21.

366 40 8
                                    


أصبحت تشي يونغ هي التي تشيحُ بنظرِها عنه في كلِّ مرةٍ يتصادفانِ فيها. لم يعرف بماذا يجبُ أن يشعرَ تجاه كلِّ هذا، واستدامَ الأمرُ لأيامٍ طويلةٍ حتى مضى أسبوعٌ كاملٌ على نفس الحال.

ربما ما يحدثُ جيد، ربما هكذا أفضل، وربما هكذا نسيانُها سيصبحُ أهوّن. هكذا سيذكرُ نفسه للمرةِ المليونِ بأنها انسانةٌ تملكُ حبيبًا وليسَ من حقه تقليلُ احترامِ ذلكَ والتدخلِ فيها، وبهذه الطريقةِ لن يفكرَ بالأمرِ أكثر وقد باتت تتجاهلُ حضورَه.

في بادئ الأمرِ كان تجاهلُها لهُ مؤلمًا، ولكنه متأكدٌ من أن هذا الشعورَ سيتلاشى إن استمرت بتخطيه في الممراتِ وكأنه شبحٌ لا يُرى.
على الأقلِ هكذا أوضحت له انعدامَ أملِ أن شيئًا ما سيكبرُ في صداقتِهِما.. على الأقلِ الآن يعرفُ أن وقتَ الكفِ عن الخيالِ ووقت استبدالِ الإمكانياتِ الوهميّة في رأسِه بالواقِع قد حَان.
لقد اشتاقَ لنفسِه القديمة، عندما كانَ شخصًا قليلَ التفكير، وربما حانَ وقتُ العودةِ لذلك الوقت.

كانَ متمسكًا بأملٍ يقولُ لها أن دفنَ مشاعرِه سيكونُ سهلاً، بل أسهلُ شيئٍ على الإطلاق، وضلَّ ذلك يعومُ في رأسِه حتى اهتدى صدفةً إلى الصورِ التي التقطها لها ذاتَ مرةٍ في هاتفِه.

أخذَ يحدقُ في كلِّ صورةٍ التقطها وهي تأكلُ وتبتسمُ للكاميرا، وكثيرٌ من الصورِ الأخرى التي لم تعرِف فيها أنه التقطها، وأدركَ أن ضحكاتها لا زالت ترنُ في أذنيه، وبكاؤها ينتهكُ حُرمةَ بالِه، حتى الطريقةُ التي تتحدثُ فيها عمَّ تحبُ وتبغضُ والكتبِ التي تقرؤها، والطريقةُ التي تغني بِها بكلِّ مشاعرها، وكيف تبتسمُ بخجلٍ إن مدحها أحد، وكيفَ تصلحُ خصلاتِ شعرها كلما انفلتت على وجهها، وكيفَ تودُ كلَّ شيءٍ تراهُ ظريفًا، وكيف تعبسُ عندما تستاءُ وتغضب، وكيفَ تلمعُ أعينها كلما تحدثت عن شغفِها.. كلها عالقةٌ في رأسِه.

استندَ على ظهرِ الكرسيِ خلفه واصبعهُ فوقَ زرِ الحذف، واستذكرَ للحظاتٍ كلَّ المراتِ التي قابلَ مشاعرَه فيها بالنُكرانِ والهروبِ والتجاهل، وكلُّ الفرصِ التي سنحت وتركها تفوتُه. طالَ تحديقه بهاتفِه حتى تنهدَ ورمى بالهاتفِ على الطاولة.

لطالما قضى وقته متأملاً هكذا، وها هو الآن يقترفُ نفس الخطأ، يفكرُ في كلِّ المراتِ التي أوشكَ فيها بأن يفعلَ شيئًا ما، وكيفَ استحالَ معها كلِّ شيءٍ على بُعدِ كلمتين..( على وشك ).
أدركَ حينها قدر جُبنِه، وأنه ليسَ شخصًا مخاطرًا كتايهيونغ، ولا ذا عزيمةٍ كجيمين. يتباهى أمامِ الجميعِ بأنه قادرٌ على كلِّ شيء، ولكنه في أصلِ الحالِ عاجزٌ عن مجابهةِ حقيقةِ مشاعرِه.

إنه شخصٌ يستطيعُ حملَ عامود البيسبول بمفردِه، ولكن قوته بكلِّها تخورُ ولا تكفي لوضعِ مشاعرِه في كفيه وإعطائها لها.

عَقَبَاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن