الفصل الثانى والعشرين

8.3K 176 4
                                    


فى صباح اليوم التالي.. بفيلا عبد الله الراوى وبالتحديد فى غرفة عبد الله.. كان يشعر بتوتر كبير.. لم ينم منذ الأمس.. خائفاً من ردة فعل يوسف.. أقبلت عليه فريدة بملامح متجهمة فقال محاولا اخفاء نبرة توتره " اجهزى عشان نروح لمريم" تجاهلته ودلفت لحمامها فزفر بحنق ثم خرج من غرفته واتجه لغرفة خالد وجده مستيقظا فدلف مبتسماً وقال " صباح الخير يا خالد.. البس يلا عشان نروح لاختك.. وانا هكلم ياسين وياسمين عشان يجهزوا هما اكمان " أومأ خالد بإيجاب بينما خرج عبد الله وذهب لغرفة مكتبه تناول هاتفه واتصل بياسين.. بعد عدة لحظات أتاه الرد فقال بحنان " ازيك يا ياسين.. اجهز انت واختك عشان نروح ليوسف " رد ياسين من الطرف الآخر ببعض الحزن لم يشعر به عمه " حاضر يا عمى ربع ساعة وهنبقى قدام الفيلا " أغلق الخط.. كان ياسين يشعر بحزن كبير يحتل قلبه.. سيذهب الآن ليبارك لأخيه على زواجه بحبيبته.. يعلم أنه مخطئ بحبه لها لكن قلبه ليس بيده.. تنهد بمرارة ثم ذهب لياسمين وأخبرها بطلب عمهما.. تجهز الاثنان وذهبا للخارج.. كانت ياسمين ترتدى فستان قطنى باللون الوردى منقوش به ورود صغيرة باللون الكحلى وبه حزام كحلى رفيع من الخصر.. عليه حقيبة صغيرة وخمار وحذاء مغلق بلون الحزام.. أما ياسين فارتدى سروال جينز أبيض وتى شيرت أسود عليهما كوتشى رياضي اسود ونظارة شمسية سوداء.. وجدا عبد الله يجلس بسيارته بالكرسى الأمامى وفريدة بالخلف ويرتسم على ملامحها الغضب والضيق.. أما خالد فكان يقف بجانب السيارة منتظراً قدومها.. عفواً قدومهما.. كان يرتدى سروال جينز أسود وتى شيرت أحمر وكوتشى رياضى أبيض ونظارة شمسية سوداء.. لوهلة ظنت ياسمين أن قلبها دق بشدة فور رؤيته لكنها تمالكت نفسها.. أما خالد فقد رفرف قلبه لمرأى ملاكه الساحر.. ابتسم لها ثم غض بصره عنها.. ركب ياسين سيارته ثم اتجه لمنزل أخيه ووراءه سيارة عمه يتولى قيادتها خالد...

أما بمنزل العروسين استيقظ يوسف على صوت دقات الباب.. انتفض من فراشه متذكرا قدوم عائلته.. ذهب مسرعا بغرفة مريم حتى يوقظها.. دلف لغرفتها دون أن يدق الباب توقف بصدمة من رؤية جسدها وملابسها التى انكشفت من تحت الغطاء.. ابتلع ريقه واقترب منها بخطوات بطيئة.. أفاق من شروده بها عندما زادت الطرقات على الباب.. وضع يده على كتفها.. أصابته رعشة فى أوصاله من جراء لمسته لها.. هزها برفق فتململت فى فراشها.. قال بهمس " فوقى يا مريم العيلة كلها برة " رمشت بعينيها عدة مرات ذاب هو من تأثير عينيها الزرقاوتين.. حاول أن يتمالك نفسه وهزها مرة أخرى.. فتحت عينيها فوجدت يوسف أمامها أشعث الشعر وملابسه غير مهندمة وبعينيه آثار النعاس.. انفلتت منها ضحكة تلقائية على شكله.. شعر بالدهشة لكنه تجاهل شعوره وقال مكررا " العيلة واقفة ع الباب اجهزى بسرعة على اما ادخلهم " قالها وخرج بسرعة ثم هندم شعره بأصابع يديه بلا اهتمام ثم ضبط ملابسه وفتح الباب قابلته ياسمين بابتسامتها المرحة قائلة " صباح الخير يا عريس كل دة نوم " ضربها ياسين بخفة على رأسها فقالت بتلعثم " ههه معلش من فرحتى بيك " ضحك الجميع عليها.. أدخلهم يوسف لغرفة الصالون.. كانت مريم قد تحممت بسرعة وارتدت عباءة منزلية باللون السماوى مزركشة ببعض الفصوص تليق بشدة على لون عينيها.. تركت شعرها منسدلا على ظهرها.. رشت عطر فاكهى خفيف.. ووضعت الكحل فأبرز جمال عينيها وملمع شفاه.. بعد قليل رأت يوسف يدلف للغرفة.. تسمر فى مكانه لدقائق.. أستخرج حوريته بذلك المنظر أمامهم.. لا والف لا ان هذا الجمال لى فقط.. حاول أن يخفى نبرة الغيرة قائلاً " لو سمحتى البسى حجاب.. متخرجيش كدة قدام ياسين " قالت له بدهشة " انت هتخاف عليا من ياسين دة اقرب ليا من خالد " شعر بالغيرة تنهشه فقال ببعض الحدة " انا بغير عليكى من ياسين ومن خالد ومن عمى نفسه وطنط فريدة كمان.. والهوا اللى بتتنفسيه بغير عليكى منه.. البسى الحجاب " لا تعلم ماذا حدث لها بعد كلماته تلك.. لقد شعرت بتزايد دقات قلبها التى تقرع كالطبول.. سرت رعشة فى جسدها ظهرت واضحة له.. تناولت حجاب أبيض من الخزانة تلقائياً وهى لا تدرى ما تفعل.. ابتسم برضا بعدما لفته على وجهها الملائكى.. أفاق من سحرها ثم فتح الخزانة ومد يده لأسفلها.. أخذ طقم منزلى باللون الكحلى مكون من سروال به خطوط رفيعة من اللون الأبيض وتى شيرت.. رأى نظرات الدهشة تطالعه بها مريم فقال موضحاً " كنت حاطط الطقم دة هنا للاحتياط عشان لما يحصل الموقف دة مش معقول هروح لاوضتى عشان اغير هدومى وهما موجودين.. هيفهموا اية اللى بيننا " قال جملته ودلف لحمامها ليبدل ملابسه.. أما هى ظلت واقفة عدة لحظات مندهشة.. ثم خرجت لهم.. قابلتها أمها بشوق وحب مزيف أحست هى به.. اتجهت لوالدها.. قابلها بنظرات العتاب فأخفضت أنظارها بخوف.. تفاجأت عندما احتضنها بحنان أبوى.. شعرت بالأمان بين يديه.. أما خالد فجذبها من حضن والدها الى احضانه قائلاً " البيت وحش من غيرك يا جزمة " ضحكت على حديثه قائلة " دة تعبيرك عن شوقك ليا يعنى" قبلها من جبينها بحب قائلاً " الف مبروك يا حبيبتى " ردت مبتسمة " الله يبارك فيك يا حبيبي " .. أما ياسمين فابتسمت لها بمرح وقالت " مبروك يا عتروسة.. لو اخويا زعلك قولى لى وانا مش هجيب لك حقك " ضحك الجميع بشدة بينما احتضنت الفتاتان بعضهما.. فمريم تحب ياسمين كأخت لها.. تحب مرحها ومزاحها الدائم وطيبتها المفقودة فى فتيات هذا الزمن.. كانت ياسمين تنصحها كثيراً لتعديل طريقة لبسها وجذبها للطريق الصحيح لكنها لم تسمع لها أبداً.. اتجهت مريم لياسين فقابلها بابتسامة عشق لم يلحظها احد الا عينين مترصدتين تتابع اول الموقف.. مد اليها يده ليسلم عليها لكنه تفاجأ بيد تمسكه بقوة نظر لصاحب اليد فوجده يوسف.. ابتلع ريقه بخوف بينما قال يوسف بمرح " خاف على نفسك ومتكررهاش تانى " ابتسم له ياسين بارتباك ثم قال " الف مبروك يا يوسف " احتضنه يوسف قائلاً " الله يبارك فيك يا سينو عقبالك " ابتسم له بحزن.. ثم جلس الجميع.. قام يوسف ومريم واتجها الى المطبخ حضر معها بعض المشروبات والعصائر.. وبعض الحلويات ثم وضعاها على الطاولة.. جلسوا يتحدثون فى جو يملؤه المرح الا من بعض كلمات فريدة اللاذعة ونظراتها الغاضبة.. اطمئن عبد الله من معاملة يوسف لمريم بأنه لم يحدث شئ بينهما.. مرت نصف ساعة ثم ذهب الجميع بعدما باركوا للعروسين.. ألقى يوسف بجسده على الأريكة قائلاً براحة " الحمد لله عدت على خير " هزت مريم رأسها بإيجاب ثم فكت حجابها.. وجلست أمامه.. كان يشعر بالصداع يغزو رأسه كما ان معدته مصابة بالتوعك.. لكن عندما فكت حجابها أسرته بجماله الساحر.. نسى ألمه ثم قام واقترب منها ببطء.. شعرت بالخوف من اقترابه فجأة.. ولكن احساسها بأنه لن يؤذيها او يجبرها على شئ طغى على ذلك الخوف.. أمسك بوجهها بين يديه وأرجع خصلة من شعرها خلف أذنها وقبلها من جبهتها فانتفضت فجأة وذهبت لغرفتها بخطوات سريعة.. لعن نفسه لتسرعه بالتأكيد خافت منه.. لا يعلم أنها أحبت ذلك بشدة ولكنها لن تخضع.. فخضوعها يعنى هلاكها.. ذهب لغرفة الضيوف التى أصبحت غرفته ثم دلف لحمامه مسرعاً أخرج كل ما فى جوفه.. خرج واضعاً يده على بطنه يتأوه بألم مكتوم.. ارتمى على فراشه بإرهاق شديد.. يشعر بنصل حاد يقطع معدته من الداخل كما ان الصداع كالمطارق التى كادت تفجر رأسه.. أصبحت رؤيته ضبابية وأصابه الشلل فى أطراف جسده الأربعة.. لم يستطع تحمل الألم فتح درج الكمودينو الذى بجانبه وتناول حبة من المسكن.. ظل على حالته تلك لفترة ليست بالقليلة حتى شعر ببعض التحسن.. قام واتجه لحمامه مرة اخرى ليتوضا ثم خرج وصلى الظهر وسننه.. شعر بالنعاس يداعب جفنيه من تأثير المسكن فنام لبعض الوقت.. بعد مرور ساعتان كان قد استيقظ فذهب لغرفة مريم يحاول اصلاح ما أفسده.. دق الباب فسمحت له بالدخول.. وجدها تجلس على فراشها تتصفح مجلة ما وقد ابدلت ملابسها بقميص قصير يصل الى منتصف فخذيها باللون الأحمر وله حمالة واحدة.. قال بهدوء يعكس النار التى اشتعلت بقلبه " تعالى نتفرج على اى حاجة الواحد زهقان " أومأت موافقة ثم تناولت بيدها روب طويل وارتدته.. اتجها للصالون ثم شغل يوسف شاشة حديثة وظل يقلب بالريموت بين القنوات حتى وجد مسرحية مدرسة المشاغبين فتركها.. جلسا سوياً على الأريكة وقد احضر يوسف البوشار وبعض المشروبات.. كانت مريم تضحك من قلبها بشدة.. لم ينتبه لكلمة مما تقال.. كان شارداً بضحكاتها التى تسحره.. انتبهت لنظراته فاعتدلت بجلستها وحمحمت.. آفاق من شروده واتجه بانظاره الى الشاشة.. يفكر بحياته.. عائلته.. زوجته.. عمله.. مرضه.. ماذا سيحدث اذا لم ينج من مرضه الذى يزداد يوماً بعد يوم.. يريد ان يبقى مع من يحبهم ويحبونه ولكن ماذا لو أخذه المرض منهم.. أيجب عليه العلاج ؟ لكنه لا يريد أن يطالعه من حوله بنظرات الشفقة.. يريد أن يكون قوياً دائماً.. حصناً وسنداً ووتداً للجميع.. ولكن كيف والمرض يأخذ منه يوماً من عمره كل يوم يمر دون علاج.. لأول مرة يكون مترددا بشئ.. ان مات فيجب أن يكون له ذكرى حسنة يتذكره الناس بها بعد موته.. قال فجأة لمريم " البسى" اتجه الى غرفته ليرتدى ملابسه تاركاً وراءه مريم ترمقه بنظرات الدهشة.. قام بعمل اتصال هاتفى ثم ارتدى سروال جينز اسود وقميص أبيض أدخله فى السروال ووضع بلوفر أسود على كتفيه وعقد كميه ببعضهما.. وحزام أسود به خطوط بيضاء رفيعة.. ثم ارتدى نظارته الشمسية السوداء.. وساعة سوداء وكوتشى رياضى باللون ذاته.. ثم رش عطر jaguar وخرج من غرفته وجد حوريته ترتدى فستان أسود من الحرير بأكمام ضيق من الصدر ويتسع تدريجياً الى الأسفل وعليه حجاب أسود صغير ولم تضع أى من مساحيق التجميل.. وارتدت معه شبكتها التى اهداها لها مع حذاء اسود بكعب صغير.. كان ذلك الفستان من الملابس التى اشتراها يوسف لها.. وقف عدة دقائق يطالعها بنظرات مسحورة من شدة جمالها.. استوعب انها ترتدى الحجاب فقال دون وعى " انتى لابساه بجد " نظرت الى الارض بخجل اندهش منه فهو يعلم أنها جريئة.. كانت هى لا تعلم لم ارتدته.. فقط ببساطة ارتدته.. أمسك يدها بين يده الكبيرة.. هبطا سوياً ثم ذهبا لسيارته.. اتجه بها الى مطعم راقى ليس به زبائن فقد حجزه بأكمله.. سارا لطاولة مكونة من كرسيين عليها شموع حمراء.. جلسا عليها.. بينما نظر لها يوسف بحب شديد يقفز من عينيه ثم قال بهمس أرعش اوصالها " بحبك " ألجم فمها بخيط من حديد.. لم تستطع الرد أمام نظراته العاشقة.. لم ينتظر سماع ردها بل جذبها من يدها لساحة واسعة ثم أشار بيده لجرسون يقف بآخر المطعم فشغل أنشودة هادئة وراقصها بمهارة اندهشت منها.. بعدما انتهت الأنشودة جلسا مرة أخرى وطلبا الطعام.. كانت لا تزال شاردة بتأثيره عليها.. إنه حقاً رائع.. هى لا تستحقه.. يعاملها كملكة وهى تعتبره لا شئ بحياتها.. كيف يحاول التقرب منها بكل طاقاته رغم أنها تصده فى كل مرة.. " سرحانة فى اية " انتبهت لحديثه ثم قالت بارتباك حاولت ان تخفيه لكنه لاحظه " م.. مف.. مفيش حاجة " ابتسم لها ثم تناولا طعامهما.. بعد قليل خرجا للسيارة مرة أخرى.. اتجه بها الى محل مشروبات.. بعد لحظات أتى لها حاملاً كيسين من عصير القصب.. طالعته بدهشه بينما هو ابتسم لها بمرح فأخذت الكيس من يده وشربته.. كانت تلك اول مرة تجرب فيها هذا النوع من العصائر.. وقد اعجبها ذلك.. عندما انتهيا من تناوله اشترى لها غزل البنات وقد تناولته بشهية كبيرة فهى تعشقه بشده.. بعد ذلك اتجه بها الى سوبر ماركت.. اشترى الكثير من أنواع الشيكولاتة المختلفة التى تحبها والمصاصات والعديد من الحلوى.. خرج بكيس كبير أصابتها الصدمة من رؤيته.. ثم اشترى لها البلالين واتجه الى المنزل.. صعدا سوياً وبداخل كل منهما فرحة كبيرة تملأ قلبه وقفا امام غرفتها.. قبلها يوسف من جبينها قائلا " تصبحى على خير يا روما" تركها ودلف لغرفته بينما هى تقف مسحورة جراء قبلته.. دخلت غرفتها وابدلت ملابسها وجلست على سريرها تتناول الحلوى وفجأة افاقت على اتصال من شخص سيغير مجرى حياتها

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن