الفصل الثانى والأربعين

7.4K 180 2
                                    


تقابل يوسف وحمزة أمام المطار ليقوما بالإجراءات المطلوبة وبعد نصف ساعة كانا بالطائرة يودعان القاهرة مسافرين الى شرم الشيخ..

أما بفيلا يوسف الراوى.. كان ياسين عائد من كليته عندما القى نظرة من نافذته ليجد يوسف يخرج من الفيلا وترافقه حبيبته حاملاً حقيبة متوسطة الحجم بيده.. رأى أخيه بأم عينيه يحتضن مريم ويقبّلها ثم استقل السيارة وذهب ويبدو على ملامحها الحزن لفراقه.. شعر بالضيق والغيرة تنهشه.. استنتج أن يوسف قد يكون مسافراً.. لتتبدل ملامح الضيق بالسعادة لغيابه.. فبالتأكيد هو مسافر لعمل ما.. وعمله يستغرق العديد من الأيام.. بتلك الفترة سيحاول التقرب والتودد إليها علّها تشعر بما يكنه فى قلبه من حب لها.. وجد محمد يتصل به فردّ عليه..

كانت ياسمين بغرفتها تقرأ رواية ما حين شعرت بالعطش فخرجت من غرفته متجهة الى المطبخ.. مرّت على غرفة أخيها وسمعته يتحدث فى الهاتف.. تسمرت فى مكانها مما سمعته وقد اتسعت عينيها ذهولاً ودهشة..

بفيلا عبد الله الراوى.. كانت مريم بغرفتها تطوى ملابسها وملابس يوسف بالخزانة.. أمسكت بقميص له وتشممته بشوق.. لتجد رائحته لازالت به.. اشتاقت له منذ الآن.. دعت الله فى نفسها أن يحفظه بسفره ويعود لها سالماً.. أكملت طوى الملابس لتتوقف فجأة شاعرة بالدوار.. أمسكت رأسها وأغمضت عينيها.. شعرت بالتوعك فجأة فذهبت الى المرحاض مسرعة وأفرغت كل ما فى جوفها.. خرجت يبدو على ملامحها التعب والهزال ومعدتها تؤلمها بشدة.. جلست على أقرب كرسى غير قادرة على الوقوف.. ظلت لفترة ليست بالقليلة على هذا الوضع.. سمعت رنين هاتفها فقامت بسرعة ونظرت الى الإسم بلهفة لعله يوسف.. وجدت المتصل سارة فردت بصوت واهن " أيوة يا سارة عاملة اية " ردت سارة متسائلة " انتى اللى عاملة اية.. شكلك تعبانة " ردت مريم " دايخة ولسة مرجعة.. وبطنى بتتقطع " كانت مريم قد أخبرتها بالتطورات التى حدثت بالفترة الأخيرة.. ردت سارة بسعادة " لتكونى حامل " ذهلت مريم من هذا الاستنتاج لتقول نافية " لا لا يا بنتى حامل اية " ردت سارة بفرحة " ولية لا.. هقابلك بعد نص ساعة عشان نروح المستشفى وتكشفى " حاولت مريم اثناءها ولكن صممت سارة على التأكد.. ألقت الخط وقامت لترتدى فستان وردى بسيط وحجاب أبيض مع حذاء وحقيبة بنفس اللون ثم هبطت الى الأسفل مستندة على ما يقابلها فهى تشعر بالدوار الشديد.. أسندتها سارة حتى أجلستها بالسيارة ثم ذهبت الى أقرب مشفى.. وصلا بعد قليل فصعدت الاثنتان الى غرفة التحاليل وقامت مريم بإجراء التحليل المطلوب وانتظرت بالخارج لتعرف النتيجة.. مرت نص ساعة حتى أتت لها ممرضة تعطيها الملف قائلة بابتسامة صغيرة " مبروك يا مدام.. انتى حامل فى الأسبوع التالت " رعشة خفيفة أصابت جسدها بأكمله.. حامل.. هى لا تصدق هذا حتى.. أبداخلها طفل يتكون.. طفل من زوجها وحبيبها.. قطعة منهما تتكون بداخلها.. شعرت بالسعادة تطغى على كل انش فى جسدها بينما احتضنتها سارة بفرحة شديدة قائلة " الف الف مبروك يا قلبى " ردت مريم ولازال الذهول يحتل ملامحها " الله يبارك فيكي يا حبيبتى.. انا لحد دلوقتى مش مصدقة " ردت سارة مبتسمة " صدقى.. انتى حامل يا مريم " مجرد سماع الكلمة يفرحها.. وضعت يدها على بطنها تحادث طفلها فى سرها قائلة " تفتكر نقول لبابا ازاى.. لازم اقول له وهو معايا مينفعش فى الموبايل.. هنعمل له حفلة صغيرة نفرحه فيها انك هتنور حياتنا بعد 9 شهور يا حبيبى " عقدت العزم على اتمام تلك الفكرة ثم رحلتا من المشفى واوصلتها سارة  بعد قليل الى الفيلا.. دلفت للداخل وهى تقرر فى نفسها أن أول من سيعرف هو حبيبها.. لن تخبر أحداً حتى تعلمه هو أولاً.. صعدت لغرفتها وظلت تدور حول نفسها شاعرة بالسعادة تملأ قلبها.. فى المساء.. كان يوسف وحمزة قد وصلا الى الفندق.. صعد كل منهما الى غرفته.. فور دخول يوسف لغرفته ألقى نفسه على الفراش بإنهاك.. فهو يشعر بالصداع ينهش رأسه.. أمسك هاتفه واتصل بها ليطمئنها على وصوله.. أتاه الرد بعد قليل وسمع صوت مريم السعيد تقول " وصلت بالسلامة يا حبيبى " رد يوسف مبتسماً " لسة داخل الأوضة حالا.. وحشتينى " كادت تنفلت من شفتيها كلمة أنا حامل.. أوقفت الكلمات فى حلقها بصعوبة.. فهى تشعر بالفرحة وتريد إخباره.. ردت بعد ثوان من الصمت " وانت وحشتني اوى اوى اوى " أكملت بتهديد  " اوعى تبص ع البنات.. هقتلك " سمعت ضحاكته الرجولية فرفرف قلبها بسعادة.. سمعته يقول " انا مفيش الا واحدة فى قلبى ومش معقول اسيب الشيكولاتة وابص ع الفاكهة الحمضانة " ضحكت على تعبيره وأكملا حديثهما الطويل..

نتركهما قليلاً ونذهب الى حمزة.. بدّل ملابسه وجلس على الأريكة ممسكاً هاتفه ثم اتصل بوالديه يطمئنها.. وبعد ذلك اتصل على حبيبته وزوجته.. أتاه الرد سريعاً وحنين تقول بلهفة " وصلت بالسلامة " رد بسعادة من لهفتها عليه قائلاً " اة الحمد لله.. وحشتينى فى التلات ساعات دول " ردت بخجل " انت اكتر " قالت متسائلة بغيرة " البنات هناك حلوة " رد بلا مبالاة " وانا هبص عليهم لية.. معايا الأحلى منهم روحاً وشكلاً " شعرت بالسعادة البالغة من اطراءه.. صمتا لعدة ثوانى لتقول هى " هتعمل اية انهاردة " رد بملل " ولا اى حاجة هنرتاح وبكرة ان شاء الله الصفقة وحفلة صغيرة كدة بالليل وتالت يوم الصبح هنكون فى المطار " حادثته قليلاً ثم أغلقت الخط ليرتاح من عناء السفر..

أما بالشركة فقد تولى خالد ادارتها حتى يعود الاثنان من سفرهما فقد أخبره حمزة صباحاً.. كان يعمل بهمة ونشاط حين توقف فجأة وهو يفكر بصغيرته.. متى يا حبيبتى.. اقترب الوقت وسآتى لطلب الزواج منك.. فقط يعود يوسف وأتزوجك.. ولكن قبلها على اقناع والدتى بهذا الزواج.. تنهد بضيق لرفض فريدة تلك الزيجة ثم أكمل عمله وهى تزور أفكاره من حين لآخر..

كانت ياسمين بغرفتها تفكر بما سمعته.. كيف يعقل هذا.. يجب عليها إيقاف أخيها.. إذا فعل ما سمعته فستحدث كارثة.. كيف ومتى لا تعلم.. إن أخيها قد جُنَّ بالتأكيد.. هزت رأسها عدة مرات تنفض ما سمعته عن عقلها وقامت لتذاكر محاضراتها بشرود كبير..

أما مريم فبعدما أغلقت الخط مع يوسف.. حمدت الله على أنها تحكمت بلسانها ولم تخبره.. استلقت على فراشها وهى تفكر هائمة بحياتها قبل زواجها بيوسف وحياتها بعد ذلك.. عندما تعرفت على هشام كانت تعيش حياتها خائفة من أن يكشف أحد الأشخاص علاقتها به.. أما مع يوسف تشعر بالراحة الشديدة وتتفاخر بأنه زوجها.. مع هشام كانت بعيدة تماماً عن ربها.. تسكر وترتدى ما لا يستر وأخلاقها سيئة.. مع يوسف.. تقرّبت من ربها كثيراً.. لم تترك فرضاً منذ زواجها به.. تحسّنت أخلاقها كثيراً كما أن طريقة ملابسها الجديدة تشعرها بالراحة.. مع هشام كانت تعيش وهماً كبيراً باعتقادها أنه يحبها وهى تبادله ذلك الحب ولكن مع يوسف هى متأكدة تماماً من عشقها الشديد له.. لا تتصور حياتها بدونه.. لقد اشتاقت له وقد تركها منذ ساعات قليلة كيف إن ابتعد عنها.. هو حنون.. رقيق القلب.. يعشقها.. رومانسى.. قاسى وبارد مع الآخرين ولكن معها يتحول جذرياً الى شخص آخر.. تحولت حياتها السوداء التعيسة الى الأبيض والسعادة.. يكفى ما يكتبه لها كل صباح مع وردته الحمراء.. ستشتاق لها حقاً فى غيابه.. أحضرت تى شيرت له ورشت عطره المفضل بكل أنحاء الغرفة ثم استلقت على فراشها محتضنة القميص.. شعرت بالاطمئنان فنامت بعد قليل وقد زارها حبيبها فى أحلامها..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن