الفصل الخامس والخمسين

7.6K 183 8
                                    


كانت عائلة الراوى تشهد ظروفا صعبة وأوقاتاً عصيبة.. رحل بهجة العائلة من الدنيا.. فكيف الفرح ؟.. مات بسبب صدمته فى عائلته وليس المرض.. كلما تذكر عبد الله ما فعله به تنهمر دموعه النادمة.. ولكن بما يفيد الآن.. فقد أصبح تحت التراب.. مات وهو غير راض عنهم.. هم عائلته وتخلوا عنه وأول من سانده كان صديقه.. أرأيتم سخرية القدر..



تأجل زفاف حمزة وحنين وخطبة ياسمين وخالد كذلك.. كان عبد الله بغرفته يرقد فى فراشه كعادته الأخيرة.. فلم يعد يذهب الى الشركة ويعتنى بها خالد.. سمع رنين هاتفه المتواصل دون كلل أو ملل.. التقطه بيده اليمنى فوجد المتصل هو محامى شركات الراوى.. فتح الخط فأتاه الرد من حسين قائلاً " ازيك يا بشمهندس.. البشمهندس يوسف الله يرحمه كان سايب معايا حاجات مهمة وقال لى انها لازم تتفتح فى وجود الجميع منهم صاحبه حمزة " رد عبد الله بلهفة " تعالى حالا يا حسين.. وانا هجمعهم عندى فى الفيلا " كان يتمنى لو يبقى له أى شئ من رائحة يوسف.. بالتأكيد ترك وصيته.. وكأنه كان يشعر بقرب موته.. تنهد بحزن ثم اتصل بياسين وأخبره بضرورة مجيئه مع شقيقته وكذلك اتصل بخالد وحمزة ومريم.. بعد ساعة كان الجميع يجلس ببهو الفيلا الواسع.. عدا فريدة بالطبع فكانت فى باريس.. وحسين يجلس على الأريكة ويضع حقيبته على الطاولة التى أمامه.. كان الجميع يترقب ما سيحصل.. أخرج حسين بعض الأوراق.. كانت تشبه الرسائل القديمة الملفوفة برباط خشن.. أخرج العديد منها وكلها محفور عليها اسم شخص معين.. أعطى ثلاث رسائل لمريم وياسين وحمزة.. بينما أخرج رسالة أكبر منهم قليلاً ثم أعطاها لعبد الله قائلاً " طلب منى ان حضرتك اللى تقرأها قصادهم كلهم" ثم استئذن قائلاً " كدة انا سلمتكم الأمانة.. سلام عليكم " ردوا تحيته ثم خرج.. بينما كل منهم ينظر لعبد الله بترقب ومريم تنظر الى يدها التى بها رسالتها بأعين دامعة.. فتح عبد الله الرسالة ببطء.. وكأنه يخشى قراءة محتواها.. قرأ حروفها بصوت عالى ليسمعه الجميع قائلاً " بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليك يا رسول الله.. اذا كنتم تستمعون الى تلك الرسالة الآن فهذا يعنى أننى أصبحت بين يدى الله وقد انتصر علىّ المرض.. يشهد الله اني لم أحزن عند معرفتى بمرضى.. كنت صابراً وراضياً بقضاء الله.. لهذا أرجو منكم الصبر كما كنت انا وألا تحزنوا.. ادعوا لي بالرحمة والمغفرة ولا تيأسوا من روح الله.. فإنه لا ييأس من روح الله سوا القوم الكافرين.. أتموا خطبة وعقد قران خالد وياسمين ليعم بعض الفرح فى العائلة وذلك قبل مرور ثلاثون يوماً من الآن.. سلامى لكم.. يوسف " فور انتهاءه من القراءة انهمرت دموعه لتسقط على الورقة بينما أجهشت مريم فى البكاء.. وقد أدمعت عينى حمزة فخرج من الفيلا بخطوات متسارعة وكأن الشياطين تسابقه.. جلس بسيارته وتلمّس رسالته بأصابعه.. فتحها وقرأ " صديقى الوفى.. ممتن لك لكل ما فعلته معى.. مساندتك لى فى مرضى دون أن تيأس يوماً منى ومن تصرفاتى.. تحملك لى عندما ألقى بجم غضبى عليك.. وكنت صابراً دائماً دون أن تشكو.. لن أئتمن غيرك على حماية عائلتى.. ساندهم كما كنت تساندنى دوماً.. كن لهم الحصن المنيع بعدى.. أثق تمام الثقة بأنك قد قمت بتأجيل زفافك الى أجل غير مسمى.. لهذا أرجو منك إتمام زفافك وذلك فى أقرب وقت ممكن.. كما أرجو منك ألا تحزن.. واعلم أنى بجانبك فى كل حين.. وأشهد لحظات فرحك وحزنك.. شكراً لك أخى وسلاماً على من ثبت على عهد الصداقة ولم تغيره الظروف.. أخيك يوسف " لم يستطع تمالك دموعه فانفجر باكياً.. لازال لا يصدق أنه غير موجود.. كيف يقوم بزفافه وهو ليس معه.. من سيسانده يومها غيره.. كيف يتركه وحده بهذا اليوم.. مسح دموعه وشغل المحرك منطلقا الى منزل حنين.. يحتاجها الآن حقاً..

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن