الفصل الثاني
•تملكتها صدمة عنيفة عندما رأت "طارق" مَن يقف أمامها واضعاً يده في جيب بنطاله متطلعاً إليها بتشفي .. فقالت بصوت متعثر:
- أتـ..تفضل يا "طارق"
دلف "طارق" للداخل يتطلع لأركان الشقة بفضول إلي أن وصل إلي الأريكة التي تتوسط المنزل فجلس عليها واضعاً قدم فوق أخري بينما أغلقت "رحيق" الباب ثم ذهبت إلي حيث يجلس ولكنها ظلت واقفة تفرك أصابعها بتوتر فقال لها بخبث:
- واقفة عندك ليه ما تيجي تقعدي ،دة انا خطيبك حتي
انتفضت أطرافها عندما سمعت كلمة "خطيبي" منه ولكنها استجمعت قواها لتقول باستفسار محاولة أن تغير الموضوع:
- تحب تشرب إيه ؟
كان علي وشك الرد عليها ولكنه سمع..
- أنت إيه اللي جابك هنا !!
قالتها "صفاء" بحدة ليلتفت إليها الأثنان بصدمة وخاصةً "رحيق" فهي لا تريد أن تحدث مشاكل بينها وبين "طارق" فهو ليس بهين إطلاقاً فقالت بسرعة كي تنقذ الموقف:
- إيه يا ماما بس الكلام دة ،"طارق" مش غريب
- جري إيه يا حماتي ،واحد وجاي يشوف خطيبته إيه العيب في كدة !!
قالها "طارق" ببرود وهو مازال يجلس علي الأريكة بتفاخر فقالت "صفاء" بنزق:
- اظاهر ان عمرك ما هتتعلم أصول بيوت الناس ،الساعة داخلة علي 12 بليل وأنت جاي بيت مفهوش غير أربع حريم وتقول خطيبتي ،خطبك عزرائيل ان شاء الله
وقف "طارق" وعلامات الغضب بدأت تظهر علي ملامح وجهه وقد لاحظت "رحيق" ذلك فقالت بسرعة يشوبها القلق:
- اهدي يا ماما الكلام أخد وعطاء بلاش قفش
نظرت لها "صفاء" بحدة ثم قالت بتذمر:
- قسماً عظماً لو مخرجش من بيت "زهراء" حالاً لأكون ملبساه مصيبة
شهقت "رحيق" مصدومة بينما الأخر قال باستفزاز:
- هي دي اصول معاملة جوز بنتك يا حماتي ،بدل ما تقوليلي انا علي أصول بيوت الناس اتعلموها أنتوا الأول
جحظت عينا "صفاء" غضباً من فظاظته فقالت بحدة:
- أطلع برة البيت يا حيوان ،برة وإياك تعتبه تاني
هرولت "رحيق" تقف بجانبه ثم قالت بهدوء كي تسيطر علي عاصفته:
- أمشي أنت يا "طارق" دلوقتي عشان خاطري وانا هكلمك في التليفون
نظر لها نظرة مطولة فتوسلت له بملامحها فقال علي مضض:
- ماشي عشان خاطرك أنتِ بس يا..
خطيبتي
قالها وهو ينظر لوالدتها باستفزاز وتشفي لترمقه هي بنظرات تقزز واشمئزاز ثم خرج من باب المنزل لتقول "رحيق" بحدة:
- إيه اللي عملتيه دة يا ماما ؟؟
- دة اللي لازم يتعمل من زمان
قالت "رحيق" باعتراض:
- دة هيبقي جوزي وكمان ابو بنتي ياريت تتأقلمي علي دة عشان دة واقع ومش هيتغير
قالت "صفاء" بتحدي:
- هيتغير يا "رحيق" عشان دة مش الراجل اللي بتمنهولك تعيشي معاه
وقفت "رحيق" قبالتها لتقول بنبرة خفيضة بطيئة ذات مغزي:
- لا يا ماما مش هيتغير ،"طارق" مكتوب عليا طول العمر وياريت تفهمي النقطة دي لأن اللي في دماغك مش هيحصل
ردت عليها "صفاء" بوهن:
- ليه يا بنتي ،ليه تضيعي الباقي من عمرك مع واحد زي دة ؟
صرخت "رحيق" بشدة:
- عشان هو دة الوحيد اللي هيبصلي يا ماما ،مفيش راجل تاني هيفكر بس فيا بسبب طلاقي وبنتي ،هو الوحيد اللي هيقبلني بكل قرفي ،هو مش احسن واحد في الدنيا بل بالعكس بس اعمل ايه قوليلي ايه اقدر اعمله ومعملتوش مش فاكرة آخر مرة حصل فيا ايه !!!!!!!!
كانت "زهراء" و "حورية" يتابعان الموقف الحاد بينهما من الداخل فنظرا لبعضهما البعض بتأثر من حديث "رحيق" المحزن فهي علي حق تماماً ،مَن سيقبل بها وهي مطلقة تعول إبنة ؟!
- انتِ فاكرة إني مبسوطة إني رجعت لأكتر انسان دمرلي حياتي ؟؟
انا بتعذب كل يوم لما بفتكر إن إسمي هيفضل مربوط بيه طول العمر
اكملت "رحيق" بصراخ:
- أنا بندم علي اليوم اللي خلفت فيه بنتي بسببه
ثم جلست الأرضية لتقول ببكاء وصراخ معاً وقلب ذو ضربات سريعة كاد أن يقتلع:
- أنا حياتي خلاص بقت في إيده من يوم ما اتجوزته ولا ينفع أعيش من غيره ولا ينفع يعيش من غيري ،انا بقيت محبوسة جوة دايرة ومش عارفة أخرج منها ،بنتي في كفة وسعادتي في كفة
ثم استطردت تقول وهي تضع يدها علي قلبها:
- آه يا ماما آه ،سكاكين بتقطع في قلبي
هرولت "صفاء" إليها تحتضنها وهي تبكي بشدة لعجز ابنتها عن تحقيق سعادتها قائلة بألم:
- هشش أهدي يا حبيبتي عشان خاطري
ظلت تربت علي شعرها بحنان بينما الأخري تئن في أحضانها وجعاً إلي أن غفت تماماً فقبّلتها "صفاء" بحنان ثم ظلت تردد آيات الذكر الحكيم كي تبعد شياطين الجن عن إبنتها وكي يحفظها الله لها من كل سوء ...
أنت تقرأ
للحكايــة قُيــود
Romansaالمقدمة: -صابرة .. عنيدة .. جامحة أنتِ يا أمُ ماء الحياة ،تتلاطم الرياح بکِ فتصمدين أكثر وأكثر ،عانيتِ الفقد مراراً وتكراراً ومازلتِ ذات روح مغوارة تأبي الخنوع أمام كاشحيکِ .. ولكن ماذا عن قلبك يا صاحبة العيون الفيروزية ؟! أسيقدر علي فک قيوده أم سين...