الفصل السادس والعشرين

7.9K 173 6
                                    


مر أسبوع الزواج الذى اتخذه يوسف أجازة من شركته.. كما عادت مريم الى كليتها بعدما سمح لها يوسف بالذهاب.. فى الصباح.. استيقظ من نومه ودلف الى المرحاض.. أخذ حماماً بارداً لعله يطفئ نار قلبه التى اشتعلت من جراء تجاهلها له.. حاول معها بطرق كثيرة.. طلب منها التنزه قليلاً رفضت.. دعاها على العشاء خارجاً رفضت.. طلب منها الجلوس معه لمشاهدة التلفاز رفضت أيضاً.. ورغم رفضها لم ييأس أبداً من محاولاته.. ولكن فاض به الكيل يجب عليه التحدث معها عند عودته من عمله.. انتهى من حمامه وخرج.. ارتدى بذلة سوداء وقميص أبيض وترك أزراره الأولى مفتوحة.. رش عطره ومشط شعره ثم ارتدى حذاء أسود لامع وساعة سوداء ثم خرج من غرفته.. وجدها تقف بالمطبخ تحاول صنع كوب من القهوة.. ابتسم لرؤية محاولاتها اليائسة.. ذهب لها ليساعدها.. بينما هى عندما رأته خرجت.. زفر بضيق ثم صنع الكوب وتركه أمامه على الطاولة ثم ذهب.. عندما خرج أمسكته وتذوقته بنهم فقد كانت رائحته تسلب العقول.. هبطت دمعة حارة على وجنتيها.. يؤلمها بعدها عنه لكن هذا الحل الوحيد.. لا تستطيع الاقتراب منه او الابتعاد عنه.. يمثل الهواء بالنسبة لها.. تارة لا تقدر على اخباره بما حدث معها وتارة تتجرأ لتخبره لكنها تغلق فمها ثانية خوفاً منه.. يا إلهى ما هذه الحيرة.. أرح قلبى يا الله.. انتهت من كوبها فقامت لترتدى ملابسها.. انتقت فستان صيفى باللون الوردى سادة عليه جاكيت قصير جينز مع حجاب رقيق باللون الأبيض.. أخذت حاجياتها المهمة ثم ذهبت الى كليتها..

أما هو فعندما خرج ذهب لسيارته واتجه الى الشركة.. قابله الموظفين بالمباركات والتهانى فهم يحبونه بشدة.. بادلهم بابتسامات صغيرة ثم صعد الى مكتبه.. وجد حنين تجلس على مكتبها وتركز فى حاسوبها ولم تشعر به.. لم تنتبه الا عندما اشتمت رائحة عطر نفاذة.. تطلعت بأنظارها لترى من القادم فوجدت مديرها.. انتفضت واقفة وقالت بترحيب " أهلاً بحضرتك يا بشمهندس.. الف مبروك " قابلها بابتسامة لطيفة قائلاً " شكرا يا آنسة.. الله يبارك فيكي وعقبالك " خجلت من الكلمة الأخيرة فشكرته.. طلب منها أن تخبر حمزة بضرورة مجيئه ثم دخل مكتبه بينما هى فعلت ما طلب.. عندما دلف أمعن النظر فى كل ما حوله.. اشتاق الى مكتبه وشركته وعمله وكل انش بها.. جلس على مكتبه.. كاد يفتح حاسوبه الا أنه توقف عندما سمع دقات الباب ودلف حمزة بابتسامة واسعة.. قال حمزة بترحيب " يا صباح اللى بتغنى واحشنى ياض " احتضنه بشوق.. فبادله يوسف العناق.. جلسا سوياً على الكرسيين أمام المكتب.. أمعن حمزة النظر بوجه صديقه... قال بتركيز " مالك " نظر له يوسف مندهشاً كيف علم ما بداخل قلبه.. إنه صديقه منذ الرابعة بالتأكيد سيشعر به.. رد بهدوء مزيف " ولا حاجة.. كنت عايزك فى موضوع " لم يغفل حمزة عن محاولة صديقه لتغيير الموضوع.. سايره ولكنه قرر أنه يعرف ما به.. رد بجدية " خير " قال يوسف مبتسماً " مش انت كنت مستنينى آجى الشركة عشان تتقدم لحنين.. هديك أجازة فى اليوم اللى هتروح فيه لباباها وان شاء الله لو وافقت.. فى خطوبتك ليك أجازة 3 أيام " نظر له حمزة بسعادة قائلاً " ذة انا هقوم حالا " احدد معاد مع باباها " خرج مسرعاً تاركاً وراءه يوسف يضحك على جنون صديقه داعياً الله فى سره أن يتمم له على خير.. اتجه حمزة الى قسم الحسابات وذهب الى محمود والد حنين.. اندهش محمود من وجود حمزة أمامه.. قال حمزة مبتسماً " لو سمحت يا أستاذ محمود عايز حضرتك فى موضوع " رد محمود بطيبة " أكيد يا ابنى " اتجها سوياً الى مكتب حمزة.. أجلسه أمامه على الكرسى وطلب لهما كوبين من القهوة.. قال حمزة بارتباك " ان.. انا.. يعنى.. كنت طالب ايد الآنسة حنين " قال جملته الأخيرة بسرعة وهو مغمض العينين.. ابتسم محمود على شكله وقال بحنان " انا مش هلاقى لبنتى عريس أحسن منك وكفاية أخلاقك.. شرفنا فى أى وقت " رد حمزة مندفعاً " بكرة ينفع " رد محمود ضاحكاً على لهفته " اة ينفع.. بعد صلاة العشا ان شاء الله.. بس تعالى لوحدك اول مرة " قام حمزة واحتضنه بسعادة فربت محمود على ظهره بحنان.. قال حمزة بعدما ابتعد عنه مبتسماً " بكرة أجازة لحضرتك ولحنين " ابتسم له محمود ثم ذهب بينما حمزة أكمل عمله بحماس شديد متلهفاً يعد الثوانى حتى يأتى الغد..

أما بمكتب يوسف فقد استغل الفرصة وأعطى الاجازة لحمزة وبالتالى حمزة سيعطى الأجازة لحنين.. حتى يكون وحده.. يريد تصفية ذهنه والتفكير بهدوء.. شعر بالصداع يحتل رأسه.. فتنهد بضيق وحاول تجاهله والبدأ فى عمله.. بعد ساعتان.. أمسك هاتفه واتصل بمطعم وطلب منهم ارسال الطعام الى عنوان منزله ثم أغلق الخط.. وجد حمزة يدق الباب ويدلف.. ممسكاً ببعض الأوراق.. ابتسم له فبادله الابتسامة.. أعطاه حمزة الأوراق قائلا " دول محتاجين توقيع " أخذهم يوسف وبدأ بوضع توقيعه.. قطع انشغاله حمزة قائلاً " ممكن تقول لى مالك بقى " أكمل بقلق " انا عارف ان فيك حاجة.. جسمك خاسس كتير وبشرتك بقى لونها أصفر وباين عليك إنك متضايق.. متخبيش عنى حاجة " ترك يوسف الأوراق من يده وأرجع ظهره للوراء.. تنهد بحرارة قائلاً " مفيش حاجة يا حمزة كل الموضوع انى تعبان شوية مش اكتر " قال حمزة بقلق " حاسس بإية اجيب الدكتور " ضحك يوسف ضحكة صغيرة قائلاً " اية يابنى دى حاجة بسيطة متقلقش " اكمل بشرود " بفكر اتعالج.. كل يوم الصداع بيبقى اقوى وكل يوم بضعف اكتر وانا مش عايز كدة " تهللت اسارير حمزة فرحا وقال " هو دة الكلام.. لازم تخف عشان نفسك أولاً وعشان اللى بيحبوك ثانياً " كان يوسف يريد ان يقول له أريد أن أشفى فقط من أجلها.. أريد أن أبقى معها أطول وقت ممكن ولكنه صمت.. قال لحمزة بهدوء " هبقى أشوف الموضوع ده.. قوم كمل شغلك عشان تاخد أجازتك يا إما هلغيها " قال جملته الأخيرة بمرح فانتفض حمزة مسرعاً وذهب لمكتبه لمتابعة عمله.. ابتسم يوسف وأكمل توقيع الأوراق..

مرت 4 ساعات واقترب دوام العمل على الانتهاء.. كان حمزة بمكتبه.. تذكر الأوراق التى أعطاها ليوسف.. فذهب له ليأخذها منه.. دق الباب فلم يرد.. دخل فلم يجده على مكتبه.. نظر حوله فاتسعت عينيه صدمة عندما وجد يوسف مغشيا عليه وبجانبه كوب مكسور.. ذهب له مسرعاً وقال بخضة " يوسف.. يوسف.. قوم بالله عليك " أخرج هاتفه من جيبه بسرعة واتصل على الطبيب.. مرة مرتان.. ثلاث لم يرد.. ألقى الهاتف فى الحائط بغضب.. وظل يهز يوسف لعله يفيق.. لكن بلا استجابة.. أتى بكوب ماء وسكبه على وجهه.. ورش عطر على يديه وقربه من أنفه.. أخيراً بدأ يتحرك.. رمش بعينه عدة مرات.. كانت رؤيته ضبابية فلم يستطع تمييز من يجلس أمامه.. ظل هكذا لعدة دقائق بينما حمزة ينادى عليه.. عادت رؤيته أخيراً واستطاع التحرك.. اعتدل فى جلسته وأمسك رأسه بألم.. فلا زال الصداع كالمطارق التى تكاد تفجر رأسه.. سمع حمزة يقول بقلق " اية اللى حصل " لم يرد لعدة لحظات ثم قال بصوت متحشرج " قمت اعمل فنجان قهوة وفجأة محسيتش بنفسى " ربت حمزة بيده على كتفه ثم قال " طب قوم عشان نروح سوا.. كدة كدة خلصنا " هز يوسف رأسه بإيجاب.. ثم قام مترنحاً وأخذ أشيائه ثم سار برفقة حمزة الى سيارته.. طلب حمزة من سائق الشركة أن يقود سيارته الى المنزل بينما تولى.. قيادة سيارة يوسف وجلس يوسف بجانبه.. ركن سيارته أسفل عمارة منزله.. قال يوسف ممتنا " شكراً يا حمزة " ابتسم له حمزة ثم احتضنه وذهب سيرا.. أما يوسف فقد استقل المصعد تلك المرة.. وقف أمام باب شقته ثم فتحه ودلف.. وجد الهدوء يعم المكان.. فتح باب غرفتها ببطء فوجدها نائمة.. حمد الله فى سره فهو غير قادر على التحدث بموضوعهما الآن.. اتجه إليها وقبلها من جبينها بشوق.. شعر بارتعاشتها فعلم أنها مستيقظة.. لم يرد احراجها فدثرها بالغطاء جيداً وخرج.. كانت هى تحاول النوم.. عندما سمعت خطواته بالخارج تصنعت النوم حتى يخرج.. لكنها لم تستطع التحكم بارتعاشتها عندما قبلها.. تمنت أن ترمى بنفسها بين أحضانه.. عندما خرج هبطت دمعة حارة من عينيها ثم غمست وجهها بالوسادة محاولة لاستدعاء النوم..

أما هو فدخل غرفته وتحمم سريعاً فهو غير قادر على الوقوف ارتدى سروال قطنى باللون الكحلى فقط ثم تناول حبة من المسكن ليستطيع النوم ثم غط فى نوم عميق بعد دقائق

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن