الفصل الثالث والاربعين

7.4K 168 0
                                    

فى مساء اليوم التالى.. انعقدت الصفقة بين شركة الراوي وشركة السيوفى.. فسيدير عليهم ذلك الاتفاق ربحا وفيراً للشركة.. بدأت الحفلة وكان يوسف يقف بجانب حمزة مرتديا بذلة سوداء وقميص أبيض مع رابطة عنق باللون الأحمر وهو يحمل كأس عصير برتقال.. أما حمزة فكان يرتدى بذلة رمادية مع رابطة عنق باللون الأسود.. وكان معهم صديقهم أدهم السيوفى.. هو رجل بعمر يوسف وحمزة تخرج من كلية الصيدلة.. صديقهم منذ الطفولة.. والدته متوفية ويعيش مع والده بلندن.. ولهم شركة هناك لصناعة الأدوية.. يعود الى مصر كل عدة أعوام ليمضى بعض العقود مع الشركات التى يتعامل معها ثم يعود الى مكان اقامته لندن.. ومن النادر أن يراه حمزة او يوسف لقلة زياراته.. كانت حفلة مملة بالنسبة لهم ولكن يجلسون مضطرين فقط حتى اتمام الصفقة على خير.. ابتعد يوسف بركن صغير واتصل بحوريته.. انتظر دقيقة.. اثنتان.. ثلاث.. لم ترد.. اتصل مرة أخرى وانتظر.. لم ترد أيضاً.. شعر بالقلق يتآكله.. ترى أهى بخير.. لماذا لا ترد.. مضت ساعتان وهو يحاول الاتصال بها وبكل مرة يأتيه نفس الرد.. رأه حمزة يجوب المكان ذهابا وايابا بقلق فذهب له وحاول تهدأته ولكن بلا جدوى.. ليس بيده حيلة.. انفضت قاعة الفندق من الجميع وصعد حمزة ويوسف الى غرفة الأخير بعد أن سلما على أدهم.. كان يوسف لازال يمسك الهاتف بيده ويتصل بها.. " خير ان شاء الله يا يوسف.. تلاقيها بتعمل حاجة ومش سامعة الموبايل " قالها حمزة وهو يحاول طمأنته ولكن يوسف قال بمزيج من الغضب والقلق " عمرها ما عملتها يا حمزة.. اكتر من 50 مكالمة مسمعتش ولا واحدة فيهم ازاى " القى الهاتف على الفراش غاضباً.. احفظها يا إلهى..

كانت مريم بغرفتها تدق الساعة الخامسة حين اتصلت بها سارة وأخبرتها بوجوب ذهابها الى طبيب ليتابعها حتى ولادتها فأعلمتها بوجود طبيبة ممتازة وأنها حجزت لها موعداً اليوم وستذهبان بعد ساعة.. استئذنت من فريدة فسمحت لها بالخروج.. ارتدت ملابسها وانتظرت مجئ سارة.. نظرت للهاتف بتردد.. أتخبره بخروجها أم لا.. بالتأكيد سيسألها عن وجهتها ولن تستطيع الكذب.. سيكشفها بالطبع كما يفعل دائماً.. تنهدت وقررت فى نفسها بعدم إخباره.. سمعت صوت سيارة سارة من الأسفل فأخذت حاجياتها مسرعة وذهبت لها.. ذهبتا للطبيبة المقصودة وتأخرت هناك لوجود العديد من النساء.. بحثت بحقيبتها عن هاتفها لترى ان كان اتصل بها يوسف.. فلقد تأخر عن اتصاله اليوم.. من المفترض أن يحدثها فور وجوده بالقاعة.. ألقت كل ما فى الحقيبة بالكرسى المجاور لها ولم تجده.. شعرت بالهلع.. يبدو أنها نسيته متروكاً على الفراش.. يا إلهى.. بالتأكيد اتصل ولم أرد.. سيكتشف عدم وجودى بالمنزل.. قالت سارة متسائلة " مالك يا مريم.. وشك اصفر فجأة لية كدة " ردت مريم بفزع " نسيت موبايلى فى البيت يا سارة.. أكيد يوسف اتصل عليا.. هقول له اية " قالت سارة معاتبة " وانتى ازاى تخرجى من غير ما تقولى له يا مريم " نظرت لها مريم بندم ولم ترد.. امتلكها الخوف من ردة فعله وسارة تربت على كتفها تساندها حتى سمعت الممرضة تناديها فقامت الفتاتان للداخل..

أصبحت الساعة تدق الثامنة ولم ترد الى الآن.. كانا لا يزالان جالسان بغرفة يوسف وحمزة يحاول فعل أى شئ لتهدأته ولكن باتت محاولاته بالفشل فصديقه الآن ليس بحالة جيدة.. هدر يوسف بغضب " ممكن يكون حصل لها حاجة.. عادل شكرى ممكن يوصل لها ويإذيها " أردف وهو يجذب حقيبته " انا هسافر دلوقتى.. مش هستنى طيارة بكرة " حاول حمزة اثناءه عن قراره قائلاً " هتسافر ازاى بس.. اصبر شوية وهتكلمك صدقنى " رد بغضب بالغ " اصبر اية اكتر من كدة.. بقالى 3 ساعات بتصل بيها يا حمزة.. كل دة بتعمل اية.. مش هستنى... هسافر يعنى هسافر " ألقى ملابسه داخل الحقيبة بعدم اهتمام وخرج مسرعاً ولازال يحاول الاتصال بها.. وضع حمزة ملابسه بحقيبته أيضاً وذهب وراءه مسرعاً حين وجد يوسف يستقل سيارة تاكسى وينطلق كالصاروخ الى المطار.. وصلا بعد فترة بسيطة.. حمداً لله أنهما وجدا طائرة متجهة الى القاهرة.. أغلق يوسف هاتفه مضطراً والقلق قد وصل الي مبلغه..


أما هى.. كانت قد انتهت من الفحص والطبيبة تقول لها بابتسامة صغيرة " البيبى زى الفل بس انتى اهتمى بأكلك شوية.. ربنا يقومك بالسلامة.. اشوفك بعد 3 أيام ان شاء الله " بادلتها مريم بابتسامة لطيفة مرتعشة.. خرجتا واوصلتها سارة الى الفيلا.. وجدت الساعة قد قاربت على التاسعة.. ظلت خارج المنزل ل4 ساعات.. تملكها الرعب وصعدت لغرفتها.. وجدت هاتفها ملقى على الفراش.. أمسكته بأيدى مرتعشة لتجد 83 مكالمة من يوسف.. ارتمت على الفراش عندما شعرت بأن قدميها لا تحملانها.. سقط قلبها بين قدميها.. لن تلومه إن قتلها او ضربها.. ضغطت أرقامه بخوف ينتشر الى أصغر جزء من جسدها.. أتاها الرد بأن الهاتف مغلق الآن.. تنهدت براحة وقلق.. فستؤجل مواجهته عدة دقائق أخرى.. شعرت بالقلق لأن هاتفه مغلقاً.. فلم يغلقه أبداً قبل ذلك.. لقد كان يجيب اتصالها حتى وان كان باجتماع مهم بالشركة.. اتصلت العديد من المرات وبكل مرة يأتيها نفس الرد..

بالطائرة.. هبطت أخيراً بعد مرور ساعتان.. تملك الصداع رأسه بدرجة كبيرة.. وكأن هذا ما ينقصه الآن.. كانت سيارته أمام المطار كما تركها.. استقلها مسرعاً واتجه الى الفيلا دون أن يوجه أى حديث لحمزة.. التمسه حمزة العذر له فاستقل سيارته وذهب الى منزل حنين وهو يتصل بها ليخبرها بوصوله..

وصل يوسف الى الفيلا فى سرعة مبهرة.. ترك كل شئ وصعد لغرفتها.. كانت هى تحاول الاتصال به حين انتفضت فزعة حين وجدت الباب يفتح ويدلف يوسف كالوحش الثائر.. قفزت الى أبعد ركن بالغرفة.. ارتعبت من شكل عينيه التى لا توحى بالخير أبداً.. أما هو فحين رآها كان يشعر بأنه يريد صفعها وبشدة.. ولكن يا للصدمة.. شعرت به فجأة يحاوطها بذراعيه ويحتضنها بقوة كادت تكسر عظامها.. سمعته يقول بغضب هادر " غبية.. ازاى تسيبينى اتصل بيكى كل دة ومترديش.. كنت هعمل اية لو حصل لك حاجة.. انا كنت بموت فى الثانية مية مرة من القلق عليكى " أبعدها عن أحضانه وأمسك بتلابيب ملابسها وقد حاصرها بالحائط قائلاً بعيون مشتعلة " مكنتيش بتردى لية.. انطقى " قال كلمته الأخيرة صارخاً فانتفضت بين يديه فزعة واغمضت عينيها بخوف وقالت مسرعة " انا حامل " انتظرت دقيقة.. اثنتان.. لم تجد رد.. فتحت عينيها لتجده متسمر بمكانه ويبدو على ملامحه الذهول.. أمسكت يده التى تقبض على ملابسها وتلمستها بحنان.. قال بصدمة " انتى قولتى اية " ردت مبتسمة  " انا حامل " لقد سمعها صحيحة اذن.. مريم حامل.. حوريته تحمل طفلاً قطعة منهما.. سيصبح أباً.. هذا مزاح بالتأكيد.. نظر لها بتركيز ليتبين من ملامحها ان كانت تمزح ام لا.. ولكنها قالتها بجدية تامة.. هى حامل بطفله.. شعرت مريم بالذهول حين رأت الدموع تلتمع بعينى زوجها.. أيبكى حقاً.. الصخرة يبكى.. تلمست وجنتيه بحنان لتجد نفسها فجأة بالهواء.. حملها ودار بها بسعادة شديدة وهو يصرخ غير مصدق " انتى حامل بجد.. مش قادر اصدق " ضحكت بسعادة ولازال يدور بها.. أنزلها برفق ليهجم على شفتيها يروى عطش يومين وهى بعيدة عنه.. تجاوبت معه بسهولة.. فهى تشتاق له وبشدة.. حملها ووضعها على الفراش لتجد ملامحه تتحول فجأة الى الحدة وهو يقول " مكنتيش بتردى لية " انفلتت منها ضحكة صغيرة وهى تقول " كنت عند الدكتورة ونسيت الموبايل " نظر لها بحدة وهو يقول بغضب " آخر مرة تخرجى من غير ما تقولى لى يا مريم " اقتربت منه وهى تتلمس لحيته وعلى ثغرها ابتسامة خبيثة وهى تقول برقة " روما أحلى من مريم.. خلاص بقى قلبك أبيض يا سوفة " لم يستطع الاحتفاظ بملامح الحدة والجدية لتنفرج شفتيه عن ابتسامة صغيرة وهو يقول بمكر " طب انا عايز اتأكد من الحمل " قطبت حاجبيها لتقول بعدم فهم " تتأكد ازاى " رد بخبث " تعالى وانا اقول لك " جذبها من يدها لتسقط بين أحضانه فيقبّل شفتيها برقة شديدة.. لم تشعر بالعالم من حولها بعد ذلك ليذهبا سوياً الى عالمهما الخاص..

اما حمزة.. فقد وصل الى منزل حبيبته.. دق الباب ليجدها أمامه بابتسامة واسعة وينسدل شعرها الناعم على كتفيها.. وجدها ترتمى بين أحضانه وهى تقول بشوق " وحشتنى اوى " شعر بالذهول الشديد.. هل حنين من أمامه الان.. من كانت تخجل أن تسأله عن حاله تقول له اشتقت لك.. ويالصدمتى.. لقد احتضنتنى أيضاً وهى تطلق العنان لشعرها الحريرى.. بالتأكيد هذه فتاة أخرى.. تجاوز ذهوله ليبادلها العناق بشوق كبير قائلاً بهمس " وحشتينى جداً " ارتعشت أوصالها لهمساته فابتعدت عنه بعد قليل وقد توردت وجنتيها من شدة الخجل.. لا تعلم كيف فعلت ذلك ولكنها اشتاقت له حقاً رغم أنه كان يحدثها كل ساعة تقريباً.. حضر والديها فظل معهما لبعض الوقت وكانت هى جالسة بجانبه تكاد تلتصق به تقريباً.. اشتاقت لكل انش به.. رائحته.. لحيته.. كلامه المعسول.. عناقه.. كانت تنظر له بحب شديد وهو يتحدث لتجده يلتف ويبادلها نظراته العاشقة.. وجدته يخرج من جيبه علبة حمراء صغيرة ويفتحها.. انبهرت من شكل الخاتم الرقيق لتحتضنه مرة أخرى بسعادة وهى تقول " بحبك " بادلها العناق قائلاً " وانا بعشقك " ظل لفترة صغيرة ثم قام وذهب لمنزله بعدما سلّم على والديها واحتضنها.. اتصل على يوسف ليطمئن فأخبره بحمل زوجته ليبارك له بسعادة حقيقية ثم يغلق الخط.. شرد قليلا وهو يفكر " بعد الخبر دة.. لازم يعمل العملية.. هو اللى هيربى ابنه مش حد غيره.. لازم اقول لعمه عشان يجبره يعملها " قرر فى نفسه بفعل ذلك ولن يتراجع..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن