكن يستطيع النوم فكل ركن بتلك الغرفة به ذكرى تجمعهم سوياً ٠٠
حاولت (آسيا) الأتصال ب (مراد) مراراً وتكراراً كى تطمئن عليه ولكن دون اى جدوى لذا قررت أن تتصل ب (برنسيس) كى تعلم كيف حاله الآن اتاها صوت (برنسيس) ضعيف وهى تقول
-ا٠٠ الو
-ايوة يا (برنسيس) طمنينى انتوا عاملين ايه ؟ (مراد) مش بيرد عليا خالص
-الحمد لله يا (آسيا) كلنا بخير ٠٠ ب٠٠ بس (مراد) مش راضى يتكلم مع حد من ساعة ما جاه هو وبابا من المدافن وهو قافل ع نفسه فى اوضته مش راضى يكلم حد
-حاولى تكلميه يا (برنسيس) ا٠٠ انا حاسة انى متكتفة ومش عارفة اعمله شئ
-هو رافض خالص انه يتكلم يا (آسيا) عشان كده احنا سيبينه براحته
-ابقى طمنينى عليه
-حاضر
أغلقت (آسيا) الهاتف وهى تشعر بالحزن على (مراد) فكم تود أن تطمئن عليه وترى هل ما كان بحال جيدة أم لا ولكنها أستمعت إلى  صوت احدهم يرن باب الشقة فذهبت لكى تفتح باب الشقة وجدت شاب وفى يده علبة مغلفة نظرت له بأندهاش وقالت
-أفندم ؟!
قدم لها تلك العلبة المغلفة ذلك الشاب وهو يقول
-الهدية دى ليكى يا فندم
ثم أخرج من جيب بنطاله رسالة منطوية داخل ظرف لونه احمر
-والرسالة دى مع الهدية
اندهشت (آسيا) من تلك الهدية وتلك الرسالة ولكنها اخذتهم مع تلك الرسالة ثم اغلقت باب الشقة وبدئت فى فتح تلك العلبة فوجدت بداخلها عروس دمية ترتدى فستان زفاف أبيض اندهشت من تلك الهدية فمن ذا الذى يرسل لها تلك الهدية قررت ان تفتح ذلك الظرف لتجد به رسالة قامت بفتحها فقالت
(أتمنى أن أراكى قريباً بذلك الفستان)
نظرت (آسيا) للرسالة جيداً ثم تفحصتها وقالت
-بس !! مين الفاضى ده وايه جو الجوابات ده ٠٠ انا ناقصة عته ٠٠
*******************
بينما كانت (أصالة) فى غرفتها تتصفح مواقع التواصل الأجتماعى الخاصة بها حتى اتاها أتصال من (أنس) ابتسمت حين رأت رقم هاتفه ينير تلك الشاشة الصغيرة لذا اجابت على الفور وهى تقول
-الو
اتاه صوته الهادئ وهو يقول
-وحشتينى
شعرت هى بالخجل قليلاً ثم قالت
-عامل ايه ؟!
-تعرفى من يوم ما قولتلك انى بحبك انتى مردتيش عليا وده شئ موترنى
-م٠٠ ماهو اصل انت اكيد عارف و ٠٠
قاطعها قائلاً
-بس انا من حقى اسمع
-يعنى لو مش بحبك هتعمل ايه ؟!
-انتى معندكيش خيار يا (أصالة) غير انك تحبينى
قطبت هى حاجبيها بعدم فهم وقالت
-ليه مش من حقى ؟!
-لا انتى حقى انا بس ٠٠ وانا مش هسمح تكونى مع انسان تانى اصلاً
شعرت هى بالخوف قليلاً من نبرة صوته تلك فقالت لكى تلطف الأجواء
-انا بهزر ع فكرة وانت عارف انى بحبك
ابتسم هو قليلاً لسماعه لأعترافه ذاك ثم قال
-ممكن نتعشى سوا بكرة ؟
هزت رأسها نافية وهى تقول
-مش هينفع اخوية مش بيحبنى ابقى بارة البيت بعد الساعة 7 وانا مبحبش ازعله
رفع هو احدى حاجبيه
-بس من حقى اشوفك وقت ما احب
-انت ليه بتخوفنى منك ؟
زفر هو بضيق ثم قال
-اقفلى دلوقتى يا (أصالة) مش عاوز اتناقش
ثم أغلق الهاتف ودون يستمع إلى أجابتها فشعرت هى بالضيق من اسلوبه ذاك ولكنه ايضاً لا تريده ان يكون غاضب بسببها لذا ارسلت له رسالة
(مش عاوزك تنام زعلان منى)
لم يهتم (أنس) بأن يجيب على رسالتها تلك بينما هى نزلت من عينيها دمعة وهى تشعر بالحزن لأنه لم يحاول أن يتصل بها أو يجيب على رسالتها تلك ٠٠
*****************
جلست (هايا) على فراشها وهى تشعر بملل شديد لا تعرف لما تنتظر من (منصف) رسالة فهو لم يراسلها منذ أن حدثته اخر مرة ظلت تحدث نفسها وهى تقول
-معقول ؟! طب و (يونس) !! طب اشمعنا هو ؟! وبعدين انا مش حمل صدمة تانية لو ده صدمنى كمان انا هتعقد من تانى نزلت دمعة من عيونها وظلت تنظر لسقف الغرفة وهى تشعر بالحزن ولا تعرف السبب لا تعرف مشاعرها تلك صادقة أم لا مجرد هروب من حب (يونس) فهى لم تأخذ فترة كبيرة لكى تنسى (يونس) من الاصل كيف لها أن تعجب بشخص آخر بتلك السرعة لابد وأن يكون ذلك أمر مستحيل أن تكون أحبته مسحت تلك الدمعة وقررت أن لا تفكر فى (منصف) ذاك وانها ستتصفح صفحتها الشخصية على موقع (الفيس بوك) دون أن تفكر به ظلت تتصفح تلك الصفحة حتى جائها على صفحتها الرئيسية أن (منصف صلاح) قد تفاعل مع تلك الصورة التى لم تكن سوى صورة لفتاة شابة وما زاد الأمر سوءاً ان تلك الفتاة جميلة فتحت فمها بعدم تصديق لما يعجب بصورة تلك الفتاة تركت الهاتف لدقائق  وهى تفكر ثم عادت وأمسكته وفتحت الرسائل بينهم ولكنها لم تقوى على كتابة حرف واحد تركت الهاتف مرة اخرى على الفراش ثم قالت
-انا ايه مضايقة ؟! انا مالى ؟ ايوة انا مالى ده شئ ميخصنيش ٠٠ ميخصنيش ابداً ابداً
ثم نهضت عن الفراش وذهبت تجاه الشرفة كى تشتم هواء منعش لتبدل حالتها تلك ولكن دون جدوى لم تستطع أن تمحى صورة تلك الفتاة من مخيلتها لذا ذهبت تجاه الهاتف مرة آخرى وأرسلت له رسالة
(مين البنت اللى اسمها (رانيا سعيد) عندك فى الفريندس دى )
وصلت تلك الرسالة ل (منصف) وهو يشاهد التلفاز مع شقيقته ففتح الهاتف ليرى تلك الرسالة منها قطب حاجبيه بعدم فهم ثم ارسل لها
(ليه ؟!)
(انت ترد وبس)
أرسلتها دون أن تشعر ثم قرئت تلك الرسالة وشعرت بغبائها فأبتلعت ريقها ثم قالت
(قصدى يعنى انى عاوزة اعرف مين دى اصل لاقيت منها ادد ولاقيت انك صديق مشترك بينا فعاوزة اعرف مين دى ؟! )
نظر (منصف) لرسائلها تلك ولم يكن يصدقها فأرسل
( (رانيا) بعتالك انتى ادد ؟!
عموماً دى مضيفة بتشتغل معايا )
عضت (هايا) شفتاها بغيظ شديد وحدثت نفسها قائلة
-مضيفة شغالة معاك !! ومالك مفتخر كده وايه تبعتلك انتى ادد دى !!
فأرسلت له بضيق
(ربنا يخليهالك)
ثم أغلقت الهاتف وهى تشعر بضيق شديد لم تكن تريد أن تتحدث مع إحد وقررت الخلود للنوم ٠٠
بينما نظر (منصف) للهاتف وهو لا يصدق ما كتبته تلك المعتوهة ابتسم قليلاً ثم ارسل لها
(انتى زعلانة ؟! )
ولكنه وجدها قد اغلقت برنامج الرسائل فزم شفتاه بعدم رضا وردد بداخله
-ايه المجنونة دى ؟!
*********************
فى مساء اليوم التالى استمعت (آسيا) لأحدهم يطرق باب شقتها فذهبت كى تفتح الباب تفاجئت بوجود (عزت) أمامها رفعت أحدى حاجبيها ثم قالت
-انت !! ايه اللى جابك ؟!
-ممكن نتكلم شوية ؟!
-نتكلم فى ايه ؟! مفيش بينا كلام وبعدين ميصحش تيجى وانا قعدة لوحدى
-(آسيا) انا هنزل وهستناكى تحت عشر دقايق وتنزلى ضرورى عاوزك فى موضوع مهم
نظرت له (آسيا) بريبة ثم هزت رأسها بالإيجاب أغلقت باب الشقة ودلفت للداخل كى تبدل ملابسها ثم هبطت للأسفل وجدت (عزت) داخل سيارته فأتجهت نحوه وفتحت باب السيارة وركبت بجواره ثم قالت
-خير !
-هنروح نقعد فى مطعم نتكلم
زفرت (آسيا) بضيق ثم عقدت يدها نحو صدرها وهى تشيح وجهها للأتجاه الآخر فنظر لها هو هائماً فقد كان يشتاق لها كثيراً ثم ادار المحرك ليذهب بها بعيداً فى مطعم وصلوا بعد ربع ساعة تقريبا ثم جلسوا سويا داخل  المطعم على طاولة وطلب لهم (عزت) كوبين من القهوة فنظرت له (آسيا) بجدية وقالت
-خير !
-انا لسه جاى من السويس كنت طول اليوم هناك عرفت أن (شروق) ماتت وحالة (مراد) مش كويسة بصراحة رافض يتكلم مع حد يعنى اتكلم معايا بالعافية و٠٠
اغروقت عينان (آسيا) بالدموع وهى تشعر بالحزن ونظرت لأسفل وهى تقول
-كان نفسى ابقى جنبه اووى بس بس شغلى مش مساعدنى و ٠٠
قاطعها (عزت) قائلاً ثم قال
-عارف يا (آسيا) انه مش بمزاجك وان اكييد فى شئ مانعك من انك تبقى جنبه وعشان عارف أن (مراد) متعلق بيكى وأن كلامك معاه هيفرق .. ايه رأيك اروحله وابقى معاه واخليه يحاول يكلمك من تليفونى انا لانه رافض يفتح تليفونه اصلاً ويكلم اى حد
لمعت أعين (آسيا) ثم قالت
-بجد يا (عزت)
ابتسم هو لرؤيته للمعة عيناها تلك ثم قال
-اكييد
-انا هبقى مديونة ليك لو عملت كده
-انا مديون ليكى لشوشتى سبينى ارد ديونى الأول
شعرت (آسيا) بنبرة صوته الناعمة تلك لذا وقفت وقالت
-متهيئلى نمشى بقى
شعر (عزت) بقليل من الضيق ثم قال
-زى ما تحبى
ثم قام بإيصالها إلى منزلها وتبادلا ارقام الهاتف من أجل أن يحدثها من أجل (مراد) كما اتفقا ثم نظر لها  من داخل سيارته وهى تدلف لداخل عقار منزلها ٠٠
*****************
بينما كان (منصف) يشعر بالضيق لتجاهل (هايا) لرسالته الآخيرة تلك رغم رؤيتها لها لذا ظل ينتظر طوال اليوم أن يراها نشطة حتى يتحدث معها وما أن وجدها اتصل عبر تطبيق الماسنچر بها عندما رأت (هايا) اتصاله ذاك تسارعت نبضات قلبها ثم اجابت عنه وهى تقول
-نعم عاوز ايه ؟!
-ممكن اعرف مردتيش عليا ليه ؟!
-اصل سؤال سخيف هزعل ليه يعنى ؟!
-انتى متأكدة انك مش زعلانة ؟!
-ايوة
-ماشى يا (هايا) زى ما تحبى ٠٠ سلام
-سلام
ثم اغلق الهاتف وهو يشعر بضيق شديد وبغضب منها ولا يعرف ما السبب إما هى فزمت شفتاها وقالت
-حلوف بجد حلوف ٠٠
********************
مر خمس ايام آخريين ٠٠
كانت (آسيا) تحاول ان تتحدث مع (مراد) لكى تخرجه من حالته تلك ولكن دون جدوى فقد كان قليل الحديث ولا يرغب بالحديث ٠٠
إما عن (فاروق) فكان يشعر بقلق شديد لأن (برنسيس) منذ اسبوع لم تأتى بالجامعة وهو لا يعرف رقم هاتفها كى يطمئن عليها ولكنه قام بسؤال صديقتها (رحمة) التى اخبرته بأن لديهم حالة وفاة لذا لم تأتى فزاد هذا بشعوره بالقلق عليها ٠٠
إما عن (أنس) فقد كان منهك فى أعماله تلك الغير مشروعة يفكر ب (أصالة) تارة وبنفسه تارة فهى صحيح مختلفة عنه ولكنه يحبها بصدق ولا يريد خسارتها ولن يجعلها مع رجل آخر طوال عمره فأى رجل ينظر لها حتى حكم بموته ولكنه يريد أن يجعلها أن تتغير وتطيعه فى كل ما يطلبه منها لذا قرر معاقبتها قليلاً بتجاهل رسائلها واتصالتها حتى يستطيع رؤيتها ريثما يريد ٠٠
إما عن (يونس) كان يراقب (آسيا) من بعيد لكنه كان يلاحظ حزنها ذاك الذى كان يمزق قلبه فهو قد اعترف بينه وبين نفسه اخيراً ان تلك الفتاة استطعت ان تفعل بقلبه ما لم تفعله فتاة آخرى ٠٠
بينما (منصف) و (هايا) فقد كان يعند كل من هما مع الآخر فلا أحد يريد أن يتنازل ويتحدث اولاً ٠٠
******************
فى الصباح دلفت (برنسيس) لغرفة (مراد) و (شروق) بعد ان رأت (مراد) بالأسفل فى حديقة المنزل فقررت أن تأخذ احدى ملابس (شروق) من الخزانة وترتديها ارتدت ملابسها فأنتقت فستان لونه أسود واسع قليلاً من ثم اخذت حجاب لونه ابيض خاص ب (شروق) وحاولت أن  ترتديه فشلت فى البداية ولكن مع اصرارها قد ارتدته اخيراً ونظرت لنفسها بالمرآة وشعرت بالرضا من نفسها فهى لن تتراجع عن ذلك القرار ابداً فالعمر حقاً لحظة يمر بسرعة وقد رأت بعينيها أن (شروق) ماتت فجاءة وهى تعيش معاهم فعليها الآن ان تفكر فى رضا الله أيضاً ذلك الحجاب سيخفى جمالها ولو قليلاً هبطت بالآسفل بتلك الملابس ووقفت أمام (مراد) الذى تفاجئ و نظر لها بذهول ٠٠

الكابوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن