.10

358 35 11
                                    


" لديّ تصريح! "


لم يُشِح نظرَه عن الطعام، واكتفى برفعِ حاجبٍ كردٍ على ما قالَهُ تايهيونغ، فيما كانَ جيمين، الذي يجلسُ بجانبِه، موليًا كل اهتمامِه لما قال وقد بدأ بالفعلِ بقرعِ أصابعِه على الطاولة.

" لَقَد حزتُ على موعِد! "

 صفرَ جيمين وضحكَ جونغكوك ساخرًا وهو يهزُ رأسه ويقلبُ الطعامَ رويدًا في فمِه.

 " وكأنه شيءٌ مفاجِئ.. " أعربَ وأومأ جيمين موافقًا.

مالَ تايهيونغ إليهِما وهو يضحكُ وكأنه على وشكِ أن يُفشي بسرٍ بالِغ وقال: “ هل يمكنكُما أن تحزرا مَع من؟ "

على الرغمِ من أن استمعَ إليه متململاً، إلا أنه ذكرَ أسماءً بعضُها سمعها تُذكَرُ مع اسمِ صديقِه ولكنها لم تكن صائبة.

" ليسَ لدينا الوقتُ كلُه كي نحزِر، فهلا قلتَ مَن؟ "

 " بارك تشي يونغ. " أعلنَ تايهيونغ وعادَ بظهرِه إلى الوراءِ فارِدًا ساقيه.

 خمُدَت ضحكاتُ جونغكوك وتلاشت بسمتُه، ثمَ أطبق جفنيه مرارًا بارتباكٍ والتفت لتايهيونغ.

" مَن؟ "

" جارتُكَ تلك، بارك تشي يونغ. "

تأكدَ جونغكوك من ألا يظهرَ أي تعبيرٍ يدلُ على ألمِه حينَ التفتَ له جيمين، لأنه لا يشعرِ بذلكَ من الأساس.. وإن كانَ هذا الشعورُ الذي يقلبُ أحشاءَه كلّما تخيلَها وهي تمسكُ يدَ صديقِه أو تضحكُ معه قاهِرًا!
 
ولمَّ سيتألم؟ غباءٌ هو أن يحسَ بهكذا إحساسٍ فيما يتعلقُ الموضوع بها هي، أليست مجردَ جارةٍ وزميلةٍ وصديقة؟ ليسَ وكأنّ تايهيونغ سلبَها منه، رغمَ أن الشعورَ الدفينَ في أعماقِه لحظتَها بدا له كذلكَ بالضبط.
 
رسمَ الفتى ابتسامةً عريضةً حتى خالَ له أنّ خداه تشنجا، ثم ابتسمَ أكثر حينَ سمعَ جيمين يتحسرُ على عدمِ طلبِها للخروجِ معه في موعدٍ وهي التي تعيشُ أمام بابِه، بل تمادى وفتحَ فاهه مقهقهًا وهو يقولُ بأنّها لا تثيرُ اهتمامَه من هذه الناحيةِ بتاتًا.
لم تقوى عضلاتُه على عصيانِه حينَ أجبرها على التبسُمِ والضحك رغمَ ألمِه.
ما آلمَه حقيقةً كانَ عبوسَه الشديد حينَ سألَ جيمين تايهيونغ إن كانت تشي يونغ ستقبلُ بعرضِه إن طلبَ منها الخروجَ معه كذلك، وكيف أجابَه تايهيونغ بضحكِه.
 
كادَ أن ينهرَهُما، أن يقولَ لهما بألّا يقتربا منها إن كانت نيتُهما العبثَ بحياتِها ثم تركِها حينَ يكتفيا منها، ولكنه التزمَ السُكوت عابسَ الجبين، يحاولُ بكلِّ قواه تحطيمَ الصورةَ التي رسمَها لنفسِه معها في موعدٍ أولٍ، حينَ تبدلَ فيها وجهه بوجهِ تايهيونغ.

لم يَجدُر بِه التفكيرُ بالأمرِ حتى، وهو الذي يعلمُ أنّه لا يعني شيئًا عدا من كونِه مجردَ صديق! 

••••

جلسَ جونغكوك على عتبةِ النافِذَةِ، يشاهدُها وهي تختارُ ملابسَها، تجمع بين القطعِ كي تختارَ الأجمل، وحينِ كانت تسألُه عن رأيه، أرادَ أن يقولَ لها بأنها ستبدو جميلةً بأي شيءٍ ترتديه.
لم تكُن كذبة، هو عقلُه العجيبُ الذي يصوُرها فورَ حملِها لثوبٍ في عقلِه وقد ارتدته، ولكنها تسأله الآن لأجلِ موعدِها مع تايهيونغ وليسَ معه!
 
تنهدت الفتاةُ بتضجرٍ وأعربت: أجادٌ أنت الآن؟ إنكَ أسوأ من فتاةٍ تحاولُ اختيارَ ثوبٍ لها! أهناكَ شيءٌ سيعجبُكَ من الأساس؟!
 
" ما قد يعجبني قد يعجبُه، والعكسُ صحيح.. ولمَّ تسأليني أنا؟ إنكِ ذاهبةٌ في موعدٍ معه وليسَ معي! " أجاب منزعجًا بنفسِه

تمنى بأن تردَ عليه من فورِها، وليسَ أن تبقى محدقةً به هكذا لثلاثِ ثوانٍ طويلة. قد تبدو ثلاثُ ثوانٍ للناظرِ شيئًا قصيرًا جدًا، ولكنها تشابهت له بساعاتِ العذابِ الطويلةِ التي يقضيها المرءُ كلما ذهبَ للمدرسة، لإنها كلما صمتت كلما احمَّرَ هوَ.

" ظننتُ بأنكَ ستعرفُ ذوقَه، باعتبارِكم أصدقاء.. "

شعرَ بحرقةٍ تشتعلُ في وجههِ، وأحسَ بأنها لم تكن من أساسِ حَرجٍ وحسب.
أدخل ساقيه إلى غرفتِه واحدةً خلفَ الأخرى، أرادَ أن يخبرها بأنه لا يعرف، وأنه لا يهتم، وأنه كفِّ عن الاهتمامِ حينَ أدركَ أن تايهيونغ لا يحبُ شيئًا واحدًا وحسب.

كادَ أن يقترحَ عليها أن ترتدي سترتَه التي لم تعدها له بعد، كي يجدَ تايهيونغ رائحتَه فيها، ولكن لم يكن إلا وهمًا فارغًا.

" إنه موعدكما الأول.. ارتدي شيئًا بسيطًا وحسب. " قال بنبرةٍ باردةٍ وهو يجهزُ نفسه لإغلاقِ النافذة.

" مثل؟ "

" لا أعرف.. مثل قميصٍ أبيضٍ وجنيز مثلاً، كي لا تتكلفي كثيرًا وتشعري بالراحة، لا أعرف.. يجبُ أن أذهب، لديّ أمورٌ يجبُ أن أقومَ بها. "
 
ثم استدارَ عابسًا وأطبقَ النافذةَ بأنّ ينتظرَ منها ردًا.

****

عَقَبَاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن