أشرقت شمس يوم جديد و إقترب موعد العرض، نهض نزار باكرًا و أخذ حمام سريعًا ثم قام بحلق ذقنه، و إتجه نحو خزانته ليختار قميصًا رسميًا وردي اللون و سروالاً أزرق قصيرًا مع حمالات جلدية و ربطة عنق زرقاء على شكل فراشة، و إنتهى بارتداء حذاءٍ جلدي ليبدوا كمخرجٍ حقيقي نزل بسرعة ليجد السيدات مجتمعات على طاولة الفطور بالحديقة، ألقى تحية الصباح عليهن مبتهجًا و جلس بجانب فردوس التي كانت تناظره بإعجاب لتهتف:" واااو ما كل هذه الأناقة نزار ! تبدوا وسيمًا للغاية اليوم أيها المخرج الكبير !"
نزار:" ههه كيف لي أن لا أكون أنيقًا و فردوس الجميلة قبلت القدوم لعرضي !"
منية:" كم أنا سعيدة لرؤية هذا اليوم، أخيرًا عاد الفرح لامعًا بعينك بني ! أسأل الله أن يديم فرحتك و يبلغك مرادك صغيري !"
ردّ الجميع دفعةً واحدة:" آمين !"
ما عدى بسملة التي كانت تعرف جيدًا مقصد الدعاء فمُراد نزار ليس نجاح فلمه فحسب بل الوصول إلى قلب فردوس، التي كانت الوحيدة على الطاولة التي تجهل ذلك...
إنتبه نزار حينها لعدم وجود السيد فرحات فأردف:
" أين عمي فرحات فردوس ! ألا يزال نائمًا ؟! "
فردوس:" لا لقد إستيقظ باكرًا و ذهب للقاء صديقه القديم العم فريد فقد دعاه للعب البايس-بول معه قبل رحيلنا ليسترجعا ذكريات شبابهم ..!"
نزار:"أووه جمهوري يتضائل شيئًا فشيئًا إذن، ...عمي مدعوا و أحمد و آسيل بشهر العسل ...و أنتم من منكم لن يأتي أيضًا ؟!"
بسملة:" أنا آسفة بني فأنا سأبقى هنا بإنتظار فارس أخاف أن يعود و لا يجدني .."
نهض نزار حينها دون أن يرد عليها فقد إعتاد أن تختار فارس و تتركه بكل مرة، ليخاطب فردوس:
" إذن هيا لنذهب بطلتي !"
عائشة:" و نحن ألم نعجبك سيد نزار !"
منية:" أنا و عائشة أيضًا قادمتين بني إنتظرنا ! أيعقل أن أترك إبني الصغير بهذا اليوم !"
نزار:" أعرف ذلك أمي، لكن فلمي لن يعرض الآن بل موعده الخامسة مساءً، الآن يوجد عروض أخرى و يجب أن أكون حاضرًا فيها فقانون المسابقة يفرض عليّا ذلك، لذلك لا داعي لقدومكن الآن، سآخذ معي فردوس فقط و أنتن إلحقن مساءً"
منية:" حسنًا إذهب بني وفقك الله !"
صعدا بالدراجة و إتجه إلى السينما بينما كان فارس يراقبهما أمام القصر محدثًا نفسه:(إستمتع بيومك سيد نزار إستمتع، فهو لن يتكرر أبدًا بعد أن تعود فردوس خطيبتي و حبيبتي كما كانت ...)
نزل من سيارته و دخل القصر يعرج مرتكزًا على عكازة طبية و الكدمات و الرذوذ تملئ وجهه لتفزع السيدات بمجرد رؤية منظره، سارعت بسملة إليه لتسنده هاتفة بقلق:" يا إلاهي !! فارس هل أنت بخير !! ما الذي حدث معك بني ! هل قمت بحادث بالسيارة ؟"
فارس:" ليس حادث سيارة أمي بل هناك من إقتطع طريقي ليلة الزفاف و أنا عائد إلى القصر و أبرحنى ضربًا و تركني فاقد للوعي، و الحمد لله أن هناك رجل طيب مر من هناك و أقلني إلى المشفى و مكثت هناك ثلاث أيام إلى أن إستطعت الوقوف على قدمي ..."
منية:"يا إلهي أحصل معك كل هذا و لم تخبرنا بني !! حمدا لله أن هناك من أسعفك و لم يصبك مكرره ما ...حمدًا لله على سلامتك !!"
بسملة:" من هذا الوغد الذي فعل بك هذا ! هل إشتكيت به للشرطة ؟! "
عائشة:" لا بدى أنه قاطع طريق أراد سرقة سيارتك و نقودك ! لقد سترك الله أخي الحمد لله أنك نجوت !"
جلس فارس مدعيًا الألم ليجيبهم بنبرة حزينة:
" كنت أتمنى لو أنه كان لصًا أو قاطع طريق لكنت إشتكيت عليه و أخذ جزائه، لكن أخي الصغير هو من فعل بي كل هذا !..نعم إنه نزار، لا زال الحقد قابعًا بقلبه كل هذه السنوات مع أنني نسيت، ...توقعت أنه سيعود بقلب نظيف و تتوطد أخوتنا من جديد لكنه أثبت لي العكس تمامًا فقد عاد أقسى من ذي قبل بقلب لا يرحم ...جاء ليقطع طريقي ليلاً وتهجم عليا حاولت الدفاع عن نفسي لكنه هزمني بالأخير و تركني فاقدًا للوعي بطريق الغاب ليلا و ذهب دون أن يلتفت خلفه ... "
شهقت السيدات مما سمعنه لتصرخ عائشة نافيةً:
" ماذااا نزاار !! مستحيل أن يفعل شيئًا كهذا مستحيل ! أنا أعرفه جيدًا لا يمكن أن يصبح قاسيًا و حقودًا لهذه الدرجة !"
أجابتها بسملة هادرةً :"ما المستحيل بالأمر عائشة ماذاااا !؟ ألا ترين حالة أخيك ! أهذه حالة شخص يكذب ! و الكدمات التي كانت على وجه نزار قبل ثلاثة أيام مدعيًا أنه سقط من الدراجة بما تفسرينها هاااه !! ألا يكفيك كل هذا لتصدقي أنه هو من فعلها !"
لم تتحمل السيدة منية ما سمعته أكثر لتسقط مغمًا عليا فهرع الجميع إليها محاولين إقاظها لكن محاولاتهم لم تجدي نفعًا مما إضطرّهم لأخذها للمشفى.
_________
أنت تقرأ
ثأر الزمن (بقلم أميمة )
Romanceفقدان عزيز عليه جعل منه شخصا بارد ذو قلب قاسي، و لقائه بها حوّله لعاشق مجنون، لكن صراعه بين ماضيه و حاضره، بين فقيده و حاضنه، و بين حبه و مرضه جعله ينتقم منها، و يشعرها بإحساس الفقدان مثله، فتركها جسد بلا روح، عذراء بلا شرف، وأنثى بلا عاطفة. " لك...