11.

329 36 8
                                    


لا يعينه إنّ خرجَت في موعدٍ مع صديقِه العزيز، ولا يعنيه كذلكَ أيًّا يكن ما سيحدثُ وما سيقومانِ به أثناءَ ذلك.
رُبما يقومانِ بكلِّ ما تصورَ بأنه سيقومُ به معها في موعدٍ ما، وهو شيءٌ ما كانَ يجبُ أن يتخيلَه من الأساس.

لا يعنيه حتى إن طالَ الموعدُ لساعاتٍ طويلة، وامتدَ من الوقتِ الذي كانت فيه الشمسُ في كبدِ السماءِ الزرقاءِ إلى أن خارَت واستبدلَ القمرُ حضورَها واسوَّدَت السَماء.

لا يعنيه شأنُها، يعلم، ولكنه يتحققُ من الوقتُ، ويتفقدُ النافذةِ كلَّ برهةٍ علّها تعود، وها هو يقفُ أمامَ البابِ كالتمثالِ يحدقُ في بابِ بيتِها، متماديٍّا إلى حدِ الكذبِ على أبيه بأنّه يستنشقُ بعض الهواءَ حينَ سأله لِمَّ يُتلِّعُ* رقبتَه هكذا لتلكَ الناحية.

فورَ رؤيتِه لسيارةِ تايهيونغ تقترب، ركضَ إلى المطبخِ وأمسكَ بكيسِ قمامةٍ يحوي كيسَ حلوى فقط، وذلكَ لأن والدَه أخرجَ القمامةَ قبلَ قليلٍ فقط، ثم خرجَ يركضُ نحوَ الباب مرةً أخرى.
حاملاً كيسَ النفاياتِ بيدِه، سارَ بتروٍ يختلسُ النظرَ لهما وهما يتحدثانِ بداخلِ السيارة.
 
تظاهرَ بأنّه أدركَ للتو بأنها وصلا، غاصبًا نفسَه على ابتسامةٍ متيّبسةٍ وهو يلوحُ لهما، ولكنه أدارَ ظهرَه مقلبَ العينينَ حينَ خرجَ تايهيونغ من السيارةِ مستعجلاً وفتحَ لها الباب.
رأى كيفَ خجلَت، وتساءلَ إن كانت ستفعلُ المثلُ لو أنها خرجت في موعدٍ معَه.

ازدادَ عبوسُه، غامسًا يداه في حاويةِ النفايات، وقد نسيَ كم كانَ يكرُه الاقترابَ منها، ناهيكَ عن انغماسِ يده بين النفايات. نسيَ كيف كانَ يتهربُ دائمًا من إخراجِ القُمامة..
نسيَ كلَّ شيءٍ حينَ رأى كيفَ أشرقَ وجهها لحظةَ قولِ تايهيونغ شيئًا ما وامتلأ الحيّ بصوتِ ضحكاتِها.
 
لم يخطر ببالِه بأنّه سيتمنى أن يكونَ تايهيونغ في يومٍ ما!

 
" أراكِ في المدرسة. "
قالَ تايهيونغ ملوحًا

اومأت الفتاةُ والخجلُ يقطرُ منها، تحاولُ أن تكبحَ ابتسامتها وهي تسيرُ نحو بيتِها، ورغمَ أن عقلَ جونغكوك كان يحاولُ بكلِّ الطرق أن يعيدُه لبيتِه، لأن كلّ هذا لا يعنيه، إلا أنه وجدَ نفسَه يسيرُ نحو تايهيونغ.

التفتَ لها، يرجو في داخلِه أن تلتفتَ إليه، لإنه حاضرٌ هُناك، ولأنه يريدُ منها اهتمامًا كذلك، وكأنها أحسَت بذلك، التفتت إليه، ولكنها التفتت لتايهيونغ بسرعةٍ لحدٍ لم تتح له فرصةُ أن يبتسمَ لها حتى..
وابتسمت أوسعَ ابتسامةٍ قد رآها على محياها، كما يظُن.

وعلى الرغمِ من طنينِ الألمِ في صدرِه، إلا أنه ابتسمَ لصديقِه مُجبرًا.
 
" كيف كانَ الموعد؟ "

لا يهتمُ بذلكَ قطعًا، ولا يريدُ أن يعرف حتى..

ضربَ جونغكوك كفَه بكفِ تايهيونغ، بعدَ أن التفتَ له تاهيونغ أخيراً حينَ أُطبِقَ بابُ الجيران، متأكدًا من أن يطبقُ قبضتَه على يدِ صديقِه علَّ رائحةَ النفاياتِ النتنةِ ستلتصقُ بِه.

" أظنُ أني معجبٌ بِها.. "

ضحكَ تايهيونغ، فيما كادَ جونغكوك يموتُ كي يذكرَه بأنَ عينُ الشيءِ الذي يقولُه في بعدَ كلَّ موعدٍ معَ فتاة..

 ****

عَقَبَاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن