الفصل الرابع عشر

2.4K 67 10
                                    

الفصل الرابع عشر

•علت وجهها صدمة مفضوحة عندما سمعت كنيتها التي تكون كنية زوجها أيضاً حيث أن كل ما تعلمه أن شقيقته توفيت منذ سنين عدة ولا يملك إخوة أخرين فمن هذه التي تدّعي أنها شقيقته ؟
ظلّت "جويرية" ممسكة بالباب لا تريد إفلاته من يدها وتسد الطريق إلي الشقة بجسدها الضئيل وكأنها تحميه من دخول تلك الغريبة التي ربما ستفسد الأمر عليهما ،، بينما "مريم" مازالت تقف أمامها بتلك الإبتسامة البلهاء وتتطلع إليها بفضول بالغ وكأنها تريد أن تحتضن زوجة أخيها وتعيش معهم في هذا الجو العائلي الدافئ الذي حُرمت منه سنين ،، فهي قد علمت من المحامي الخاص بها الذي يعمل هنا في مصر لديها أنه قد تزوج وقد أخبرها علي عنوان منزل الزوجية فأتت مسرعة فور وصولها مطار القاهرة ..
- مين يا "جويرية" اللي جيه ؟
أتي صوته الرجولي الأجش من الداخل فانتفضت "جويرية" وانتبهت أنها مازالت تقف أمام تلك الفتاة ولم ترحل بعد فأعادت السؤال عليها مرة أخري بتردد:
- أنتِ مين وعايزة ايه بالظبط !!
تنهدت "مريم" بضجر فهي كانت تعلم أنهم لن يرحبوا بها بهذه السهولة منذ الوهلة الأولي فهي لم تلتقي بهم من قبل وبالتأكيد والدها لم ينشر خبر زواجه من أخري فقالت بنفاذ صبر وهي مازالت تحمل حقيبتها:
- انا "مريم دياب الشناوي" بنت "دياب الشناوي" صاحب اكبر مصانع للمواد الغذائية في مصر وأخت جوزك "عِمران دياب الشناوي"
- ايه اللي أنتِ بتقوليه دة ؟؟
التفتتا إلي مصدر الصوت الذي بات يقف خلفهما تماماً بوجه مذعور ليجداه يكمل بتساؤل بعدما اقترب من زوجته ووقف بجانبها:
- أنتِ تبقي أختي أنا !!
تركت "مريم" الحقيبة الكبيرة من يدها وقالت علي مضض وقد وصلت إلي أقصي مراحل التفاهم معهما:
- ما انتوا لو دخلتوني هفهمكم كل حاجة بالتفصيل ،، متقلقوش مش معايا قنبلة في الشنطة مثلاً وهفجرلكوا البيت
نظر هو وزوجته لبعضهما البعض نظرات تساؤل وحيرة ثم قال هو علي مضض وهو يشير إلي الداخل ويفسح لها المجال كي تمر وتدلف:
- اتفضلي أدخلي
نظرت له "جويرية" شرزاً فكيف يدخل غريبة إلي عالمهما الصغير لمجرد أنها تدّعي أنها شقيقته وماذا إن كانت تكذب عليهما ؟
ولكنها تجاهلت الأمر عندما رأته يتوسل لها بملامحه الطفولية أن تمر الموقف بسلام كي يفهم من تلك الفتاة حكايتها فهدأت نفسها أخيراً وجلس ثلاثتهم في غرفة الضيوف ليقطع "عِمران" الصمت قائلاً بنفاذ صبر:
- ممكن تفهمينا بقي إيه حكاية إننا اخوات دي !!
تنحنحت "مريم" ثم عدلت من جلستها علي ذلك الكرسي الوثير ذو اللون البني القاتم لتقول بوضوح:
- ليك حق تستغرب اذا كان انا استغربت إن ليا أخ عايش في مصر لأني عرفت من سنتين بس
تبادلا الأثنان نظرات الدهشة الممزوجة بالصدمة من كلامها الذي يقع اول مرة علي مسامعهما فأكملت هي باسترسال:
- والدك اتجوز والدتي من حوالي سبعة وعشرين سنة لما شافها في لندن ،، أعجب بيها جداً وكان بيلاحقها في كل مكان إلا إنها كانت متجوزة من راجل قبله بس مات بعد جوازهم بتلت شهور فبقت أرملة في سن صغير فكانت بتهرب من والدك وعذبته علي بال ما وافقت علي جوازهم وآآ....
- استني استني
قاطعها "عِمران" فجأة فقالت هي باستفسار:
- في ايه ؟؟
- عايزة تفهميني إن بابا اتجوز مامتك بعد جوازه من ماما بسنتين ؟؟
سألها "عِمران" بعدم تصديق وتشكيك في كلامها الذي قالته للتو فقالت هي بتأكيد:
- أيوة هكدب عليك ليه ،، معايا شهادة الميلاد والبطاقة كمان
- طب أنتِ عارفة من سنتين إن عندك اخ اشمعنا دلوقتي جيتِ تسألي عليه ؟
تسائلت "جويرية" بحيرة وبلاهة فردت عليها "مريم" بسلاسة:
- ما انتوا مدتونيش فرصة أكمل
سكتا بمعني أن تكمل حكايتها فقالت بعد تنهيدة طويلة:
- بابا زي ما قولتلكم كان بيحب ماما جداً وعايز يتجوزها بأي طريقة بس اهلها كانوا اغنياء جداً وكانوا رافضينه بس هي اقنعتهم بطريقتها واتجوزوا لكن بعد جوازهم بسنتين بابا اتغير وبقي يضربها ويعاملها وحش وكمان بعدها عن أهلها واكتشفت إنه بيتاجر في المخدرات هنا في القاهرة من هناك يعني ليه عصابات هنا تحت ايده ،، فواجهته ولما واجهته ضربها جامد وهددها بالقتل فسكتت ،، وفي مرة حصل خلاف بينهم وكانوا هيطلقوا بس عرفت إنها حامل فيا فقبلت بالحياة معاه لكن الحب راح للأسف
حثها "عِمران" علي التكملة قائلاً:
- وبعدين إيه اللي حصل ؟
اخفضت "مريم" رأسها وقالت بإحباط وهي تتلاعب بأصابعها:
- ولدتني ماما وكبرت مع الأيام وبقيت انا وهي بنخاف منه ،، عمري ما شوفت منه ذرة حنان ليا ،، دايماً كان يزعق لماما قدامي ويضربها ويهينها ولما يجي عليا كانت بتقفله وتمنعه فتاخد هي جرعة الضرب مكاني لحد ما جيه يوم وعرفنا إنها مريضة بالكانسر في الدم
لمعت أعين "جويرية" بالدموع ففرت دمعة هاربة من عيناها دون أن تشعر بينما تقلصت ملامح "عِمران" وشعر بالتعاطف معها لتكمل هي قائلة بصوت باكي:
- اول ما عرف إنها تعبانة بالكانسر اتخلي عنها وانا اللي اعتنيت بيها بس هو اللي كان بيعالجها وبعد سنة من صراعها مع المرض ماتت
جحظت عينا "عِمران" لما سمع وتعاطفت زوجته معها كثيراً فهي قد عانت وبشدة مع المفترض أنه يسمي أبيها لتكمل "مريم" بألم:
- وأول ما ماتت بدأ يجرحني بكلامه ويهينني بتصرفاته لحد ما طالبت بحقي في ميراث أمي من أهلها فقالي إنه كان بيعالجها بيه وإني مليش حق عنده
شهقت "جويرية" برعب من دناءة هذا الرجل بينما قال "عِمران" بتساؤل:
- وبعدين عملتِ ايه ؟
- هربت من البيت روحت علي تركيا بدهب أمي وهناك اشتغلت وسكنت في شقة مشتركة مع بنت
قالتها "مريم" بأسي واضح علي ملامح وجهها فقالت "جويرية" بترقب:
- طب وهو سابك تهربي ؟؟
- لا طبعاً بعد ما هربت بعت ناس ورايا وحاول يرجعني بس انا هربت منهم تاني ولحد دلوقتي بيلاحقني عشان كدة كنت بدور عليك عشان تنقذني منه
قالتها باستغاثة وهي تنظر له بتوسل ورجاء فأومأت له "جويرية" بإيجاب عندما نظر لها بحيرة وكأنه يستشيرها في الأمر فقال هو باستفسار:
- طب افرضي انا وقفت ضدك مع بابا ،، ايه عرفك إني هنقذك منه ما ممكن اسلمك ليه ؟؟
اقتربت "مريم" منه لتقول بخفوت أمام وجهه وابتسامة ساخرة علي شفتيها لا تمت للمرح بصلة:
- انا عارفة إنه أذاك ولسة بيأذيك فعارفة إنك هتبقي في صفي
نظرا كلاهما لبعض بصدمة بينما هي أكملت بمكر:
- عارفة كمان إنه مورطك في قضية مخدرات كبيرة
ابتسم "عِمران" بإعجاب لذكائها الحاد وحرفيتها في متابعته طوال السنتان الماضيتان وأيقن انها تكون شقيقته بعد جملتها الشيطانية تلك فيبدو أنها ورثت ذلك الدهاء منه ومن أبيها ..

للحكايــة قُيــودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن