الفصل السادس والخمسين

7.3K 172 4
                                    

الفصل السادس والخمسين
خرجت مريم من منزلها وذهبت الى سيارتها.. كادت تفتح الباب حين وجدت شادى أمامها يبتسم لها ابتسامة خبيثة.. شعرت بالخوف من وجوده.. حاولت التظاهر بالقوة قائلة " أهلاً يا شادى " رد شادى بحزن مزيف " انا لسة عارف من ماما ان يوسف اتوفى.. البقاء لله " نظرت له بسخرية.. أتمزح معى.. بالتأكيد أنت تعلم منذ أول يوم بوفاته.. فلن تنتظر أمى كل تلك المدة لتزف لصديقتها ثريا خبر وفاة يوسف.. ردت ببرود " ونعم بالله.. جاى هنا لية " رد بابتسامة صفراء " انا قلت اشوفك لو محتاجة حاجة.. انا هبقى مكان يوسف الله يرحمه.. لو عوزتى اى حاجة فى اى وقت هتلاقينى " شعرت بالحزن.. الآن باتت تسمع اسمه وبجانبها " الله يرحمه " تجاوزت حزنها وقالت بنفس الابتسامة الصفراء " شكراً.. ان شاء الله مش هحتاج لحد " استقلت سيارتها وكادت تغلق الباب حين وضع يده ومنعها فوجد من يمسك يده بقوة قائلاً لمريم بصوت خشن " الأستاذ دة بيعاكسك يا مدام " شكرته بامتنان قائلة " لا يا فندم شكراً لحضرتك " أبعد شادى عن طريقها قائلاً " اتفضلى " تنهدت براحة وذهبت الى مقصدها بينما ضرب شادى هذا المجهول قائلاً " وانت مالك يا روح أمك " كانت بنية هذا الشاب قوية.. كما أنه طويل فكان يبدو كالوحش أمام شادى ذو البنية الهزيلة.. رد له اللكمة بقوة قائلاً بسخرية " متلعبش مع الأكبر منك يا شاطر " ذهب بعدما قال كلمته بخطوات واثقة.. بينما شادى قد نزفت شفتيه الدماء من قوة الضربة.. مسح دماءه وهو ينظر لهذا المجهول بغضب..
بينما بالعيادة.. كانت مريم قد وصلت منذ دقائق وتنتظر دورها.. بعد قليل نادت عليها الممرضة فدلفت للطبيبة.. انتهى الفحص وقد طمئنتها الطبيبة على صحة الطفل.. ذهبت الى سيارتها وعادت الى منزلها مرة أخرى.. دون أن تنتبه لتلك العينان التى تترصدها..

أما فى شركة يوسف الراوى.. كان حمزة قد أغلق مكتب يوسف حتى يصبح ياسين أهلاً للمسؤولية ويدير الشركة.. كان يجلس فى مكتبه حين دق الباب ودلف شخص ما يحمل بعض الأوراق.. قال بترحيب " أهلاً يا مالك " مالك هو السكرتير الجديد.. تسلّم عمله بعد استقالة حنين.. له بشرة سمراء وعيون بنية وشعر أسود.. طويل وله لحية خفيفة منمقة.. رد مالك بأدب " أهلاً يا بشمهندس.. دة الملف اللى حضرتك طلبته " أعطاه الأوراق التى بيده فشكره حمزة ليخرج هو ويتابع عمله..

فى كلية الهندسة.. كانت حنين تنظر الى الورقة المعلقة وهى تبحث عن إسمها.. وجدته أخيراً فشعرت بالسعادة الشديدة.. لقد تخرجت بتقدير إمتياز.. بحثت عن ياسمين فأخذت نفس التقدير أيضاً.. اتصلت بها واخبرتها لتصرخ الأخيرة بفرحة.. وقفت خارج الكلية تنتظر حمزة.. كانت تتصل به كثيراً ولكن يبدو أنه لا يسمع رنينه.. تاففت بضيق وكادت تدلف للكلية مرة أخرى حين سمعت مزمار أحد السيارات.. التفت فوجدته حمزة.. لم تركب وظلت واقفة فترجل من سيارته واتجه لها مبتسماً.. كاد يتحدث حين قاطعه أحد الأشخاص قائلاً " هو حضرتك أخو آنسة حنين " أردف دون أن ينتظر ردا " أنا شوفت حضرتك كذا مرة ومكنش عندى جرأة اكلمك بس انهاردة جيت أطلب منك ايد الانسة حنين " جز على أسنانه بغضب واحمر وجهه بشدة حتى برزت أعصابه.. قال بغضب حاول التحكم به " الآنسة حنين دى مراتى.. وحامل فى ابنى.. لو شوفتك قربت لها او عرفت انك نطقت اسمها هيبقى آخر يوم فى عمرك " هرب الشاب من أمامه بهلع.. بينما حنين تكتم ضحكاتها بصعوبة.. قال بصرامة " اركبى " استقلت السيارة دون قول كلمة.. فقد تنفلت أعصابه بأية لحظة.. انطلق بها الى المنزل وكان الصمت سيدهما إلا من ضحكات حنين الخافتة.. قالت مبتسمة " متزعلش بقى.. هو اصلا بعد اللى انت قولته لو شافنى هيحط وشه فى الارض " قالتها ضاحكة بينما حمزة قال غاضباً " متخيلة انه كان بيطلب ايد مراتى منى.. على أساس إنه مش شايف إنك حامل " نظرت لبطنها بدهشة ثم قالت " هيعرف منين.. انا فى الشهر التانى على فكرة " نظر لها بغيظ فانفجرت ضاحكة.. توقفت ضحكاتها وهى تقول مبتسمة " أنا جيبت إمتياز " قال بسعادة حقيقية " الف الف مبروك يا حبيبتى " كادت ترد إلا أنها قالت بسرعة " وقف العربية " ضغط المكابح مسرعاً.. كانت هى تشعر بالتوعك.. لم تكد تفتح الباب إلا وأفرغت كل ما فى جوفها بالسيارة أسفل قدميها.. نظر حمزة لأرضية السيارة بذهول وحسرة.. هل ما يراه صحيح.. رفع أنظاره الذاهلة لها فوجد على ملامحها التعب.. نسى أمر السيارة قائلاً بقلق وهو يمسك كفها " انتى كويسة " ابتسمت مطمئنة فبادلها بابتسامة قلقة.. أكمل طريقه ولازال يمسك يدها يطمئنها بأنه بجوارها دائماً..

أما خالد وياسمين.. كانا فى مرسى مطروح يجلسان على أحد الكراسى أمام الشاطئ.. قالت ياسمين برجاء " أرجوك يا خالد.. خلينى أنزل البحر " رد خالد بحزم " قلت لا.. خدى بالك ان احنا فى آخر سبتمبر يعنى قربنا ع الشتا وكمان الهدوم هتلزق على جسمك " ردت بسرعة " هلبس مايوه إسلامى " نظر لها بحدة قائلاً " إسلامى اية.. ما كله بيلزق فى الآخر " زمت شفتيها كالأطفال غاضبة.. لم يتحمل رؤيتها كذلك فمن المفترض أن يسعدها وأيضاً هى قد بشرته بنجاحها.. فزفر بضيق قائلاً " هخليكى تنزلى الفجر.. عشان ميكونش فى حد " صرخت بحماس وهى تحتضنه فابتسم وبادلها العناق.. قاطع لحظاتهم الرومانسية مجئ إحدى الفتيات وهى تقول بابتسامة لعوب " خالد.. عامل اية.. بقالى كتير مشوفتكش " رفع خالد أنظاره للقادم فوجدها شاهيناز.. غض بصره عنها فكانت ترتدى ملابس تفضح أكثر مما تستر.. عرفتها ياسمين فور رؤيتها فهى نفس الفتاة التى كانت فى الصور.. ردت بدلاً عنه غاضبة  " تبقى مين انتى عشان تيجى تكلميه وانا واقفة " ردت شهايناز ببرود " صاحبته " قال ياسمين باستفزاز " وانا مراته " ثم أردفت بابتسامة صفراء " وخلودة حبيبى جابنى هنا عشان نعمل شهر عسل تانى.. فلو عندك دم ياريت تسيبينا لوحدنا شوية " نظرت لها شاهيناز بحقد ثم رحلت تشق الأرض من شدة غضبها بينما خالد قد انفجر ضاحكاً على ما فعلته وقد شعر بالسعادة لأنها تغار عليه.. قال وهو لا يستطيع التوقف عن الضحك " انتى فظيعة.. قصفتى جبهتها يا بنتى " ردت ببراءة " هو انا عملت حاجة " ثم اردفت بحنق " ياكش تولع بلبسها دة " تعالت ضحكاته الرجولية بينما هى تنظر له مغتاظة..
                                                                أما فى كلية صيدلة.. كان يجلس فى الكافيتريا وحيداً لغياب صديقه محمد.. كان يستذكر أحد دروسه حين وجد ظلاً يقف أمامه.. رفع أنظاره فوجدها فتاة قد تصغره بعامين قصيرة وترتدى ملابس واسعة وخمار رقيق لها عيون عسلية وبشرة بيضاء صافية تقف وهى تنظر أرضاً بخجل.. ذكّرته بشقيقته فابتسم فى نفسه.. لقد اشتاق لها حقاً.. نظر لها مجدداً فخفق قلبه فور رؤيتها لا يعلم لم.. نظر لها بتساؤل فقالت بحياء وهى تعطيه حقيبة متوسطة الحجم " حضرتك نسيت دى فى المعمل " نظر لما فى يدها فوجدها حقيبته التى بها أدوات المعمل الخاصة به.. كان قد وضعها هناك حتى يستطيع معرفة تقديره.. شكرها ممتناً " شكراً ليكى بجد.. لو مكنتيش جيبتيها كانت فضلت فى المعمل للسنة الجاية " ابتسمت ثم ذهبت الى صديقاتها بينما هو يتابعها بنظراته.. لمَ خفق قلبه الى تلك الدرجة عندما رآها.. قال فى نفسه هذه آخر مرة تحضر فيها للكلية.. إذاً فلن أراها مجدداً.. لملم حاجياته واتجه خارجاً الى سيارته.. رآها تخرج مع صديقاتها وقد استقلت أحد المواصلات العامة برفقتهم " الأتوبيس " ذهب وراءها وهو لا يعلم سبب ذلك.. ولكن أراد أن يعلم مكان مسكنها.. وجّه تفكيره إلى تلك الفتاة المجهولة وقد نسى فرحته بتقديره.. الإمتياز..

أما مريم فقد اتصلت بها سارة لتخبرها بنجاحها وزفت لها البشرى بانها تخرجت بتقدير جيد جدا.. فرحت بشدة واحتفلت بنجاحها برفقة والدها.. تريد اسعاده ولو بشئ بسيط فحالته سيئة منذ وفاة يوسف..                     

كان شادى فى شقته حين وجد الباب يُكسر ويدلف الكثير من العساكر ويرؤسهم أحد الظباط.. نظر لهم ذاهلاً فقال الظابط " هاتوه " لم يشعر بنفسه سوا وهو فى سيارة الشرطة منطلقين الى أحد الأقسام.. زجّ الظابط شادى فى السجن وكان يجلس أمامه شخصان سيكونان الصدمة بالنسبة لشادى.. بينما هو سقط على الأرض حين دفعه العسكرى للداخل.. نفض التراب عن ملابسه ونظر حوله.. فأذهلته الصدمة.. لقد كان معه بنفس الزنزانة الممرضة التى تعمل فى المشفى التى كان يُعالج بها يوسف.. دقق النظر فتلقى صدمته الثانية حين وجد حارسان الملهى الليلى أيضاً.. يا إلهى مَن كشف خطتى للإنتقام من يوسف..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن