الفصل الخامس
•توقف الزمن في هذه اللحظة .. لحظة التقاء عيناهما في نفس الوقت وكأن هناك اتصال روحي بينهما .. نفس النظرة .. نفس نظرته التي لاحقتها في مرآة سيارة الأجرة يوم هروبها منه عنوة .. كانت نظرة شوق وسعادة أنه وجد ملاذه أخيراً وسيتحقق مبتغاه أما هي فنظرتها كانت نظرة حقد وكراهية وكأنها تريد إحراقه حياً كي تشفي غليلها منه .. وكي تنتقم من إهانة والدته لها في هذا اليوم المشئوم الذي قرر أن يطلب يدها للزواج .. ولكن نظراتهما لم تكن تضاهي نظرات الغضب المشتعل التي كان يوجهها "طارق" لـ "سليم" المحدق بطليقته سابقاً وخطيبته حالياً فكل ما كان يدور بذهنه ( ما هي الحلقة المفقودة التي جعلت هذان الأثنان يجتمعان ؟) ..
بالطبع "حورية" كانت في موقف لا تحسد عليه فهي تعرف أنه سيحدث الآن معركة دامية بين هؤلاء جميعاً فبالتأكيد "طارق" لن يترك رجلاً غريباً يتغزل في زوجته والدة إبنته أو بمعني أصح كي يعزز كبريائه فقط ..
ووسط نظرات الجميع المعلقة بثلاثتهم كان صدر "رحيق" يعلو ويهبط من الموقف الغريب الذي وضعت فيه رغماً عنها ،، كان يجب عليها أن تتوقع مجئ "سليم" بعد أن رآها في المشفي وهربت منه ولكنها كانت مشغولة بأشياء أخري أهم ستعيد لها حقها هي وابنتها ولكن ماذا الآن يا صاحبة العيون الفيروزية !!! .. ستهربين حتماً وبالفعل هربت هي من الموقف بإغمائها المفاجئ الذي جعل "طارق" يمسك بخصرها ينقذها من السقوط أرضاً بينما هرول "سليم" إليها بقلب مخلوع قلقاً عليها لينظر له "طارق" بغضب وعينين متقدتين قائلاً من بين صكيك أسنانه:
- إياك إيدك تلمس حتة منها ،، أنت فاهم !!!
- انا معرفش أصلاً ايه سبب وجودك هنا بس المهم دلوقتي "رحيق" تفوق بعدين هفضالك
قالها "سليم" بثبات انفعالي تام لتهرول "صفاء" ناحية "طارق" قائلة بقلق:
- لازم نوديها المستشفي بسرعة
- مستشفي ليه دة إغماء عادي تلاقي عندها هبوط
قالها "طارق" ببرود وهو مازال يحملها بين يديه ليصدمه "سليم" بـرده قائلاً:
- اكيد جاتلها نوبة سكر انا هطلب الدكتور حالاً
لم ينتظر أعتراض من أياً منهم بل رفع هاتفه علي أذنه يهاتف الطبيب كي يأتي وينقذ حُلمه الوحيد الذي اختاره بنفسه في حين كان "طارق" يشتعل غيظاً من وجود هذا الأبلة الذي يعرف أشياء عن زوجته أكثر منه فهو كان يجهل بأمر مرضها بالسكري هذا فقالت "حورية" بقلق:
- دخلها الأوضة يا "طارق" بعد إذنك ،، عشان لما الدكتور يجي تبقي جاهزة للكشف
اومأ لها "طارق" برأسه ليدخل بها إلي غرفتها ليضعها علي الفراش ببطئ ونعومة وكأنه كان يستمتع بلحظات حملها التي قربتها إليه بعد غيابها المضني عنه ..
مرّت خمسة عشر دقيقة علي مجئ الطبيب الذي خرج من الغرفة يقول بوجه بشوش:
- متقلقوش يا جماعة دي نوبة سكر طبيعية
- يعني هي كويسة يا دكتور !!
قالتها "صفاء" بقلق فـردّ عليها الطبيب بابتسامة بشوشة:
- كويسة جداً يا مدام متقلقيش وفاقت كمان تقدروا تشوفوها
حمدت "صفاء" ربها علي شفاء ابنتها لتدلف إليها هي و"حورية" و"طارق" بينما أخرج "سليم" الطبيب للخارج وبعدما تأكد من رحيله رجع مرة أخري لغرفة "رحيق" ليجدها مستلقية علي الفراش بوجه متعب وعينين زائغتين .. مذهولتين من رؤيته .. فقال هو بمكر يريد فتح حديث معها:
- حمدلله علي سلامتك يا "رحيق"
نظرت له بصدمة من جرأته بينما كور "طارق" قبضته يريد أن يفتك به ولكنه سمع "رحيق" تقول ببساطة:
- الله يسلمك يا حضرة الرائد
كان "سليم" علي وشك الرد عليها ولكنه وجد مَن يعبث في بنطاله بنعومة وخفة فنظر للأسفل وجد الصغيرة تحمل عروساً قائلة له ببراءة:
- ممكن أدخل !!
ابتسم لها "سليم" بحب ثم هبط لمستواها قائلاً بمزاجية متجاهلاً نظرات الجميع المشدوهة له:
- الله حلوة اوي العروسة بتاعتك ،، مين جابهالك !!
قالت "جانسو" ببراءة طفولية:
- بابا "طارق" هو اللي جابهالي
تجعدت ملامح "سليم" في حين تهللت أسارير "طارق" فها هو أحرجه أمام الجميع ليقول "سليم" مشدوهاً:
- بابا !!
قال "طارق" باستفزاز ومكر:
- أيوة أصل انا طليق "رحيق" سابقاً وخطيبها حالياً
ها قد انفجرت القنبلة الموقوتة التي جعلت "سليم" ينظر تلقائياً لـ "رحيق" بألم وعيون منكسرة وهذا ما جعلها تشعر بالذنب لموافقتها علي خطبتها لـ "طارق" .. كانت "حورية" متابعة لحركات "سليم" المصدومة مما سمع وشفقت عليه للغاية ولكن ما صدم الجميع أكثر قول "رحيق" الصارم:
- أنا موافقة يا "طارق" اننا نكتب الكتاب الخميس الجاي ....
أنت تقرأ
للحكايــة قُيــود
Romanceالمقدمة: -صابرة .. عنيدة .. جامحة أنتِ يا أمُ ماء الحياة ،تتلاطم الرياح بکِ فتصمدين أكثر وأكثر ،عانيتِ الفقد مراراً وتكراراً ومازلتِ ذات روح مغوارة تأبي الخنوع أمام كاشحيکِ .. ولكن ماذا عن قلبك يا صاحبة العيون الفيروزية ؟! أسيقدر علي فک قيوده أم سين...