22.

382 34 7
                                    


لم يذهبا للمطعمِ المعتاد، بل أخذا يتمشيان بخطواتٍ متئدةٍ نحو محطةِ الحافلة، وبدا لجونغكوك وكأن كلَّ شيءٍ كان مختلفًا ذلك المساء، وإن لم يعلم السَبب.

كانت تشي يونغ تهمهمُ بأغنيةٍ بصوتِها العَذب، وراحةُ الصمتِ التي لم يكسرِها إلا صوتُ غنائها وغناءِ صراصيرِ الليلِ معها تلفهُما بالراحةِ التامّة.

- لم يَعُد حبيبي..
نبست فجأةً وقد أصبحا على مقربةٍ من محطةِ الحافلات.

- ماذا؟
كفَّ عن السيرِ والتفتَ لها.

- لقد انفصلتُ عن تايهيونغ..

لم يعرِف بماذا يجبُ أن يجيبَ وقتَها، فهو لم يكن يومًا شخصًا يجيدُ المواساةَ أبدًا. ربما كانَ جيمين هو المختصُ بهذا الجانِب.
ألهذا السببِ ربما لم تكن ابتساماتُها صادقةً كلما رآها تسيرُ بجانبِ تايهيونغ في الممراتِ؟ هل ربما اكتشفت حقيقةَ خيانةِ تايهيونغ لها مع فتياتِه العابرات؟

- لماذا؟

جلست تشي يونغ على المقعدِ وشردَت في الخواءِ أمامها لثوانٍ طويلة. تمنى لحظتَها لو أنه يستطيعُ قراءةَ ما في خاطرِها، لأن العبوسَ الذي اعتلى ملامحَها جعل القلقَ يجتاحُ خلجاتِه.

- هل حدثَ شيءٌ ما؟

عانقت ركبتيها وأنبست: تايهيونغ يُذكِرُني..

ثم سكتت وتنهدت وقد ازدادَ عبوسُها أكثر.

- بأبي..

شعرَ جونغكوك بنبضاتِ قلبِه تجمدت، وتراءت له صورُ الكؤوسِ المحطمةِ وكلِّ ذاكَ الرمي والتكسيرِ والصراخِ واللعنِ والشتائمِ التي لطالما تخيلَها منذُ انتقالِهم.. ومن ضمنِها بكاؤُها المريرِ ذاك..

- ه.. هل.. ضَ.. ضربَكِ؟

- لا، أبداً. تايهيونغ طيبٌ وعذبُ التعامُل.. ولكنَه أصبحَ.. لا أعرفُ يا جونغكوك. لقد بدأ يشبُه والدي كثيرًا. يسألُني أينَ كُنت، ولماذا تأخرتُ في الردِ على رسائلِه، ولماذا لم أجِب على مكالماتِه بسرعة. ظننتُ في البدايةِ بأنها طريقتُه في إبداءِ اهتمامِه وحُبِه، ولكن عندما بدأ باتهامي بأشياءٍ لم أفعلها وغضبَ عندما دافعتُ عن نفسي.. ذكرني ذلكَ بما يحصلُ بين أمي وأبي..

ظهرت لمحاتٌ من ذكرى قديمةٍ في رأسِه وهي تتحدث، عندما أنكرَ جيمين بأن له يدٌ في انفصالِ تايهيونغ وجيني، ولكنه وقتها كانَ متعبًا جدًا من كلِّ الدراما التي أحدثاها ولم يرغب بالاستماعِ لجانبِ جيمين من القصةِ بعدَ الشجارِ الكبيرِ الذي حدث بينهما.
لا زالَ يتذكرُ كيفَ دامَ الخِصامُ لأسابيعٍ طويلةٍ لدرجةِ أنه كان يأكلُ بمفردِه طوالَ الوقتَ بما أنهما يرفضانِ التحدثَ مع بعضهما حتى.

عَقَبَاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن