الفصل السابع والعشرين

7.8K 169 3
                                    


باليوم التالى.. استيقظ حمزة مبكراً من نومه.. وكان بالأمس قد أخبر والديه بموضوع ذهابه للتقدم الى حنين.. وقد وافقاه بالطبع فمن امنياتهما رؤية ابنهما زوجاً وأبا.. لقد تخطى الثلاثين من عمره دون خطبة واحدة.. كان متوتراً جداً ويدعو الله أن تمر على خير.. كانت الساعة تدق الحادية عشرة صباحاً.. أشغل نفسه بأى شئ حتى يقترب الموعد ليتجهز.. كان الوقت يمر ببطئ كرهه هو.. توتره يزداد كأنه سيتزوج اليوم وليس مجرد رؤية شرعية.. مرت العقارب بصعوبة حتى دقت الخامسة فقام مسرعاً وذهب لغرفته.. أخذ حماماً بارداً وهندم لحيته وشعره.. ثم جهز بذلته المكونة من سروال وچاكيت كحلى وقميص أبيض ورابطة عنق ورداء وحذاء لامع.. ارتداهم مسرعا ووضع لمساته الأخيرة.. رش عطره وارتدى ساعته.. ثم ذهب لسيارته.. اتجه الى محل قريب.. ابتاع نوع فاخر من الشيكولاتة مع باقة من الورود الحمراء.. وصل الى المنزل فى الموعد المحدد ثم دق الباب...

بالوقت ذاته كانت حنين بغرفتها تجلس على سجادتها داعية الله ان يتم لها على خير.. قامت وجلست على فراشه تنظر الى ساعة الحائط المعلقة أمامها تعد الثوانى حتى يمر الوقت.. تفرك يديها ببعضها بتوتر بالغ.. كانت تهدأها والدتها ببعض الكلمات الحانية وتنصحها ببعض الأشياء.. دقت الساعة الخامسة فقامت مسرعة ودلفت الى حمامها.. فأخذت حماما دافئاً يريح أعصاب جسدها المشدودة ثم خرجت بعد ربع ساعة.. انتقت فستان سماوى ببعض الزهور الملونة وعليه خمار أوف وايت.. مع حذاء مغلق أبيض بكعب عالى ولم تضع أياً من مساحيق التجميل.. عندما سمعت دقات الباب ارتعشت أوصالها وزادت دقات قلبها التى تخفق بشدة.. جلست على الفراش منتظرة دخول والدتها لتناديها..
                                                     استيقظ يوسف من نومه فوجد الصداع يرافقه كالعادة.. تحمم وارتدى بذلة رمادية وقميص أسود مع حذاء أسود لامع.. رش عطره النافذ ومشط شعره ثم ارتدى ساعته السوداء وخرج من غرفته.. كانت مريم قد استيقظت منذ زمن وتحممت وارتدت سروال جينز ثلجى ضيق ومقطع من الركبتين وعليه بلوزة بربع كم تبرز مفتنها باللون الأبيض مع حذاء منزلى وردى.. وينفذ منها رائحة الياسمين.. تسدل شعرها على ظهرها وتقف بالمطبخ تحاول تحضير الفطور فقد حدثت ياسمين وعلمتها بعض الأشياء الخفيفة.. بينما سمعت صوت اغلاق الباب.. خرجت من المطبخ وبحثت عنه فلم تجده.. لقد ذهب دون أن يحدثها.. شعرت ببعض الحزن لكنها قالت لنفسها.. أليس هذا ما تريدينه لم أنت حزينة الآن.. أكملت تحضير الفطور بملل.. فقامت بصنع ساندويتش من الجبن وكوب من العصير ثم جلست تتناوله بدون شهية.. بعد قليل لملمت الطعام الذى لم يمس ثم قامت بتبديل ملابسها تستعد للذهاب الى كليتها..
                                                             بكلية السن.. كانت مريم تجلس مع سارة صديقتها المقربة بكافيتيريا الكلية.. قالت سارة بقلق " بقالك  فترة زعلانة وكل ما أسألك تقولى لى مفيش.. بس مش هسيبك انهاردة من غير ما اعرف.. مالك " تنهدت مريم بحزن والتمعت الدموع فى عينيها قائلة " بحبه اوى يا سارة.. كنت مفكرة انى بعاقبه بس طلعت بعاقب نفسى " ردت سارة بحيرة " اية الألغاز دى.. فهمينى " نظرت لساعتها فوجدت موعد المحاضرة قد اقترب فقالت مغير الموضوع " معاد المحاضرة.. يلا " قالمت الفتاتان متجهتين الى المدرج ومريم تسير هائمة على وجهها.. تكاد لا ترى من الدموع..
                                                          أما هو فقد كان مزاجه معكر.. لا يعلم لم.. ذهب الى الشركة وبالطبع لم يجد حمزة او حنين.. فزادت أعمال اليوم عليه.. كان يلقى أوامره على الموظفين بعصبية اندهش منها الجميع.. فمن النادر أن يراه أحد بتلك الحالة.. فهو دائماً هادئ ورزين فى تعاملاته.. كانت الشركة تسير على قدم وساق.. يخشى الموظف أن يخطئ فيصب يوسف بجام غضبه عليه.. كان يسير فى مكتبه يميناً ويساراً بغضب ينتظر أحد الموظفين الذى قد أمره بإحضار بعض الأوراق المهمة الخاصة بالصفقات.. عندما حضر الموظف قال يوسف بغضب " انا مستنى بقالى نص ساعة " رد الموظف بخوف " حضرتك لسة قايل لى من خمس دقايق بس " ندم على ما تفوه به فقد تحولت عينيه الى اللون الأحمر وبرزت عروق رقبته من شدة الغضب.. فقال يوسف بعصبية هادرة " اتفضل اطلع برة " خرج الموظف يجرى بهلع.. بينما هو ظل يستغفر لعله يهدأ.. ( فى الحالة دى عشان البرنسيس مريم بتتجاهله.. امال لو عرف اية اللى حصل لها ).. تابع عمله بعدم تركيز.. ظل بمكتبه حتى انتهاء دوام العمل ثم ذهب الى سيارته.. اتجه الى منزله فوصل بعد عدة دقائق قليلة بسبب سرعته الشديدة.. صعد على السلم متجاهلاً وجود المصعد.. فتح باب شقته ودلف ثم أغلقه بعنف جعلها تنتفض من مجلسها.. كانت هى قد عادت من كليتها منذ زمن وقامت بتحضير بعض الطعام الخفيف لكليهما.. دلف الى غرفته دون أن يحدثها.. خلع ملابسه وألقاها على الفراش بإهمال.. ثم أمسك هاتفه وحاول الهدوء ليتصل بحمزة..

عندما دق الباب.. وجد محمود يقابله بابتسامة لطيفة.. أعطاه ما بيده فشكره محمود ثم أدخله غرفة الصالون.. تطلع بأنظاره الى المنزل فقد كان يتسم بالبساطة يشعرك بالراحة فور دخوله.. أتت مروة والدة حنين ورحبت به بشدة ثم ذهبت لتنادى العروس.. بعد قليل دلفت حنين بفستانها السماوي ممسكة بصينية المشروبات بين يديها.. كانت كالملائكة بوجهها الأبيض الدائرى.. نظر لها مسحوراً من شدة جمالها.. ثم غض بصره عنها حين انتبه الى تركيز والدها عليه.. كانت هى تكاد يغشى عليها من شدة خجلها وقد توردت وجنتيها مما زادتها جمالاً فوق جمالها.. وضعت الصينية وجلست على الكرسى ولم تجرؤ على رفع أنظارها لتراه فيكفى عطره الذى اشتمته من غرفتها فور دخوله.. لم تنتبه لخروج والدها الذى قال لحمزة مبتسماً " اسيبكم شوية وانا قاعد قريب منكم " قطع صمتها حمزة قائلاً بمرح " انا برده السجادة عجبانى اوى " رفعت أنظارها له بعدم فهم لكلمته فقال شارحاً " أصلك من كتر ما بحلقتى فيها فكرت إنها يمكن عجباكى " انفلتت منها ضحكة صغيرة فقال مبتسماً " طب هبدأ انا.. انا حمزة حسين الحربى عندى 30 سنة.. متخرج من هندسة قسم مدنى بشتغل مع يوسف فى الشركة.. والدى موظف ووالدتى ربة منزل معنديش اخوات غير يوسف.. مخطبتش قبل كدة ولا عمرى حبيت الا من فترة بسيطة " كادت تموت خجلاً من تصريحه الغير مباشر بحبها.. قالت بصوت متحشرج " احم.. انا حنين محمود الشرقاوى عندى 23 سنة فى آخر سنة من هندسة قسم ديكور.. والدى كان موظف فى بنك ووالدتى ربة منزل.. معنديش اخوات غير ياسمين اخت البشمهندس.. ومتخطبتش قبل كدة " ابتسم لها بحنان ثم قال " اية مواصفات الزوج بالنسبة ليكى " ردت بخجل " أخلاقه كويسة.. مبيكدبش.. مش عصبى.. يعينى على طاعة ربنا.. يشاركنى كل حاجة فى حياته.. أمان ليا كإنه أبويا.. يساعدنى فى البيت وتربية الأولاد فيما بعد ان شاء الله.. بار بوالديه ودى اهم حاجة.. بيصلى طبعاً " ثم أكملت وهى تخفض أنظارها " وحضرتك " رد بمرح " طب بلاش حضرتك دى " ثم أكمل " عايزها طيبة وحنونة.. سند ليا لما أقع.. هادية ومرحة ومجنونة حبتين.. تشاركنى حياتها من أصغر حاجة لأكبرها.. تعينى على طاعة ربنا زى مانا هعمل ان شاء الله.. تربى أولادى تربية صالحة.. صادقة معايا وبارة بوالديها.. وبتصلي طبعاً " قال كلمته الأخيرة بمشاكسة يقلدها فابتسمت ابتسامة صغيرة.. ظلا يتحدثان لفترة ليست بالقليلة ارتاح فيها كلا منهما للآخر.. جلس حمزة بعض الوقت مع والد حنين الذى قال له بأنه سيخبره برأيها بعد 4 أيام ستنقطع فيها عن الذهاب الى العمل.. ذهب بعدما سلم عليهم متجهاً الى منزله شاعراً بالفرحة تملأه.. بينما هى قد دخلت غرفتها وارتمت على فراشها تفكر حالمة بما حدث البوم وشعور السعادة يطغى على ملامح وجهها.. قطع تفكيرها اتصال هاتفى فنظرت للمتصل وجدتها ياسمين فابتسم ثم ردت عليها وقصت لها كل ماحدث.. اما هو وصل الى منزله واخبر والداه بالتفاصيل ثم صعد الى غرفته وتحمم ثم ابدل ملابسه وجلس على الفراش يدعى الله فى سره أن توافق عليه.. دق جرس الهاتف فانتبه له وجده يوسف فابتسم لاهتمام صديقه بالاطمئنان عليه ثم رد وقص عليه كل شئ... انتهى الاتصال بدعوة من يوسف على أن يتم زيجته على خير...

أما بالطرف الآخر.. كان يوسف نائماً بفراشه ينظر الى السقف.. يجب عليه العلاج.. لم يعد يتحمل الألم.. إن المسكن بات يقل مفعوله ولا يفيده بشئ.. نوى بقرارة نفسه أن يذهب الى الطبيب غداً ويسأله عن تفاصيل العلاج.. قاطع تفكيره دقات الباب.. اعتدل فى جلسته وسمح للطارق بالدخول.. دخلت هى بخطوات خائفة.. خافت أن يثور عليها فيبدو أن مزاجه معكر.. أخذت نفسا طويلا ثم قالت بخفوت " انا عملت عشا خفيف " نظر لها بتمعن قائلا بتهكم " راضية عنى انهاردة يعنى " اردف وهو يستلقى على الفراش " مليش نفس.. شكرا " تنهدت بحزن ثم خرجت واغلقت الباب بينما هو نظر للباب المغلق بضيق وتأنيب ضمير لأنها احزنها بكلماته.. ازداد ألم رأسه فتناول حبة من المسكن ثم نام من شدة إرهاقه..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن