الفصل الرابع والعشرين

8K 181 0
                                    


بشركة عادل شكرى.." انت غبي " قالها عادل بعصبية لهشام الذى يجلس أمامه على كرسى مكتبه.. رد هشام بحنق" فى اية يا باشا.. انا مقرر من نفسى لو اتلوت معايا صورها هتوصل لجوزها.. غلطت فى اية " تجاهله عادل وقال غاضباً " اطلع برة " ضرب هشام بيده على المكتب بغضب ثم ذهب يشق الأرض من شدة حنقه من هذا المغرور.. أما عادل فجلس على كرسيه الخاص يفكر قائلاً " الواد دة مبيفهمش وبقى كارت محروق بالنسبة لى.. لازم اتصرف انا واجيب اسم عيلة الراوى الأرض " تجاهل عمله وظل يفكر بعقله الشيطانى كيف ينتقم من يوسف الراوى وحمزة الحربى...

أما بمنزل عبد الله الراوى.. بالتحديد فى غرفته التى تشاركها بها فريدة.. كانت تقف واضعة يديها على خصرها وتتحدث بحدة قائلةً" انا عايزة افهم لية كل ما افتح الموضوع دة تتعصب عليا.. بنتك وافقت على يوسف دة لية.. الجوازة دى مش طبيعية " ثم اكملت بغيظ " كان نفسى اجوزها لشادى ابن مدام ثريا.. محترم وشغال فى شركة أبوه واوبن مايند.. مش يوسف المعقد دة " رد عبد الله بغضب " احترمى نفسك وانتى بتتكلمى عن ابن اخويا.. يوسف احسن من مية راجل ممكن اقابله فى حياتى.. على الأقل عارف انه عمره ما هييجى على مريم ويإذيها.. طلب ايدها منى وسألت مريم لقيتها وافقت جه واتجوزها اية المشكلة في كدة " أكمل بغضب هادر " كلمة زيادة فى الموضوع دة وهتلاقى تصرف منى مش هيعجبك يا بنت الحسب والنسب " ثم تركها وخرج يكاد يشعل ما يقابله.. تاركاً وراءه فريدة تغلى من الغيظ...

بمنزل يوسف الراوى.. بعدما فتح الظرف ورأى ما بداخله.. اشتعل الغضب فى عينيه.. دخل غرفته تحت أنظار مريم المندهشة وأغلق الباب خلفه.. ثم جلس على مكتبه الموضوع بزاوية الغرفة.. وضع ما بيده على المكتب محتاراً فى تفسير مشاعره.. يشعر بالغضب والغيرة وعدم التصديق والحيرة.. كان الظرف يحوى صوراً لزوجته فى أوضاع مقززة والشاب الذى بجانبها غير واضح المعالم فوجهه مشوش.. أما زوجته.. ببعض الصور ترتدى قميص نوم يفضح أكثر مما يستر.. وببعض الصور عارية تماماً.. أشاح بأنظاره عنها وظل يستغفر كثيراً حتى يتمالك نفسه ولا يقوم بفعل شئ يندم عليه بعد ذلك.. فكر بروية قائلاً فى نفسه " الصور دى أكيد من حد عايز يوقع بيننا.. بس مين بيكرهنى لدرجة إنه يعمل كدة ويطعنى فى عرضى" ألقى نظرة سريعة على الصور مرة أخرى واكمل بعدم تصديق " لا لا اكيد الصور دى متفبركة.. مريم متعملش كده أبداً لو انا اللى ربيتها وهى صغيرة فعمى هو اللى رباها لما كبرت .. وانا واثق من تربيته.. مستحيل " هز رأسه عدة مرات نافياً لكون تلك الصور حقيقية.. وضعها بالظرف مرة أخرى دون أن ينظر إليها ثم ألقاها بإهمال فى درج المكتب.. قام واتجه للخارج.. كانت مريم لازالت تتابع التلفاز ولكنها لا تعى كلمة مما تقال.. تفكر بتهديد هشام لها.. وجرح قلبها الذى ينزف.. تقارن بينه وبين يوسف وماذا يفعل كلاهما لأجلها.. قالت فى نفسها ساخرة " مفيش مقارنة أصلاً " عندما دق الباب وعاد يوسف بملامح متجهمة ثم دخل مكتبة دون أن ينبس ببنت شفة.. شعرت بالدهشة قليلاً.. ترى ما الذى غير مزاجه.. من كان الطارق.. وجدته يقبل عليها وينظر لها بنظرات تخترقها.. تجاهلت ما قرأته فى عينيه ووجهت أنظارها الى التلفاز مرة أخرى.. جلس بجانبها ولكنه ابتعد قليلاً عن ذى قبل.. احتارت فى تفسير أفعاله ولكنها لم تتحدث.. كان يشاهد ما يعرض بشرود.. يفكر بهذا الشخص الذى يريد أذيته والتفريق بينه وبين حبيبته.. خطر على ذهنه عادل شكرى.. اشتعل رأسه غضباً من هذا الخاطر.. أقسم فى نفسه أنه لو كان الفاعل فلن يرحمه.. قطع تفكيره سؤالها " مين اللى كان بيخبط " انتبه لحديثها وقال بلا مبالاة " عنوان غلط " هزت رأسها بإيجاب وتابعت مشاهدة التلفاز.. كاد يوسف أن يمسك رأسه من شدة الألم الذى أتى فجأة.. لكنه تذكر وجود مريم معه بنفس المكان.. قام وذهب  للحمام ثم أغلق الباب خلفه بإحكام.. ما كاد ينتهى إلا وأخرج ما فى جوفه شاعراً بألم حارق بمعدته.. جلس على طرف حوض الإستحمام عندما شعر بأنه سيغشى عليه.. أصبحت رؤيته ضبابية وعينيه شديدة الاحمرار وبشرته تحولت الى اللون الأصفر.. ظل قرابة الربع ساعة بتاك الحالة.. تمالك نفسه قليلاً وخرج فوجد مريم تضع ذراعها أسفل رأسها وتستند على الأريكة تغط فى نوم عميق.. نظر لوجهها الدائرى وملامحها البريئة بتمعن.. لا أصدق ما بتلك الصور يا حوريتى.. تلك البراءة لا يمكن أن تتحول الى فتاة بدون شرف.. لو سمعتها بأذنى فلن أصدق.. أثق بك ثقة عمياء.. ولكن تلك الثقة اقتربت على الاهتزاز بداخلى.. أسيأتى يوماً تتخلين عنى به وتتركينى بعد أن وهبتك حياتى وقلبى وعشقى.. أمن الممكن أن تطعنينى بظهرى بعد أن وثقت بك.. لا والف لا.. بالتأكيد لن تفعلى ذلك.. تنهد بتعب ثم أغلق التلفاز وحملها واضعاً يد تحت ركبتيها واليد الأخرى أسفل ظهرها.. سار بها الى غرفتها.. وضعها على فراشها وتأمل ملامحها لعدة دقائق يملى عينيه منها ثم ذهب لغرفته.. تناول حبة من المسكن عندما صداع رأسه ثم أغمض عينيه متمنياً النوم لينفض عن عقله تلك الصور..

استيقظ على صوت منبه صلاة الفجر.. قام وجلس على فراشه.. فرك عيناه ليزيل أثر النوم ثم توضأ ووضع السجادة على الأرض.. كاد يصلى إلا أنه توقف وذهب لغرفة مريم.. دلف ببطء وحاول ايقاظها برفق.. تململت فى فراشها ثم جلست نصف جلسة.. رمشت بعينيها عدة مرات واندهشت من ايقاظ يوسف لها بهذا الوقت.. قالت متسائلة ولازال صوتها به أثر النوم " بتصحينى لية " رد بهدوء " صلاة الفجر قومى اتوضى وتعالى الصالون " نظرت له عدة لحظات بعدم استيعاب.. تركها وخرج ينتظرها.. مرت 10 دقائق ولم تخرج.. دلف لها مرة أخرى فوجدها نامت ثانية.. حملها فطوقت رقبته بذراعيها.. زادت دقات قلبه بشدة من اقترابها منه الى هذا الحد.. تمالك نفسه واتجه بها الى الحمام.. سكب الماء عليها فانتفضت فزعة وأمسكت بملابسه.. كتم ضحكته بصعوبة ثم قال بجدية مزيفة " اتوضى.. انا مش ماشى من هنا لتنامى تانى" نظرت له بحنق ثم فعلت كما طلب.. أعطاها اسدال بنى فارتدته غير راضية.. تولى إمامتها بالصلاة وقرأ آيات من القرآن بصوت عذب رفرف قلبها لسماعه.. انتهى من صلاته فجلس على سجادته وجذبها من يدها لتجلس أمامه بعدما كادت تذهب لمتابعة نومها.. أمسك يدها وظل يستغفر ويسبح عليها.. كانت مغيبة تماماً ومندهشة من تصرفاته.. قاطعت تركيزه قائلة " انت بتعمل اية " رد بهدوء " بسبح على ايدك" ردت بذهول " لية ما تعمل اللى انت عايزه فى ايدك انت " رد بنفس الهدوء " عشان تشاركينى الثواب " ثم أكمل بنبرة ذات مغزى " لعل وعسى يمكن تغفر لك ذنب عملتيه " ابتلعت ريقها بخوف خفى ولم ترد.. بعد نصف ساعة انتهى.. فقامت وذهبت الى غرفتها بينما هو يتابعها بأنظاره بشرود.. قال تعالى ( فسبح بالعشى والإبكار ) وفى رواية لأبن أبى الدنيا " من صلى الفجر ثم ذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس لم يمس جلده النار أبدا " جلس يقرأ ورده الذى أهمله أمس.. مرت فترة وسمع صوتاً من غرفتها.. دق الباب فسمحت له بالدخول.. قال متسائلاً " منمتيش لية " ردت بحيرة " مش عارفة أنام " ابتسم وقال محاولاً نسيان تلك الصور" البسى هننزل " ردت بذهول " هنروح فين.. الساعة 6 الصبح " ابتسم ثانية وتركها وذهب لغرفته.. وقفت عدة لحظات بمكانها تردد " والله مجنون " انتقت من خزانة ملابسها سروال قطنى واسع باللون الأبيض وعليه بلوزة رمادية طويلة تصل الى ركبتيها بأكمام.. اضطرت الى ارتداء تلك الملابس فهى لم تجد ملابسها التى كانت ترتديها قبل اتمام تلك الزيجة.. وارتدت حذاء مفتوح من اللون الأبيض ( صندل ) عقدت شعرها على هيئة ذيل حصان ولم تضع أيا من مساحيق التجميل.. عندما انتهت خرجت الى الصالون وجدته جالس على الأريكة ينتظرها مرتديا  شورت أبيض وتى شيرت أسود وكوتشى رياضى أسود مع كاب رجالى باللون الأبيض.. وتنفذ منه رائحة عطر قوية اخترقت أنفها.. ابتسم لها فور رؤيتها وقال بهدوء ولازالت الابتسامة تزين ثغره " المرة دى بس عشان احنا نازلين بدرى هسيبك من غير حجاب بعد كدة مش هتتكرر تانى " نظرت له ولم ترد.. جذبها من يدها وهبطا سوياً.. سار باتجاه معاكس لسيارته فقالت متسائلة " احنا مش هنركب العربية " رد مبتسماً " لا هنجرى " فتحت فمها بذهول بينما هو كتم ضحكاته على شكلها المعتوه.. جذبها من يدها ثانية وقال بصوت عالى " هنتسابق لآخر الشارع هنقف عند محل الطعمية " أومأت برأسها بحماس وقد أعجبتها الفكرة.. كان الشارع هادئ تماماً وخالى من الناس.. بدأ بالعد حتى الرقم ثلاثة ثم انطلق مسرعاً بمهارته الشديدة وعضلات جسده القوية بينما هى تجرى وتحاول التفوق عليه.. كانت ضحكاتها تملأ الأجواء بينما يبتسم قلبه لسماعها.. اقتربا من خط النهاية وكانت هى تبعده بثلاثة أمتار بسبب خطواتها الضيقة.. كاد ينتصر عليها إلا أنه أبطأ من سرعته فجأة حينما شعر بوغزات فى قلبه وصعوبة حركته.. اقتربت منه وعند خط النهاية توقف فجأة وسبقته هى.. ظلت تقفز من الفرح والحماس لأنها انتصرت عليه وتضحك من كل قلبها فقد كانت سعيدة حقاً .. نسى ما حل به وتأمل ضحكاتها وفرحتها الطفولية.. ستقتلينى يوماً ما يا حوريتى.. بعيدة وقريبة بنفس الوقت.. أشعر أحياناً بأنك من الممكن أن تقبلينى بحياتك.. وأحياناً بأنك تكرهيننى ولا تطيقين جلوسى معك.. أصابتنى الحيرة بسببك.. أفاق من شروده بها وهى تقف أمامه وتلوح بيدها أمام عينيه بابتسامة ساحرة.. قالت بمرح طفولى اندهش منه " انا جعانة " انفلتت منه ضحكة قائلاً " اقعدى هناك وانا شوية وجاي.. متتحركيش من مكانك عشان محدش يشوفك بشعرك دة " قال جملته وهو يشير على كرسى بمكان بعيد عن مرأى الناس قليلاً.. ابتسمت له ونفذت مطلبه.. بينما هو اتجه الى محل صغير للفول والطعمية.. أتى بالكثير من الساندوتشات والمخلل بمختلف أنواعه ثم ذهب لها.. تشممت رائحة الطعام فانفتحت شهيتها بدرجة كبيرة.. جلس أمامها على الكرسى وأعطى لها الطعام.. تناولته بنهم شديد وقالت وهى تلوك الطعام بفمها " تعرف انى أول مرة آكل الأكل دة ومن محل فى الشارع كمان.. بس طعمه حلو اوى " قالت جملتها الأخيرة وفمها ممتلئ بالطعام جعلته ينفجر بالضحك حتى ظهرت غمازتيه اللتان زينتا ثغره.. تأملته شاردة.. هذه المرة الأولى التى تراه يضحك فيها الى تلك الدرجة.. سحرها بضحكته الرجولية التى زادته وسامة.. زادت دقات قلبها واندفع اللون الأحمر الى وجنتيها.. نظرا لبعضهما عدة دقائق.. أول من أفاق كان يوسف قائلاً بمرح " عندك استعداد تسابقينى لحد البيت بعد ما كلتى " قامت قائلة بحماس " اة طبعاً.. يلا " اتجها سوياً الى خط البداية.. بدأ يوسف بالعد حتى الرقم 3 ثم اندفع الاثنان بكل طاقتيهما كل منهما يريد الفوز على الآخر.. كان يوسف قد بدأ يشعر بالتعب لكنه تحامل على  نفسه حتى يصل الى خط النهاية بينما مريم كانت تجرى ببطئ بسبب كمية الطعام الكبيرة التى تناولتها.. بعد 10 دقائق أعلن يوسف انتصاره بوصوله الى عمارة منزله.. توقف وهو يلهث واضعاً يديه على ركبتيه بينما مريم كانت تجر قدميها وراءها حتى تصل اليه.. قال يوسف ضاحكاً عندما جلست أمامه على رصيف الطريق تلهث بشدة " دى بدى " ضحكت قائلة " انا حاسة انى واكلة خروف مكنتش عارفة أجرى" عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها" تعالى أسابقك.. فسابقته.. فسبقته على رجلى.. وسابقنى بعد أن حملت اللحم وبدنت فسبقنى وجعل يضحك وقال هذه بتلك " جلس يوسف بجانبها على الرصيف وظل يضحك على ذلك الموقف كلما تذكر شكلها وهى تجرى وراءه.. شاركته الضحك والمارة ينظرون إليهم بدهشة فقد كانت الساعة تدق الثامنة والنصف وقد بدأ الناس بالذهاب إلى أعمالهم.. عندما وجد يوسف الشباب ينظرون إليها بوقاحة.. قال بحدة مفاجئة " يلا نطلع " اندهشت من تغيره المفاجئ ولكنها سبقته الى شقتهما بينما صعد وراءها.. أغلق باب الشقة وجلسا على الأريكة بتعب.. ضحكت بخفوت فابتسم لها قائلاً " أظن انتى لو نمتى دلوقتى مش هتصحى الا بالليل " وافقته ضاحكة فهى من أصحاب النوم الثقيل.. كادت تدلف الى غرفتها الا أنها توقفت عندما قال لها مبتسماً " تصبحى على جنة " نظرت له مندهشة قليلاً من كلمته.. وأيضاً من تغير مزاجه المفاجئ.. من عدة دقائق فقط كان يحادثها بحدة والآن يبتسم ويحادثها بتلك اللطافة.. تداركت نفسها وبادلته الابتسامة قائلة " وانت من أهل الجنة " دلفت الى غرفتها وذهب هو أيضاً الى غرفته.. ألقى بجسده على الفراش بإنهاك.. ثم غط فى نوم عميق من شدة تعبه دون تبديل ملابسه..

#نوران_الدهشان
متنسوش الڤوت 💜

" معذبتى " لنوران الدهشانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن