الفصل الثامن والعشرين

7.8K 167 1
                                    


فى صباح اليوم التالي.. كان يوسف يجلس بمكتبه يبدو عليه الإرهاق.. وجد حمزة يدلف مسرعاً ويقول بغضب " الزفت عادل شكرى بيخطط يسرق شحنة الحديد اللى هنوديها اسكندرية لما تطلع الفجر " رد يوسف بهدوء لا يناسب هول الموقف " واية المشكلة " رد حمزة بعصبية " بقولك هيسرق شحنة الحديد " رد بنفس الهدوء البارد " اديك قلت بنفسك.. هيسرق.. يعنى لسة بيخطط.. انا هسبقه بخطوة.. عايزك تعمل اللى هقولك عليه بالحرف الواحد " انصت له حمزة ثم قال بإعجاب " خطة متخرش الماية.. هننفذ امتى " رد يوسف بإيجاز " قبل ما الشحنة تطلع بساعة " أومأ حمزة بإيجاب ثم ذهب وقد هدأ قليلاً بعد حديث صديقه.. أما يوسف فقد توعد فى نفسه قائلاً " والله لاندمك على كل اللى بتعمله فيا يا عادل شكرى " ثم أكمل عمله بغضب وكره يكنه بقلبه اتجاه هذا العادل..

بمنزل يوسف.. كانت مريم تتجول فى المنزل بملل شديد.. فليس عليها محاضرات مهمة اليوم لهذا لم تذهب.. أتاها اتصال هاتفى فردت.. سمعت الطرف الآخر يقول " ازيك يا مريم.. معتيش بتسألى ولا بتيجى النادى " ردت مريم بسعادة " شاهى.. وحشانى انتى وباقى الشلة.. How are you” ردت شاهيناز بغرور" wa are fine  ثم اكملت" اية رأيك نتقابل انهاردة.. وهجمع بقية الشلة " ردت مريم باندفاع " اكيد لازم نتقابل.. انهاردة فى النادى الساعة 5 " ردت شاهيناز بحب مزيف " شور يا بيبى.. يلا see you later” اغلقت معها الخط وظلت تقفز بسعادة لأنها ستخرج من المنزل أخيراً.. ويا للفرح ستخرج لتقابل صديقاتها.. شاهى هى نفسها الفتاة التى كان يحادثها خالد وقد انقطع عن فعل ذلك.. ظلت مريم تراقب عقارب الساعة حتى دقت الثالثة والنصف.. قامت مسرعة الى غرفتها.. تحممت ثم ارتدت سروال قطنى أسود واسع وبلوزة طويلة وردية بأكمام مزركشة بالورود الصغيرة من الأسفل باللون الأسود وعليها حجاب أسود رقيق أبرز جمال بشرتها البيضاء.. ثم وضعت ملمع شفاه وكحل خفيف ولم تضع العطر.. سألت نفسها.. إن يوسف غير موجود ولن يعلم بنزولك دون إذنه.. لماذا لم ترتدين ملابسك الضيقة وتضعين المكياج الصارخ.. فقط كانت إجابتها أنا أحبه.. يغار علىّ من رؤية أحد الرجال لى.. ولقد استشعرت الراحة بارتدائى لقطعة القماش تلك على شعرى.. بالتأكيد لن يطلب شيئاً منى به شر لى.. هو يحبنى.. أقنعت نفسها بتلك الكلمات.. رأت الساعة تدق الرابعة والنصف.. فارتدت حذائها الوردى المفتوح ذو الكعب العالى وحقيبة وردية صغيرة.. وقفت لعدة لحظات تفكر.. أتخبر يوسف بنزولها أم لا.. تخشى أن يرفض ولا تستطيع رؤية أصدقائلها..لن تطيل البقاء بالتأكيد.. حسمت قرارها بعدم اخباره ثم هبطت الدرج مسرعة.. تذكرت أن سيارتها غير موجودة.. لعنت غبائها ثم استقلت سيارة تاكسى وطلبت منه الذهاب الى نادى سبورت.. كانت هناك عيون تترصدها لم تنتبه لها.. بعد ربع ساعة وصلت الى العنوان المقصود فشكرت السائق ثم ترجلت من السيارة.. ابتسمت فى نفسها.. لقد كانت قبل ذلك تتعامل مع من هم أقل مستوى منها بعنجهية وغرور والآن تشكر سائق تاكسى.. تذكرت يوسف عندما تعامل بتواضع مع عامل الدليفرى فاتسعت ابتسامتها.. هى تحبه بالتأكيد ستأخذ منه الكثير من صفاته.. دلفت الى النادى بخطوات واثقة.. اتجهت الى الكافيتريا التى هى المكان المعتاد لمقابلاتهن سوياً.. رأت الطاولة التى يجلسن عليها فذهبت لهن بابتسامة صادقة.. عندما رأتها شاهيناز شهقت بصدمة ثم قالت باشمئزاز " اية اللى انتى لابساه دة يا بنتى.. الله يرحم البرنسيس مريم أيام زمان " اختفت ابتسامة مريم فور سماع جملتها.. بينما سمعت بعض التعليقات الاذعة من بقية صديقاتها.. كانت تجلس سارة من بينهم ولكنها حقاً أعجبت بزى مريم الجديد حين رأتها به فى الكيلة.. فقالت بغضب وتهديد أسكتهن " دى صاحبتنا مينفعش تتكلموا عليها كدة.. هى حرة فى لبسها طالما مرتاحة فيها.. هى مش هتلبس اللى يعجبكم انتم.. احترموها " ردت شاهيناز بسخرية " حامي لها ياختى من الانتيمة بتاعتها " نظرت لها سارة بغضب كاد يحرقها ثم جذبت مريم من يدها وذهبتا الى الطرف الاخر من النادى أمام حوض السباحة.. كانت تنهمر دموعها من كلماتهن الجارحة.. ظلت سارة تربت على كتفها وتواسيها ببعض الكلمات قائلة " والله عجبنى استايلك الجديد.. دة انا فكرت اعمل زيك لما شوفتك.. سيبك منهم وخلينا بعيد عنهم " قالت مريم ممتنة " انا مش عارفة لولاكى كان ممكن اعمل اية.. ربنا يخلينا لبعض " ابتسمت لها سارة بحب وظلتا تتحدثان سوياً عن حياتهما.. قصت لها مريم ما عايشته مع يوسف وما بينهما.. وضحت لها عقابها ليوسف وأنها تعاقب نفسها بما تفعله.. لم تخبرها بموضوع هشام بالطبع.. فردت سارة بذهول " انتى عايزة تفهمينى ان من ساعة ما اتجوزتوا ملمسكيش عشان انتى مجبورة ع الجوازة دى " هزت مريم رأسها بإيجاب بينما قالت سارة بإعجاب " والله راجل محترم " نظرت لها مريم بغيرة جعلتها تضحك قائلة " بتحبيه مش كدة " ردت مريم مبتسمة " بحبه دى قليلة عليه انا بعشق.. مشوفتش من حاجة وحشة من ساعة ما اتجوزته.. بالعكس كل يوم بيعلى فى نظرى اكتر واكتر.. انا بعشق كل تفصيلة فيه.. هدوءه.. بروده.. حنيته.. عصبيته.. قوته.. كلامه.. طبخه.. عيونه " ثم أكملت بحزن " نفسى نعيش حياتنا طبيعى " ردت سارة مندهشة " طب ما تصارحيه وهو أكيد هيفرح.. دة بيعشقك يا بنتى كفاية اللى عمله فى الفرح عشانك.. ما هيصدق تقولى له عايزة اكمل معاك " التمعت عينيها بالدموع.. تريد أن تقول لها أنت لا تعرفين شيئاً.. ليت الأمر بتلك السهولة.. تمالكت نفسها وقالت " ان شاء الله.. ادعى لى يا سارة " ابتسمت لها وظلت تشجعها على اتخاذ خطوة..

بينما بشركة يوسف.. أنهى دوام عمله ثم ذهب عندما أكد على حمزة ما سيفعله بخصوص الشحنة.. عاد الى منزله وقد وصل الإرهاق منه مبلغه.. دلف الى الشقة يحمل جاكيت بذله بيده وأزرار القميص مفتوحة.. وجد الهدوء يعم المكان.. فتح باب غرفتها فلم يجدها خرج وبحث عنها فى المنزل بأكمله لم يجدها.. إن الساعة تدق الثامنة أين هى بهذا الوقت.. اتصل بها على هاتفها فلم ترد.. اتصل مرات ومرات وبكل مرة لا ترد.. جلس على الأريكة وأمسك شعره بغضب.. اعتصر مخه لعله يجد أقرب الأماكن التى من الممكن أن تكون بها.. والدها.. المول.. ياسمين.. اتصل بعمه وانتظر الرد.. " الو " رد يوسف بهدوء " ايوة يا عمى حضرتك عامل اية " رد عبد الله " بخير يا بنى مريم عاملة اية معاك " رد يوسف محاولاً التحكم بنفسه " هى جات لحضرتك " رد عبد الله مقطباً جبينه " لا مجتش فى اية يا يوسف " رد يوسف داعياً الله أن يسامحه على كذبته " لا أبداً يا عمى اصل هى كانت قايلة لى انها هتزوركم فبسأل هى جات ولا لا " رد عبد الله مبتسماً " لا لسة لما تيجى هقولك " شكره يوسف ثم أغلق الخط.. زاد قلقه كثيراً.. أين اختفت.. اتصل بياسمين فأتاه الرد قائلة بمرح" أخيراً فكرت تسأل عليا " رد يوسف بمزاج معكر غير قادر على المزاح الآن " ياثقسمين هى مريم مجتش قعدت معاكي " ردت بقلق " لا وهى هتيجى لى لية مكلمتنيش " رد بإيجاز " لو جات لك كلمينى سلام " أغلق الخط ثم ارتدى چاكيته وخرج من الشقة.. اتجه الى سيارته واستقلها.. اتصل بها مرة أخرى ونفس الرد..لا إجابة.. زفر بغضب وقلق.. قال فى نفسه مفكراً " هى دايماً كانت بتروح النادى ولسارة صاحبتها.. انا معييش رقم صاحبتها دى يبقى هروح النادى " ثم أكمل داعياً " يارب تكون بخير.. انا هموت لو جرى لها حاجة " حرك السيارة ثم ذهب بأقصى سرعته الى النادى.. وصل بوقت قياسى.. دلف بسهولة فهو معروف كما أنه يلعب الرياضة هنا.. بحث عنها بكل مكان فلم يجدها.. اتجه بأنظاره الى حوض السباحة فوجدها واقفة تمسك هاتفها بين يديها ويبدو أنها ذاهبة.. كانت هى تتحدث مع صديقتها وقد سرقها الوقت نظرت لساعتها فوجدتها الثامنة والنصف.. قالت بفزع " دة زمان يوسف فى البيت " لملمت أشيائها بسرعة وسارة تحاول تهدئتها.. تسمرت مكانها فجأة عندما رأته أمامها يقبل عليها بخطوات غاضبة وعينين حمراوتين من شدة غضبه.. خفق قلبها بشدة من الرعب.. عندما اقترب منهما غض بصره عن سارة التى كانت ترتدى ملابس مكشوفة وقال بلطف " أهلاً يا آنسة سارة.. معلش بقى بس هاخد مريم وأروح " نظرت له سارة بخوف رغم لطفه وقالت " اكيد طبعاً اتفضلوا " جذبها من يدها ثم استئذن منها وذهب يجرها خلفه.. أدخلها السيارة ثم ركب بجوارها واتجه الى المنزل دون أن ينطق بكلمة.. وكانت هى تجلس بجانبه ترتجف من الخوف تنتظر أن يضربها أو يقوم بأى شئ لكنه فاجأها بهدوءه.. أما هو فقد كان يفكر فى نفسه.. ماذا لو كانت قد تأذت بسبب عادل شكرى او أى شخص.. لقد مات قلبه هلعا من مجرد أذيتها كيف ان ابتعدت عنه.. دعى الله أن يحفظها ويبقيها سالمة من كل سوء.. بعد دقائق قليلة وصلا الى المنزل صعدا سوياً ودلفا الى الشقة.. انتظرت أن يتحدث لكنه لازال صامتاً تركها ودلف الى غرفته.. أخذ حبتين من المسكن فقد كاد الصداع يفجر رأسه ولم يعد مفعوله يؤثر به.. أخذ سروال كحلى وتى شيرت احمر ثم تحمم وخرج لها.. كان الصداع قد بدأ يهدأ.. كانت هى لازالت تجلس بالصالون منذ أن تركها وقلبها يرتعد خوفاً على ردة فعله.. ظلت تدعى الله أن يمر الأمر بسلام.. ثم انتفضت فجأة حين رأته أمامها.. كان هو يحاول التحكم بإنفعالاته.. جلس أمامها ثم قال بهدوء يكتم جماح غضبه " نزلتى امتى " ردت برعب شديد " الساعة 5 " قال بنفس الهدوء " ومكلمتنيش لية قبل ما تنزلى " ردت بتلعثم " ك.. كنت.. كنت خايفة ترفض " حاول أن لا يصرخ بها ثم قال بنبرة تهديد " آخر مرة تحصل يا مريم.. انتى متعرفيش حصل لى اية لما دورت عليكى وملقتكيش.. لو نزلتى تشترى حاجة من تحت البيت تكونى قايلة لى قبلها يا مريم.. سامعانى " هزت رأسها عدة مرات بإيجاب.. بينما حمدت الله فى سرها على عدم غضبه.. واندهشت منه أهذا فقط لقد تصورت أن يصب جام غضبه عليها او يصفعها او يفعل اى شئ لكنه فقط عاتبها بهدوء.. وجدت نفسها فجأة بين أحضانه يحاوطها بذراعيه بشدة كأنه خائف من فقدانها.. كاد يكسر ضلوعها من شدة احتضانه لها.. نسى جفاءها معه وكل ما يغضبه منها.. تركها بعد فترة ثم أمسك وجهها وقبلها من جبينها بعمق وقال مبتسماً " قومى غيرى هدومك عشان نتعشى " بادلته الابتسامة بامتنان ثم قامت ودلفت الى غرفتها بينما هو ذهب الى المطبخ وصنع عشاء بسيط ثم وضعه على الطاولة حينما أقبلت عليه مرتدية قميص قصير باللون الأزرق وعليه روب أطول قليلاً وترفع شعرها الى الأعلى على هيئة كحكة وقد تمردت بعض الخصلات فهبطت برقة على جبينها وتفوح منها عطر الياسمين.. أجلسها بجانبه وبدأ بإطعامها كعادته.. نست تماماً قرارها بأن تبتعد عنه.. لقد أرادت أن تتمتع بحنانه قليلاً فقد اشتاقت له.. تلط هى المرة الأولى منذ أيام كثيرة يجتمعان سويا على مائدة واحدة.. بينما قطع انشغالها بتأمله يقول بهدوء " انا هروح مشوار قبل الفجر بشوية " عقدت حاجبيها بدهشة.. منذ متى وهو يخرج بوقت كهذا الا للصلاة بالمسجد فقط.. قالت متسائلة " مشوار اية " رد بهدوء " فى شحنة تبع الشركة هتمشى الفجر فهروح هناك قبلها عشان اشرف عليها قبل ما تطلع " هزت رأسها بإيجاب ثم أكملت طعامها.. انتهيا بعد دقائق فقامت هى لتنام قليلاً حتى معاد ذهابه بينما هو غسل الأطباق ثم قام بعمل بعض الإتصالات وارتاح قليلاً ليفيق بالمهمة الكبرى..

أما بمنزل حنين.. كانت بغرفتها تصلى صلاة الاستخارة بخشوع.. سجدت ثم قالت دعاء الاستخارة وهو " اللهم إنى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك بإسمك العظيم.. فإنك تقدر ولا أقدر.. وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب.. اللهم إن كان زواجى من ( حمزة بن حسين ) خيراً لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى فاقدره لى ويسره لى.. وان كنت تعلم أن زواجى من ( حمزة بن حسين ) شراً لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى فاصرفه عنى واصرفنى عنه واقدر لى الخير حيث كان ورضنى به " انتهت من صلاتها شاعرة براحة نفسية كبيرة تغمر قلبها.. طوت سجادتها وخلعت الاسدال ثم استلقت على فراشها ونامت والابتسامة تزين ثغرها الصغير..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن