الفصل الخامس عشر

9.1K 195 24
                                    


بعدما خرج يوسف من شركته ذهب للسيارة وشغلها قاصدا الفيلا.. بعد ربع ساعة.. وصل ودلف للداخل ثم صعد لغرفته مباشرة دون أن يرى ياسين وياسمين.. جلس على فراشه وفتح أحد أدراج الكومود الساكن بجانبه.. أمسك علبة دواء وظل ينظر لها بنظرات تائهة.. ثم وضعها بالدرج مرة أخرى واستلقى على ظهره دون أن يخلع ملابسه.. بعد مرور عدة دقائق وهو مازال على وضعه.. سمع صوت سيارة بالأسفل فنظر من نافذة غرفته وجدها سيارة حمزة.. استغرب من وجوده الآن فلم يتركه إلا منذ عدة دقائق قليلة.. لماذا أتى إلى هنا.. قطع تساؤلاته وهبط إلى الأسفل فتح الباب فوجد من يحتضنه بقوة لدرجة أنه قد عاد عدة خطوات للخلف.. فقال مندهشاً " فى اية يابنى.. انت كويس.. دة انا لسة سايبك من نص ساعة " ابتعد عنه بجسده فوجد الدموع بعيون صديقه.. نظر له بصدمة قائلاً بقلق " الشركة حصل لها حاجة.. حنين رفضتك " هز حمزة رأسه نافياً فقال يوسف بغضب ممزوج بقلق من حال صديقه " أمال فى اية يا بنى آدم " نظر له حمزة بخوف من فقدانه.. لقد كان أخيه وسنده من صغرهما.. كان يقف بظهر الجميع يحميهم.. لم يقف أحد بجانبه فى ضيقه غيره هو.. لا يتخيل فقدانه.. قال له ببكاء " لية مقولتليش إن عندك ورم فى المخ " نظر له يوسف بدهشة كبيرة ثم أخذ بيده وصعدا لغرفته حتى لا يسمعه أحد.. ثم قال بتساؤل " انت عرفت منين " تذكر أن حمزة معه مفاتيح المكتب وبالتأكيد قد فتح الدرج ورأى الأوراق.. كيف نسى هذا الأمر.. لعن غباءه ثم أكمل قائلاً " لقيت الورق فى الدرج صح " هز حمزة رأسه بإيجاب ولازال يبكى بصمت.. فقال يوسف مبتسماً طب واية المشكلة بتعيط لية " نظر له حمزة بصدمة تلك المرة ثم قال " انت مش زعلان " هز يوسف رأسه نافياً ثم قال " وهزعل لية.. دة ابتلاء من ربنا وانا صابر وراضى " ثم أكمل مبتسماً " ربنا بيقول ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئٍ مِنَ الخَوْفِ وَ الجُوعِ وٌ نَقصٌ مِنَ الأَموَال وَ الأَنفُسِ وِ الثَمَرَاتِ وبَشِّرِ الصَّبِرِين ) والرسول صلي الله عليه وسلم قال ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط ) أزعل لية بقى " كان حمزة يسمع له بدهشة.. من أين أتى بكل ذلك الرضا والصبر.. ابتسم له باطمئنان فبادله حمزة الابتسامة ثم قال بتساؤل وهو حزين على صديق عمره " طب انت عرفت منين " رد يوسف شارحاً " روحت لدكتور مخ وأعصاب عشان موضوع ايدى اللى مش بعرف اسوق بيها دى وقلت له على الأعراض التانية اللى بتحصل لى بقالها فترة.. وعملت اشاعة وعرفت " حكى له يوسف ما حدث داخل غرفة الطبيب..
فلاش باك.. عندما أعطى يوسف الاشعة للطبيب.. تطلع بها قليلاً ثم نظر للشاب الذى أمامه.. إنه لازال بأول حياته كيف سيتلقى ذلك الخبر.. تمالك نفسه ثم قال بحزن " انت مؤمن بربنا وعارف إنه مش هيبتليك بحاجة وحشة وكل اللى بيحصل لنا خير لينا.. انت عندك ورم فى الفص الأيمن من المخ.. الإيجابي في المرض دة إنه حميد يعنى هيروح بالكيماوى.. مش هنحتاج عملية.. بالكتير 3 شهور كل اسبوع 3 جلسات وان شاء الله هتبقى كويس " كان يوسف يستمع له بهدوء ثم قال " انا عايز دوا مسكن للصداع.. مش هاخد جلسات كيماوى " نظر له الطبيب بدهشة من هدوءه الشديد وصعق عندما أكمل كلامه ثم قال " المسكن هيفيدك حالياً لكن بعد كدة الصداع هيزيد والجسم هياخد ع المسكن ومش هيبقى له فايدة يعنى دة مجرد حل مؤقت " رد يوسف بهدوء " عارف.. عايز حضرتك تدينى مسكن ومش هاخده الا لما اكون مش قادر أستحمل الصداع " ظل الطبيب يطالعه بنظرات مندهشة ثم أعطاه مسكن قوى كما طلب.. أخذه يوسف وخرج ليعود لسيارته ومعه الآشعة
باك.. عندما انتهى يوسف من حديثه نظر له حمزة بحدة ثم قال بغضب " بعنى اية مش عايز تاخد كيماوى.. المسكن دة مش هيعمل لك حاجة " رد يوسف بهدوء " انت عارف يعنى اية كيماوى يا حمزة " لم يرد بل انتظر ليكمل فقال يوسف " يعنى هفضل نايم فى السرير مش قادر اقوم من كتر تعبى بسبب الكيماوى.. يعنى مش هعرف أروح شركتى ولا أعمل شغلى اللى بعشقه ومقدرش أغيب عنه.. يعنى مش هلعب رياضة زى الأول.. يعنى أكلى كله هيبقى بحساب.. يعنى حاجات كتير أوى صعب إنى أستحملها ل3 شهور " ثم أكمل بعدما جلس على فراشه لعدم قدرته على الوقوف " يعنى هبقى ضعيف يا حمزة.. مش عايز أشوف نظرة الشفقة فى عيون الناس.. مش عايزهم يعيطوا عشانى ولا يزعلوا بسببى.. كل دة كتير عليا يا حمزة " احتضنه حمزة بقوة أملاً فى أن يبث به بعض من قوته ليقاوم.. كان يطمئنه ويقول له " لا تقلق أنا معك.. سنواجه العالم سوياً " ربت حمزة على كتفه ثم قال مشجعاً " انا عارف إنك قوى وبتستحمل وعلى طول فى ضهرى وضهر الكل وبتسندهم.. عايزك تفضل جامد كدة على طول.. حيطة متتهزش.. وانا هبقى معاك دايما وهساعدك.. اتفقنا يا صخرة " ابتسم له يوسف بامتنان.. جلس معه حمزة ما يقارب الساعة حتى يخفف عنه ثم ذهب عائداً الى الشركة...

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن